دراسات وأبحاث أحمد موسى

المقالات والدراسات الواردة في هذه الصفحة هي بالترتيب كما في الجدول التالي :
عنوان الدراسة أو المداخلة
المرجع
1/ علل تأثير الثقافة العربية في الثقافة الفارسية
دراسة نُشرت في مجلة جامعة القرويين المحكّمة، العدد 14، سنة 2014
2/ اللغة الفارسية في القرآن الكريم
مقالة نشرت في مجلة كلية الآداب بالجديدة، العدد 14، سنة 2013.
3/ الكندي بين اهتمام العرب وعناية الفرس
مداخلة ألقيت في ندوة الكندي المنعقدة بمدينة وجدة سنة 2013
4/ النيروز وطقوسه الاحتفالية في الثقافة الإيرانية.
مداخلة ألقيت في المركز الإفريقي للدراسات الآسيوية بالرباط
5/ تيمة "الحب" عند حافظ الشيرازي وابن الفارض
مداخلة ألقيت في المؤتمر الدولي حول حافظ الشيرازي بتونس سنة 2012
6/ علل تأثير الثقافة العربية في الثقافة الفارسية
مجلة "القرويين" سنة 2012
7/ رمزية الرقص والسماع في الطريقة المولوية
مداخلة ألقيت في المؤتمر الدولي الثاني حول التصوف والسماع بالجديدة، سنة 2007
8/ تأملات في شعر الملمعات.
مجلة الدراسات الأدبية، العدد 67 سنة 2009
9/ ترجمه ادبى از فارسى به عربى رباعيات خيام به عنوان نمونه.
مجلة "بهارستان" جامعة سراييفو
10/ عمالقة الأدب الفارسي : عمر الخيام، شاعر الأفكار والفلسفة.
مجلة "كلية الآداب والعلوم الانسانية" الجديدة. ع 12
11/ عمالقة الأدب الفارسي : سعدي الشيرازي، شاعر الانسانية.
مجلة "كلية الآداب والعلوم الانسانية" الجديدة. ع 13
12/ نظريه متكامل آموزش زبان فارسى در دانشكاه شعيب الدكالي.
ششمين مجمع بين المللى استادان زبان فارسى، 2009
13/ الترجمة الأدبية من الفارسية إلى العربية ومشكلاتها.
مؤتمر "استقبال الأدب الفارسي في الوطن العربي" دمشق 2006
14/ پيشينه ايرانشناسى در كشور مغرب.
دومين همايش بين المللى ايرانشناسى، تهران 2004
15/ الأدب القصصي الإيراني الحديث بين التأسيس والتجنيس.
مجلة "الدراسات الأدبية" ع 66، سنة 2009
16/ الأدب القصصي الايراني قبل الثورة.
الموقع الالكتروني لجمعية اللسان العربي الدولية
17/ نظرة إلى الشعر  المعاصر الايراني.
الموقع الالكتروني لجمعية اللسان العربي الدولية
18/ الشعر الفارسي في مرحلة التجديد، نيما يوشيج نموذجا.
مجلة "تحقيق" ع 30، السنة 2009




علل تأثير الثقافة العربية في الثقافة الفارسية

د/ أحمد موسى

(مقالة نشرت بالعدد رقم 14، سنة 2014، من مجلة جامعة القرويين بفاس/المغرب)




تهدف هذه المقالة إلى بيان الأسباب، وشرح العوامل التي كانت وراء تأثير الثقافة العربية على نظيرتها الفارسية، وقد أقبلت على البحث في هذا الموضوع، في هذه المقطع التاريخي بالذات، لما تكتسي هذه المرحلة من التاريخ الإسلامي من أهمية، وكذلك لما أثير ويثار، في المنابر الأدبية والأبحاث المقارنة، من نقاش وجدال حول أسباب هذا التأثير ودواعيه وكذلك تداعياته. وقد توخيت في هذا البحث المتواضع الدقة العلمية والأمانة في النقل من المظان العربية والفارسية على حد سواء.
يعتبر فتح العرب المسلمين لبلاد فارس أهم حدث عرفته هذه الأخيرة في تاريخها، لما كان له من تداعيات سياسية وثقافية متعددة الجوانب. بحيث إن تأثير الثقافة العربية في المجتمع الإيراني من بين أهم هذه التداعيات. ومما لا شك فيه أن تأثير الثقافات في بعضها البعض، وخصوصاً الثقافة الغالبة على الثقافة المغلوبة، يؤدي، على مر التاريخ، إلى تغيرات عميقة وشاملة، لدرجة يمكن أن تحل ثقافة محل أخرى، أو تختلط إحداهما بالأخرى، لتبرز ثقافة جديدة بمعالم مغايرة عن أصلها. وهذا الأمر هو الذي حدث بين الثقافتين العربية والفارسية. فبالرغم من أن إحداهما لم تلغ الأخرى، إلا أن طابع الثقافة العربية الإسلامية كان واضحاً على الثقافة الفارسية منذ الفتح الإسلامي لبلاد فارس إلى يوم الناس هذا.
لقد ساهمت عوامل عديدة في التعامل بين الثقافتين العربية والفارسية. فتاريخ التعارف بينهما قديم يعود إلى ما قبل الإسلام. حيث كانت روابط الجوار الجغرافي وعلاقات النسب وصلات سياسية وثقافية واجتماعية وراء تمازج العرب والفرس، الذي انتهى بحدوث تحول جذري مع الفتح الإسلامي لإيران وخضوعها لحاكمية العرب ردحاً من الزمن، مما كان له آثار عميقة في النفسية الفارسية.
أسباب تعلق الإيرانيين باللغة العربية وثقافتها:
لمّا دخل الاسلام إلى بلاد فارس دخل بلسان عربي مبين. ووجد الفرس الذين كانوا قد ضاقوا ذرعاً بجور الحكام الساسانيين ومرازبتهم[1]، متشوقين غاية الشوق، لاعتناق الدين الإسلامي الحنيف ورفع رايته وخدمة لغته. ومنذ ذلك الوقت انحسرت اللغة الفارسية الفهلوية[2]، وأقبل الفرس على اللغة العربية بوصفها لغة الدين الجديد، معتبرين إياها لغة الفاتح، فأولوها عنايتهم وانبروا لتعلمها وإتقانها. ويمكننا حصر أسباب هذا الاقبال فيما يلي :
تبادل الزيارات بين الوفود العربية والإيرانية، وتردد التجار العرب على بلاد فارس واستقرارهم بها، واختلاطهم بأهلها. فقد كان بعض الخطباء العرب يفدون إلى إيران قبل الإسلام وكان الإيرانيون يكرمونهم إكراماً عظيماً[3]. والأعشى، وهو أشهر من أن يُذكر، وعلى الرغم من ضعف بصره فقد كانت له قريحة نفّاذة، ومع أنه كان يعشو في رؤيته، فقد كان يقطع مسافات طويلة ويأتي إلى إيران حباً منه للإيرانيين الذين كانوا يكرمون وفادته ويشتاقون إلى الاستماع لأشعاره العربية، وقد ذكرت وفادة الأعشى لإيران في مختلف الكتب وكان لها أثران مهمان وهما : تأثر الإيرانيين باللغة العربية التي كان الأعشى ينشد بها أشعاره، وتأثر الأعشى باللغة الفارسية، حيث يشاهد بعض الكلمات الفارسية في بعض أبياته. وقد جاء إلى إيران عدة مرات بأشعاره العربية، وقالت عنه موسوعة المورد : "وفد على ملوك فارس فمدحهم، وسار شعره العذب على الألسنة"[4]، والمعروف أن الأعشى كان يفد على بلاط الساسانيين ويمدحهم وينال الجوائز منهم[5].
من ناحية أخرى يقر أحمد بن أبي يعقوب المعروف باليعقوبي في كتابه [تاريخ البلدان] بأن فارسية أهل خوزستان اختلطت كثيراً بالعربية لكثرة ارتباط أهلها بالعرب[6]. أما في المجال التجاري[7] فقد كان التجار الإيرانيون يتوافدون على الحجاز. وكان بعض منهم يعيش في اليمن.
إن اعتناق الدين الإسلامي وضرورة تعلم اللغة العربية لقراءة القرآن وأداء الصلاة والواجبات الدينية، ونشر الأحاديث بين بني جلدتهم، تعتبر من العوامل الأخرى لإقبال الفرس على اللغة العربية. إذ لا يخفى شغف الناس بهذا الدين الذي أعتقهم من ربقة العبودية لمرازبة الفرس، والتحرر من نظام المجتمع الطبقي، كما يقول آرثر كريستنسن بأن مراتب المقامات والطبقات في ذلك العهد كانت معقدة جداً ومظلمة[8]. ويتجلى ذلك في الحب الشديد للدين الجديد، والإقبال على لغته وثقافته وترك لغتهم الأم. وحبهم للقرآن الكريم ولغته كان بارزاً في قول عالم الدين والفيلسوف الإيراني الشيخ مرتضى مطهري : "سحر القرآن وجاذبيته اللفظية والمعنوية وأحكامه الخالدة للعالمين، كل هذا جعل المسلمين، على اختلاف جنسهم ولونهم، يتبنّون هذه التحفة الإلهية وينجذبون إلى لغة القرآن، وينسون لغتهم الأم، وهذا كان حال كل الأمم المعتنقة للإسلام"[9].
وكان نتيجة ذلك، أن عرفت اللغة والثقافة الفارسيتين ركوداً. إذ كانت المراسلات الإدارية وكل شؤون الخلافة التي كانت إيران جزءاً منها تحرر باللغة العربية. وكان الأمراء يُعيَّنون من قبل الخليفة على مختلف الولايات، وكانوا بالطبع عرباً، ينشرون تعاليم الاسلام في الممالك المفتوحة ويعلمون الناس لغة التنزيل. "بعد تحكم الإسلام في إيران، أصبحت اللغة العربية هي اللغة الرسمية والإدارية للإيرانيين. إذ كانت الأحكام والفرامين تصدر باللغة العربية. وراجت الكتابة باللغة العربية في ظل الخلافة الأموية، حتى كان أغلب الشعراء والكُتَّاب الإيرانيين ينظمون أشعارهم ويدونون كتبهم باللغة العربية، ويكفي أن نستشهد بالصاحب بن عباد وابن العميد"[10].
ومن العوامل الأخرى في هذا المسار تشكيل المجتمع الاسلامي القائم على دين وفكر واحد وثقافة ولغة واحدة. وهذا الأمر أدى إلى انصهار جميع العناصر غير العربية، ومن بينها الفرس، في بوتقة المجتمع الإسلامي العربي. ولقد كان لهذا التوحد فضل على الفرس في توحيد أفكارهم وعقائدهم المشتتة بين الزردشتية والمانوية والمزدكية، وجمعهم على قلب رجل واحد وعلى دين واحد. وفي هذا الصدد يقول الدكتور عبد الحسين زرينكوب في كتابه (تاريخ الشعب الإيراني من نهاية العهد الساساني إلى عهد البويهيين) : "تقبل العديد من الناس بشكل تدريجي دخول الجيش المهاجم إلى بلادهم بصدر رحب، وكان هذا الجيش في أوساط بعض الطبقات بمثابة المنقذ من هيمنة النجباء وأصحاب البيوتات التي سيطرت على المجتمع الايراني منذ عهد هرمز خسرو...المنقذ من سلطة رجال الدين الزردشتي الفاسدين..."[11]. إذن، كان دخول الإسلام والاقتداء بالقرآن الكريم مقدمة لبسط سيطرة اللغة والثقافة العربيتين على بلاد فارس، حيث كانت المدينة المنورة مرجعاً وحيداً للفقه والحديث في بداية الدولة الإسلامية. ومنذ ظهور الإسلام وحتى نهاية عصر الخلفاء الراشدين سنة 41 هـ، كان القرآن الكريم الكتاب الوحيد المنتشر بين المسلمين الذين اهتموا بحفظه وجمعه واستندوا عليه في احتجاجهم. إذن، كان للعوامل التي أشرنا إليها الدور الأساس في إهمال الفرس لثقافتهم الأم في بدء الإسلام واهتمامهم في المقابل باللغة العربية وعلومها وآدابها. يقول الشيخ مرتضى مطهري في هذا الصدد : "إلى حدود نهاية القرن الرابع الهجري كانت الثقافة الإسلامية قد بسطت نفوذها الكامل في إيران، وتأسست المدارس العلمية في مناطق مختلفة، وظهر الدين الإسلامي على سائر الأديان، وهزمت مقاومة الزردشتيين في نواحي إيران كلها هزيمة نكراء، واصطبغت الثقافة الإيرانية بصبغة إسلامية. واتخذت القرارات على أساس العادات العربية ومبادئ الدين الإسلامي. وكان نتيجة ذلك، ازدياد نقل الكُتَّاب والشعراء الإيرانيين من المضامين العربية..."[12]. أما الدكتور عبد الحسين زرينكوب، المؤرخ الإيراني المعاصر فهو لا يخفي تعصبه لعرقه ولغته، وهو يقر بهزيمة الحضارة الايرانية أمام الدين الجديد، وأسلوبه ينم عن حقد دفين للعرب وللغتهم حين يقول : "كانت اللغة العربية قبل هذا العهد لغة قوم شبه متوحشين، خالية من أي لطف أو جمالية. ومع ذلك حينما ارتفع صوت القرآن والأذان في سماء إيران الشاهنشاهية، خمدت اللغة الفهلوية في مقابله ولزمت الصمت. مما حذا بلغة إيران إلى الاضمحلال في ظل بساطة الرسالة الجديدة وعظمتها. ولم تكن هذه الرسالة الجديدة سوى القرآن الذي أعجز فصحاء العرب وأسكت عمق معانيه العرب"[13]..




[1]  جمع مرزبان، وهو اسم علم مذكر فارسي، ومعناه حارس الحدود، مركب من مرز (حدود البلاد)، وبان (الحارس)، ثم صارت رتبة عسكرية عالية.
[2]  أورد ياقوت الحموي في معجم البلدان، في الجزء الرابع ذيل كلمة "فهلو" أن كلام الفرس قديماً كان يجري على خمسة ألسنة وهي الفهلوية (البهلوية)، والدرية، والفارسية، والخوزية، والسريانية. فأما الفهلوية فكان يجري بها كلام الملوك في مجالسهم، وهي لغة منسوبة إلى "فهلة"، وهو اسم يقع على خمسة بلدان هي : اصبهان (اصفهان)، والري، وهمذان (همدان)، وماه نهاوند، وآذربيجان (آذربايجان). كما نقل ياقوت الحموي عن ابن المقفع قوله أن بلاد الفهلويين سبعة هي : همذان، وماسبزان، وقم، وماه البصرة، وماه الكوفة، وقرميسين. وليس الري واصبهان، والقومس، وطبرستان، وخراسان، وسجستان، وكرمان، ومكران، وقزوين، والديلم، والطالقان من بلاد الفهلويين.
[3]  قصص العرب (تأليف عدد من الأساتذة المصريين)، طبع دار احياء الكتب العربية، 2003 . ق، ج 1، ص 19. نقلاً عن : حسين جوبين، صداقة الفرس والعرب قبل الاسلام وأثرها في الأدب العربي، ص 5.
[4]  البعلبكي، منير، موسوعة المورد، بيروت، سنة 1981 م، ج 5، ص 163.
[5]  الحمامي، سيد محمد علي، المطالعات في مختلف المؤلفات، طبعة النجف الأشرف، ص 21.
[6]  تاريخ مردم ايران، ساسانيان تا ديالمه، [تاريخ شعب إيران، منذ الساسانيين إلى الديالمة]، ص : 29
[7]  أحمد أمين، فجر الاسلام، ص : 13-22
[8]  آرثر كريستنسن، ايران در زمان ساسانيان، [إيران في عهد الساسانيين] 1989، ص 121.
[9]  مرتضى مطهري، خدمات متقابل اسلام و ايران، [الخدمات المتبادلة بين الإسلام وإيران]، ص : 604.
[10]  سيد جعفر سجادي، نقد تطبيقي ادبيات ايران وعرب، [النقد المقارن للأدب الإيراني والعربي]، ص : 255
[11]  عبد الحسين زرينكوب، تاريخ مردم ايران از يان ساسانيان تا آل بويه، [تاريخ الشعب الإيراني من نهاية العهد الساساني إلى عهد البويهيين]، ص : 11
[12]  مرتضى مطهري، خدمات متقابل اسلام و ايران، [الخدمات المتبادلة بين الاسلام وإيران]، ص 83
[13]  عبد الحسين زرينكوب، دو قرن سكوت، [قرنان من الصمت]، ص 112

اللغة الفارسية في القرآن الكريم 

د/ أحمد موسى


(مقالة نشرت بالعدد رقم
14، سنة 2013، من مجلة كلية الآداب بالجديدة/المغرب)

    
   الدخيل الفارسي في اللغة العربية من القضايا المهمة التي تناولها القدماء بالدرس والتبيين، خاصة أصحاب المعاجم منهم، ويحظى هذا الدرس بالأهمية القصوى حينما يتعلق الأمر بالنص القرآني الكريم، لما لذلك من تأثير على الدراسات اللغوية والدينية. وقد تبايت آراء العلماء المسلمين حول وجود المعرب الفارسي في القرآن الكريم بين مجوّز ورافض وواقف موقفاً وسطاً. ونحن في هذه المقالة، أشرنا لماماً إلى هذه المواقف، وركّزنا البحث في استنباط المفردات الفارسية أو ذات الأصل الفارسي الموجودة في القرآن الكريم، وقمنا بعرضها على طاولة الدرس، مستأنسين ومستشهدين بكتب المعاجم والمعرّبات القديمة والحديثة..وقدمنا للقارئ والباحث ثبتاً بجميع المفردات الفارسية الواردة في كتاب الله العزيز مع توثيقها، وتقديم الشروحات اللازمة...
     وقد نشرت هذه المقالة مؤخراً في مجلة كلية الآداب والعلوم الانسانية بالجديدة، في عدد رقم 14 من سنة 2013.

&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
  
النیروز وطقوسه الاحتفالية في الثقافة الإيرانية 
د/ أحمد موسى
(محاضرة ألقيت في المركز الإفريقي للدراسات الآسيوية في الرباط)

النوروز أو كما يُطلق عليه في اللغة العربية [النيروز]، هو أكبر الأعياد الإيرانية القومية وأشهرها على الإطلاق، تعود جذوره إلى آلاف السنين، حيث كانت الأقوام الآرية التي سكنت فلاة إيران في الأزمة الغابرة تحتفل باليوم الأول في السنة الموافق لبداية فصل الربيع، وتخصه بمراسم يطبعها الاحتفالية والسرور. يُرجع بعض الباحثين جذور هذا العيد إلى عهد الملك الإيراني الأول وهو جمشيد البيشدادي[1]، ويسمون النيروز باسمه (النيروز الجمشيدي).
يعتقد هؤلاء الباحثون -وعلى أساس ما جاء في الأساطير الإيرانية القديمة-، أن الملك جمشيد كان اسمه في أول الأمر [جم]، حينما وصل إلى أذربيجان أمر ببناء عرش مرصّع يكون في موضع مرتفع مقابلٍ لمطلع الشمس، ووضع فوق رأسه تاجاً مرصّعاً، وجلس على عرشه حتى طلعت الشمس وانعكس شعاعها على تاجه وعرشه، فانبعث منهما برق لامع أخّاذ. ففسّر الناس ذلك بيوم جديد، ولذلك أضافوا اسم "شيد" وهو يعني الشعاع في اللغة البهلوية، إلى اسم "جم"، فأضحى اسم الملك "جمشيد"، وأقاموا حفلاً عظيماً، وسمّوا ذلك اليوم بالنيروز.
 لكن أهم عامل يميّز النيروز عن سائر الأعياد الإيرانية القديمة ويجعله خالداً إلى اليوم هو -باعتقاد هؤلاء الباحثين- الفلسفة الوجودية التي ينطوي عليها هذا العيد، وهي التوالد والاستمرارية التي تتجسد في الطبيعة مع بداية كل سنة جديدة.
وهذا العيد –حسب الباحث في العلوم الاجتماعية سيد حبيب الله هاشمي پور- له ثلاثة أبعاد : بعد فلكي، وبعد قومي، وبعد ديني. فمن الناحية الفلكية يوافق يوم النيروز الاعتدال الربيعي، يعني حين تستوي الشمس على مدار الاستواء، ويتساوى الليل والنهار. وهو اليوم الذي تصحو فيه الطبيعة من نوم الشتاء وتبتدئ حياة جديدة. كان من المتعارف عليه في العهد الساساني أن الناس يأخذون الغلاة والحبوب ويزرعونها قبل النيروز بخمسة وعشرين يوماً على سبعة أعمدة، والتي تعطي غلة جيدة يعتقدون أن محصولها سيكون هو الأفضل في تلك السنة.
من الطقوس المواكبة لهذا العيد ما يسمى بـ خانۀ تکانی، أي أن الناس قبيل حلول هذا اليوم يقومون بتنظيف البيوت والأثاث. وارتداء الثياب الجديدة وتبادل الزيارات والهدايا.
يقول عالم الاجتماع الدكتور ميرزابي في هذا الصدد : "إقامة الحفلات والأعياد الجماعية هي واحدة من رموز الحياة المشتركة. التجمعات التي تنعقد بنية التعبد والامتنان مع السرور والحبور. وعلى هذا الأساس يمكن تقسيم الأعياد والحفلات في المجتمع الإيراني إلى ثلاثة أقسام مهمة : الأعياد الدينية والمذهبية، الأعياد والحفلات القومية والبطولية، والأعياد القديمة والأسطورية. حظي  السرور والحبور في المجتمع الإيراني القديم بأهمية قصوى بصفته عنصراً يمنح القوة لروح الإنسان. فكان الإيرانيون القدماء وعلى أساس معتقدهم الزردشتي يحيون أربعة أعياد خاصة بالسرور والابتهال، وهي : تيرگان[2]، ومهرگان[3]، وسده[4]، واسپندگان[5].
فيما كُتب للنيروز الخلود والاستمرارية لما ينطوي عليه من فلسفة تمنح الطراوة للطبيعة وروح الإنسان.
والنيروز زيادة عن كونه العيد الرسمي لرأس السنة، فإنه اليوم الأول من شهر "فروردين" (21 مارس إلى 20 أبريل) الذي يقابل برج الحمل، أول شهور السنة الفارسية، ويصادف حلوله حدوث الاعتدال الربيعي، في نفس الوقت الذي تُتِمُّ فيه الأرض دورتها السنوية حول الشمس، لتبدأ دورة جديدة. في ذات الوقت تعلن طلقات المدفع حصول "التحويل"، كما يقال في إيران، فتبدأ الأفراح استبشاراً بحلول عهد جديد تتحول فيه الطبيعة ـ ومعها الإنسان ـ من فترة الفاصل الذي يمحو الزمن ويضع حداً للماضي، ولكن يعلن في آن واحد عن "العودة"، عودة الحياة وتجددها.
يخص الإيرانيون الاحتفال بعيد النيروز بمختلف الأطعمة والأشربة، ولكن بالخصوص بالمائدة الخاصة بهذه المناسبة، والتي يطلقون عليها اسم "سفرۀ هفت سين" [مائدة السينات السبعة]. فهذه السفرة تُفرش على الأرض كما على المائدة، ويجتمع حولها جميع أفراد العائلة لحظة تحويل السنة الجديدة. تحتفظ الأسر بهذه السفرة بمحتوياتها طيلة ثلاثة عشر يوماً، وهي عدد أيام الاحتفال بأعياد النيروز في العادة، إذ يختمون يوم 13 فروردين، الذي يعرف في إيران باسم "سيزده بدر" وهو الاسم الذي يطلق على آخر أيام النيروز، احتفالاتهم بنزهة عامة في الحدائق لا يتخلف فيها أحد عن الخروج إلى المنتزهات والطبيعة لإبداء الفرح. وتغتنم العائلات الفرصة في ذلك اليوم لتأخذ نبات الحبوب التي زرعتها، وزيّنت بها سفرة "هفت سين"، كي تلقي بها في أحد جداول الماء، فتحملها مياهه مثقلة بأماني الخصب والرخاء. تحتفل بعض الأقوام الأخرى التي تشترك مع الإيرانيين في الأصل والمنشأ أو في الثقافة والتقاليد كالأفغان والطاجيك والأرمن والأكراد والزردشتيين بعيد النيروز بنفس الطريقة.
السينات السبعة :
تؤثث مائدة عيد النيروز، حسب العادات والتقاليد، بسبعة أشياء أو أكثر، تبتدئ جميعها بحرف السين، تُختار من بين الأشياء التالية : سیر [الثوم]، سیب [التفاح]، سبزه [النبات الأخضر]، سنجد [نوع من الشجيرات، يعرف في بلاد الشام بالزيزفون]، سرکه [الخل]، سمنو [حلويات تحضر من القمح والدقيق]، سماق [السماق]، سنبل [الخزامى]، سکه [قطعة نقدية]، سپند [اسفند الشهر الأخير في السنة الايرانية]، سپستان [شجرة متوسطة الحجم متساقطة الأوراق، تعرف بالعربية باسم مخيط]، سوهان [نوع من الحلويات تشتهر بها مدينة قم]، سوسن [نوع من الورود يسمى بالعربية زنبق]، سرمه [كحل]، سنگگ [خبز تقليدي يحضر في أفران من الحجر]، سبزی [خضروات]، سیاهدانه [الحبة السوداء].
ترمز هذه السينات وغيرها من مكونات مائدة النيروز إلى مفاهيم من قبيل : الخصوبة والتوالد والوفرة والثروة. وتشير بعض هذه المكونات أيضاً إلى بعض الآلهة الإيرانية في الديانة الزردشتية كـ : آناهيتا وسپندارمد.
يعتبر النبات الأخضر من مكونات السفرة الأساسية، وهو يُكوَّن من الحبوب أو الفصة (البرسيم الحجازي) أو العدس، ويمكن استنباته في مزهرية داخل البيوت. كما يمكن اعتبار السمنو، وهو عبارة عن حلويات معجونة تُحضّر من جذع سنبلة القمح مع الدقيق، ويتم تحضيره قبل حلول النيروز بأيام. وكذلك يعتبر "سنبل" (الخزامى) من العناصر الخاصة في هذه السفرة والتي يقل تواجدها في سائر السنة.
وحسب بعض الباحثين، يجب أن تتوفر في العناصر المُكوِّنة لسفرة النيروز [هفت سين] الشروط الخمسة التالية :
1.  1.     أن تبتدئ الكلمة بحرف السين.
2.  2.     أن تكون الكلمة فارسية وأصيلة. (لذلك فـ "سنبل" لا يمكن اعتباره جزء من السفرة لأنها كلمة عربية الأصل).
3.  3.     أن تكون من أصل نباتي. (لذلك لا يمكن اعتبار السكة، أي العملة النقدية جزء من السفرة لأن منشأها ليس نباتياً).
4.  4.     أن تكون الكلمة بسيطة وغير مركبة وغير مشتقة. (لذلك لا يمكن اعتبار "سياهدانه" جزء من السفرة لأنها كلمة مركبة من سياه ودانه).
5.  5.     يجب أن تكون هذه المكوِّنات من المأكولات. (لذلك لا يمكن اعتبار "سبند" جزء من السفرة، لأنه لا يؤكل).
لذلك وحسب الشروط المذكورة أعلاه، فالسينات السبعة المكونة للسفرة هي : سير، سركه، سمنو، سنجد، سماق، سيب، سبزه...

مكوّنات أخرى :
من المتعارف عليه وضع مكونات أخرى غير التي ذكرنا من باب إضفاء الزينة أو إكمال السفرة، من هذه الأجزاء يمكن الإشارة إلى : المرآة، الكتاب المقدس (القرآن أو التوراة أو الإنجيل، أو ديوان حافظ أو ديوان الفردوسي)، الشمعدان (في بعض التقاليد يوضع الشمع بعدد أفراد الأسرة)، البيض الملوّن، الفاكهة، الورد، الحلويات، الفواكه الجافة، الخبز، الحليب، اللبن، الجبن، ماء الورد، العسل، السكر، وعاء بداخله سمك، نبتة البيدمشك، مروحة، خضروات.

تاريخ طقوس "هفت سين" ورمزيتها :
تشير موسوعة إيرانيكا إلى أن تاريخ هذا التقليد يعود إلى عهود جد قديمة، وبالضبط إلى عهد جمشيد الملك الأسطوري للفرس. وقد جاء في بيتين شعريين بشكل واضح أن أصل هذا التقليد يرجع إلى الدولة الكيانية وأن هذه السفرة كانت في الأصل بسبعة شينات :
روز نوروز در زمـــــــــان كيـــــــان        مـى نهادنــــد مـــــــردم ايـــــــــران
شهد و شير و شراب و شكـر ناب     شمع و شمشاد و شايه اندر خــان
فكرة الشينات السبعة وجدت تأييداً لدى بعض الباحثين الذين يعتبرون أن عنصر "شراب" [الخمر] وبدواعي دينية تم استبداله بـ سركه [الخل]، وهكذا تم استبدال "هفت شين" بـ "هفت سين". لكن البعض ردّ هذه النظرية لكون هذه المكونات فيها بعض الكلمات العربية (شهد وشراب وشمع)، كما يلاحظ غياب بعض المكونات الأساسية للسفرة كـ سمنو...وهناك من ربط "هفت سين" بـ "هفت سيني" (السينيات السبعة)، وهناك من اعتبرها سبعة ميمات "هفت ميم". أو هي ترجع إلى "هفت چین" أي "هفت چیدنی" بمعنى سبعة مفروشات.
يمكن ربط مكوّنات سفرة "هفت سين" بالمعتقدات الدينية الزردشتية، وخاصة بالآلهة. إذ إن الآلهة الستة المقرّبة إلى اهورا مزدا والمعروفة باسم امشسپندان، وما ترمز إليه، نجدها حاضرة في سفرة النيروز، حيث يرمز شير [الحليب] إلى الإله وهومن أو وهمن أو بهمن، الإله المذكر بمعنى الفكر الحسن، والموكل بالأنعام النافعة. ويرمز سپند و بیدمشک [نوع من الشجر للزينة] إلى الإله سپندارمذ، وهو إله مؤنث يعني التواضع والإخلاص، وهو حارس الأرض. ويرمز وعاء الماء والسمنو إلى الإله آناهيتا، وهو إله أنثى مختص بالماء والمطر والتوالد. والسمنو يرتبط بهذا الإله من حيث أنه مادة محفزة جنسياً.
يرمز السمك الأحمر الذي يكون بداخل الوعاء إلى الحياة والحركة والنشاط، وهو يشير كذلك إلى برج الحوت وشهر اسفند، آخر شهر في السنة الإيرانية، كما يرمز للتوالد والتكاثر. أما النبات الأخضر والسنبل (الخزامي) فهو رمز للسرور والحياة المتجددة. وتشير المرآة إلى الشفافية والصفاء واللون الواحد. والماء رمز للطهر والنقاء. كما ترمز القطعة النقدية للثروة والغنى. ويرمز البيض للتناسل والتوالد، ويكون عدده عادة بعدد أفراد الأسرة. ويرمز الشمع إلى الضياء وطول عمر جميع أفراد العائلة. الورد رمز للحب والوئام والفرح. ويرمز الخل للفرح، فيما يرمز السمنو للخير والبركة بسبب تحضيره من القمح والدقيق. وترمز الحلويات إلى حلاوة الحياة وحلاوة اللسان. والتفاح رمز للصحة والتوالد والحب والعشق والحنان. والثوم رمز لحارس السفرة وطارد المرض. والسماق يرمز إلى لذة الحياة. ويرمز السنجد إلى الحب والغرام والحياة. فيما تمنح الفواكه والفواكه الجافة البركة للسفرة، وكذلك الشأن بالنسبة للخبز. ويرمز اسفند إلى الريح الطيب.  

المراجع المعتمدة :
ü     موسى، أحمد، مقالة (النيروز في الشعر العربي حتى القرن الخامس الهجري)، مجلة نامۀ پارسی.
ü     مدخل مبحث "هفت سين" في موسوعة إيرانيكا، علي رضا شابور شهبازي.
ü     برومند، جواد، نوروز جمشید[نيروز جمشيد].
ü     آدینه، اسفندیار،نطهران 2009.
ü     کیهانی‌زاده، نوشیروان،([النيروز : ظهوره وبعض الأحداث التي وقعت في مثل هذا اليوم]. طهران، 2009.
ü     معین، محمد [عيد النيروز] مقالة منشورة بدائرة المعارف الكبرى، محفوظة بتاريخ بتاريخ 9 يونيو 2012.




[1]  أحد الملوك الأسطوريين في تاريخ إيران، ورد ذكره في كتاب الأبستاق (اوستا)، والنصوص البهلوية، والنصوص الإسلامية. نُسبت إليه في الأساطير الإيرانية أعمال خارقة جداً. أما في الشاهنامة فجمشيد هو ابن طهمورث بن سيامك بن كيومرث، وهو ملك عظيم، يفقد في نهاية المطاف -وبسبب أنانيته- عظمته الإلهية، ويُقتل نتيجة لذلك على يد الضحاك..
[2]  أحد الأعياد الإيرانية التي تقام في يوم تير من شهر تير، أي ما يوافق 13 تير من كل سنة (3 يوليوز) يقام هذا العيد لشكران نعمة حصاد الزرع. ويقال كذلك أنه يقام احتفاء بالنجم تيشتر (النجم المسؤول عن إدرار المطر في الثقافة الإيرانية). كما ورد في كتب التاريخ أن هذا العيد يوافق اليوم الذي أطلق فيه البطل الأسطوري الإيراني آرش كمانگير سهمه في اتجاه جبل البرز.
[3]  مهرگان أو جشن مهر، هو أكبر الأعياد الإيرانية القديمة بعد النيروز، يقام في يوم مهر من برج مهر. يبتدئ هذا الحفل يوم السادس عشر من مهر (7 أكتوبر) ويستمر ستة أيام. كان الناس في العهد الساساني يعتقدون أن اهورا مزدا خلق الياقوت في يوم النيروز وخلق الزبرجد في يوم المهرجان. والإيرانيون القدماء يؤمنون أنه خلال هذا اليوم قام كاوه آهنگر ضد الضحاك، وانتصر فريدون على ثعبان الضحاك. يعود تاريخ الاحتفال بهذا العيد إلى الألفية الثانية قبل الميلاد.
[4]  هو من الأعياد الإيرانية يقال في العاشر من شهر بهمن (29 يناير). يبدأ هذا الاحتفال بإشعال الناس للنار في الحطب الذي يجمعونه منذ الصباح الباكر ويضعونه على الأسطح أو فوق مرتفعات. وما زال أتباع الديانة الزردشتية يحتفلون بهذا العيد في مختلف أنحاء إيران وحتى خارجها بإشعال النار والاحتفال حولها بقراءة الأذكار والرقص والغناء.
[5]  اسفندگان آو عید مردگیران، أحد الأعياد الإيرانية، يقال يوم الخامس من اسفند (23 فبراير). كان الإيرانيون القدماء يحتفون في هذا اليوم بالأرض والمرأة، حسب ما أورد البيروني في كتابه الآثار الباقية.
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تـــأمــلات فـی شعـــر المُلمَّعـــــات  
د/ أحمد موسى[1]
(مجلة الدراسات الأدبية، العدد 67-68-69 سنة 2009)
خصصت مجلة "الدراسات الأدبیة" عددها الأخیر  الصادر تحت رقم 67و68و69 سنة 2009لنشر مجموعة منتقاة من الدراسات والأبحاث المقدَّمة للمؤتمر الدولی حول الأدب المقارن العربی الفارسی والذی انعقد بالجامعة اللبنانیة فی بیروت شهر مای 2010 . وقد نُشرت مداخلتی المعنونة بـ "تأملات فی شعر الملمعات" ضمن هذا العدد، ولإطلاع القارئ على الخطوط العریضة للمقال أعرض هذا الملخص، على أن الدراسة منشورة بالکامل فی المجلة المذکورة.
   إن علاقة اللغتین العربیة والفارسیة متعددة الأبعاد ومتشعبة المناحی، تفرض على الدارس أن یبحثها ویُحقِّق فیها على ثلاثة مستویات : المستوى الأول، تأثیر اللغة العربیة وثقافتها فی اللغة الفارسیة، المستوى الثانی تأثیر اللغة الفارسیة وثقافتها فی اللغة العربیة، والمستوى الثالث هو الدراسة المقارنة بین الأدبین العربی والفارسی الذی هو ناشئ من المرحلتین معاً. وهو ما سیُسلط علیه الضوء فی هذا المؤتمر العلمی من خلال مختلف المداخلات المدرجة. أما ورقتی المعنونة بتأملات فی شعر الملمعات، فأحسبها تصب فی صلب الموضوع وأتوخى خلالها النبش فی أحد أبعاد هذه العلاقة، من خلال وضع أسلوب "الملمعات" فی منطقة الضوء، باعتبار أن هذا الأسلوب من الأسالیب الفنیة الأدبیة التی غدت قاسماً مشترکاً بین الأدبین العربی والفارسی... 
  عندما شاع إنشاد الأشعار باللغتین العربیة والفارسیة أخذ الشعراء ینظمون الشعر مزاوجین بینهما؛ فإما أن یکون شطر لکلٍّ منهما وإما أن یکون بیت وأُطلق على هذا الصنیع اسم (المُلَمَّعات)، وعلى هذا فـ "المُلَمَّع" فی الاصطلاح الأدبی الفارسی یُطلق على الشعر الذی یکون أحد مصراعی أبیاته باللغة الفارسیة والمصراع الثانی باللغة العربیة أو بلغة أخرى، أو یکون البیت الأول بالفارسیة والثانی بالعربیة أو بلغة أخرى[2]. وقد ارتضى هذا التعریف للمُلَمَّع أغلب الأدباء. وتشیر کتب الفنون الأدبیة والصنائع البدیعیة إلى أن اختصاص الملمَّع بالمزج بین اللغتین العربیة والفارسیة استمر إلى غایة القرن السابع الهجری حیث انطبق وصف الملمَّع على الشعر الذی یمزج فیه صاحبه بین اللغة الفارسیة واللغة الترکیة أیضاً، وبینها وبین اللغات الأخرى فیما بعد. لکن التعریف الأول ظل هو الأشهر إلى یوم الناس هذا[3]
   إن هذه الصنعة عند القدماء –کما یشیر إلى ذلک رشید الدین الوطواط فی حدائق السحر-تعنی أن یکون مصراع بیت من الشعر باللغة العربیة والمصراع الآخر باللغة الفارسیة، وجاز عندهم أن یکون البیت الأول بالعربیة والثانی بالفارسیة، أو یکون البیتان الأولان باللغة العربیة والبیتان التالیان بالفارسیة، أو عشرة أبیات بالعربیة وعشرة أبیات التالیة بالفارسیة...[4]. وفی کشاف اصطلاحات الفنون نجد نفس التعریف للملمّع، وقد استشهد للنوع الأول (الذی یکون شطره الأول باللغة الفارسیة والشطر الثانی باللغة العربیة ) بهذا البیت: 
صبا ﺑﮕﻠﺸﻦ احباب اﮔﺮ همى ﮔﺬرى         

إِذَا لَقِـیتَ حَبِیبِـی فَقُلْ لَــهُ خَبَــرِی
ومثَّل للنوع الثانی (الذی یکون فیه البیت الأول باللغة الفارسیة والبیت الثانی باللغة العربیة) بهذین البیتین : 
بــه نــادانــى ﮔـنـه کـردم الهــى

ولى  دانـم کــه  غـفـار ﮔـنـاهــى
رَجَـعْـتُ إِلَیْـکَ فَـاغْفِرْ لِـی ذُنُوبِی

فَإِنِّی تُبْـتُ  مِـنْ کُــلِّ المَنَــاهِـــی

إنَّ هذا الشکل من الشعر المُلَمَّع هو مختص باللغة الفارسیة، ولا نذکر مثیلا له فی اللغة العربیة. أما مصطلح "المُلَمَّع" فی الأدب العربی فیراد به الشعر الذی تکون أحرف صدره (المصراع الأول) کلها منقطّة، وأحرف عجزه (المصراع الثانی) کلها خالیة من النقط، مثال ذلک هذا البیت الشعری الذی أورده صاحب "المعجم الأدبی" : 
فَــتَـنَـتْـنِـی بِـجَـبِـیــنٍ          کَـهِـلاَلِ السَّـعْـدِ لاَح[5]



[1]  أستاذ اللغة الفارسیة وآدابها بجامعة شعیب الدکالی – الجدیدة (المغرب)
[2]  محمد معین، فرهنک فارسى، حاشیة کلمة "ملمع".
[3]  للإطلاع أکثر على تعریفات الملمع یمکن الرجوع إلى : ترجمان البلاغة للرودیانی، ورشید الدین الوطواط فی حدائق السحر ودقائق الشعر، والمعجم لشمس قیس رازی، ودقائق الشعر لتاج الحلاوی، وحقائق الحدائق لشرف الدین رامی،
[4]  رشید الدین الوطواط، حدائق السحر، طهران، 1984، ص 63
[5]  جبور عبد النور، المعجم الأدبی، بیروت، دار العلم للملایین، 1984، ص 256.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الترجمة الأدبية من الفارسية إلى العربية، ترجمة رباعيات عمر الخيام نموذجاً
ترجمه ادبي از فارسي به عربي
رباعيات خيام به عنوان نمونه

(مجلة "بهارستان"، متخصصة في الدراسات الإيرانية والثقافة الإسلامية- تصدر من جامعة ساراييفو بالبوسنة والهرسك)
نُشرت هذه المقالة مؤخراً في المجلة المشار إليها، وهي باللغة الفارسية، وملخصها كالتالي :
فن ترجمه از روزﮔارهاى ﭘيشين ناقل فرﻫﻨﮓ و دانش از قومى به قوم دﻳﮕر و به مثابه ﭘلي بوده است كه اقوام و ملل مختلف را به يكدﻳﮕر متصل مى كرده است. و ﭼون هر قوم زبان خود را دارد كه دﻳﮕرى با آن آشنا نيست، رسالت مترجم فراهم آوردن وسيله اين آشنايي، و لاجرم موجبات همدلي و همزباني بين اقوام ﮔوناﮔون مي باشد.
ما مى دانيم كه ترجمه وجوه متنوعي دارد : ترجمه آزاد يا ترجمه به معنى، ترجمه به صورت اقتباس، ترجمه با تلخيص و بالآخره ترجمه كامل و دقيق.
ترجمه آزاد آن است كه مترجم تنها مضمون كلى متن اصلى را مأخذ قرار دهد و در كوتاه و بلند كردن و يا تغيير عبارات و تعبيرها آزادى خود را حفظ كند، مثلا ترجمه ادوارد فيتز جرالد[1] از رباعيات عمر خيام را مى توان ترجمه آزاد ناميد ﭼﻪ معانى و انديشه هاى كلى خيام در قالبى كه شاعر اﻧﮕليسى ساخته است ريخته شد و حتى نظم و ترتيب ابيات رباعي ها به هم خورده و  ﭼﻪ بسا رمز موفقيت آن و كسب شهرت جهانى براى خيام به همين دليل بوده است. بين موافقان و مخالفان اين شيوه ترجمه بحثهاى فراوان صورت ﮔرفته است. امروزه اكثريت قريب به اتفاق محققان و صاحب نظران معتقدند كه يك شاهكار ادبي و ذوقي يا فكري و فلسفي، يا بايد به ترجمه نشود يا اﮔر مى شود كامل و دقيق ترجمه شود.
ترجمه به صورت اقتباس به معنى آن است كه قسمتهايي از متن اصلي بنا به انتخاب مترجم اخذ ﮔردد و در شيوه بيان و ﻧﮕﺎرش نيز آزاد باشد. ترجمه به صورت تلخيص به دو شكل انجام مى ﭘذيرد، يكي اينكه مترجم اﮔر موضوع كتاب داستان است اصل مطلب را خلاصه كند و از نو ﺑﻨﮕﺎرد، ولي تنه اصلي داستان بايد محفوظ بماند. دوم آنكه كتاب عيناً ترجمه شود و تنها قسمتهايي كه براى خواننده زائد يا ملال آور يا فهم آن دشوار است، حذف ﮔردد...
  بنابرين ترجه كامل و صحيح آثار بزرﮒ ادبي مستلزم تسلط بر زبان و ادبيات زبان مبدأ و زبان مقصد است. بي ترديد مترجم شايسته اين نام بايد صدها كتاب و نوشته در هر زمينه را در زبان مورد ترجمه به آن مطالعه كرده باشد تا به خود اجازه دهد كه به ترجمه شاهكارهاي ادبي و ذوقي دست يازد.....نكته مهم رعايت امانت در كار ترجمه مى باشد كه مفهوم مخالف آن خيانت نسبت به نويسنده اصلي است. لزوم مطابقت متن ترجمه شده با متن اصلي ﭼندان بديهي به نظر مى رسد كه نيازي به تأكيد ندارد و اصولا ترجمه ﭼيزي جز اين نمى تواند باشد. اما حدود اين امانت و معيارهاى سنجش آن در بيشتر زبانها روشن و مشخص نشده است.بنابرين من به تطابق كامل متن مبدأ ومتن مقصد  اعتقاد دارم با رعايت شرايط حاكم بر دو زبان و دو فرهنگ وموضوع مورد ترجمه. البته تطابق در معنا نه در كلمه، آن هم با رعايت چم و خم و شدت وضعف عبارت. بعضى ها امانتدارى را با خيانت دارى اشتباه مى گيرند، فكر مى كنند هر چهكلمه در متن مبدأ هست بايد در متن مقصد بيايد. اين در حالى است كه در هر زبانى،رفتارها، باورها، نشانه ها و اصول حاكم بر فرهنگ جامعه مى تواند مختص آن جامعه باشدو با جوامع ديگر تفاوت داشته باشد. پس، تطابق به معناى رعايت همه اين مسائل است نهقالب بندى كلمات                    .
البته، بحث ما اينجا در مورد مترجم كاركشته زباندان است؛ يعنىكسى كه به راحتى درك مطلب مى كند و «درستى» معنا را مى گيرد وگرنه، مشكل دوچندان مىشود. مهمتر درك مطلب نه درك كلمه. براى اين كه در هر زبانى ممكن است يك كلمه چند تامعنا داشته باشد. به عنوان مثال كلمه "شير" در فارسى سه معناى متفاوت دارد. وكلمه "مرد" مى تواند فعلگذشته "مردن" هم باشد و البته اينها جداى از فرهنگ بومى است كه خودآگاه و ناخودآگاهدر هر متنى دخالت دارد. موضوع اساسي امانت در ترجمه توجه به تفاوت ساختار زبان ها و ترتيب اجزاء كلام در جمله و شيوه بيان در آنهاست و اين تفاوت ﮔﺎه از حد معمول و متعارف فراتر مى رود.
  بايد در ياد داشت كه در عين رعايت امانت منظور اداى حق مطلب و نماياندن شيوه بيان و لطف سخن و زيبايي الفاظ است ﻫﻤﭽﻨﺎنكه در زبان اصلي نويسنده يا شاعر بيان كرده اند، البته تا آنجا كه ميسر و مقدور باشد.




[1] راجع به اين اديب و ترجمه رباعيات خيام از او در معرض همين مقاله بحث خواهد شد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عمالقة الأدب الفارسي  : عمر الخيام شاعر الأفكار والفلسفة 
(مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية / جامعة شعيب الدكالي بالجديدة - العدد 11-12 السنة 2010 )
نُشرت هذه المقالة في مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ومما جاء فيها :
لم يكن عمر الخيام أخصائياً في العلوم الرياضية و الحكمية فحسب،بل كان فوق ذلك شاعراً ممتازاً و مفكراً من أكابر المفكرين،و قد وضع مؤلفات فلسفية وفقاً لرأي خاص،و كان أستاذاً في الفلسفة لعلماء متشرعين،و هذا يعني أنه ليس مفكراً فحسب بل فيلسوفاً صاحب طريقة و مذهب.
للخيام نفاذ فكر و نظر خاص و شفافية في البيان،و سعة قريحة و خيال،و بعدٌ عن الإطناب في الكلام تجعل له مكانة سامية خاصة بين شعراء الفرس المبرزين الذين سنعمد إلى التعريف بهم و بآثارهم على الآداب الأخرى في سلسلة من المقالات تحت عنوان "عمالقة الأدب الفارسي" نخصص الحلقة الأولى منها للشاعر الفيلسوف و المفكر عمر الخيام.
لقد كان لعمر الخيام تأثيره الكبير في أوروبا التي عرفته شاعراً أقرب في تفكيره و مذهبه في الحياة إلى الوجودية،و أصبح الخيام،بفضل ترجمة رباعياته إلى لغات عالمية كثيرة،عَلَماً من أعلام التراث الأدبي العالمي.
لا يخفى على الدارس للآداب الشرقية عامة التفاعلات و التعامل الأدبي بينها تأثيراً و تأثراً،إن على مستوى الشكل أو المضمون.و لمن أراد التبين من ذلك فعليه مراجعة ما كتب عن التفاعل و التأثر المتبادل بين الأدبين العربي و الفارسي وكذلك التركي و ....
و في محاولة لإبراز تأثير الآداب الشرقية و بالخصوص الأدب الفارسي في الآداب الغربية نخصصهذا المقالة للتعريف بالخيام و دور رباعياتهفي الاستفادة الكبيرة التي حققتها الحضارة الغربية من الحضارة الشرقية مناقشاً أثر الترجمة من رباعيات الخيام إلى لغات أخرى في تحقيق انتعاشة ثقافية تؤكد ريادة الحضارة الشرقية (الفارسية) و أثرها الواضح في الغرب...فالآداب الشرقية و الإسلامية لها تأثير واضح و ملموس في الآداب الغربية،فالأدب الفارسي ساهم بنصيب وافر في تدعيم مسيرة التأثير الشرقي الإسلامي على الغرب،و الأمثلة على هذا المدعى كثيرة و جلية للعيان،فتأثير كتاب "كليلة و دمنة" و تأثير عمر الخيام –كما سنرى في هذا البحث – لا يمكن بحال من الأحوال إلا أن يكون دليلاً صادقاً على الصلات المتبادلة بين الثقافة الشرقية و الغربية.و تعد فترة القرن الثاني عشر الميلادي من الفترات المهمة في تاريخ الاتصال بين الشرق و الغرب صاحبتها حركة قوية للترجمة واسعة النطاق تدفقت خلالها الثقافة العربية إلى الآداب الأوروبية خاصة من خلال معبر إسبانيا التي شكلت محوراً هاماً للاتصال بين الحضارتين...و في هذا الصدد لا يخفى أن الترجمة كانت و مازالت تضطلع بدور رئيسي في  عملية الحوار بين الشرق و الغرب منذ أقدم العصور حيث تؤكد الشواهد التاريخية أن الإغريق اهتموا بالترجمة و نقل الإنتاج الثقافي العلمي من دول المشرق و ترجمته للاستفادة منه.كما أولع المستشرقون البريطانيون في ترجمة التراث الهندي و نقله للغرب يضاف إلى كل هذا ترجمة الغرب لما أفرزته الحضارة الإسلامية،فكانت نواة للنهضة الأوروبية الحديثة...كما لا يجب نسيان أساليب التلاقي بين الشرق و الغرب مثل الأندلس و ما شهدته خلال فترة الحكم الإسلامي من رواج  الترجمة ،و كذلك الحروب الصليبية كانت حلقة وصل هامة بين الشرق و الغرب،وأيضاً أشير إلى التجارة بين المشرق و المغرب و ما كان لها من دور بارز في حركة الترجمة و نقل أفكار الشرق إلى الغرب.

                               ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عمالقة الأدب الفارسي : سعدي الشيرازي، شاعر الإنسانية(مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية / جامعة شعيب الدكالي بالجديدة، العدد المزدوج 12-13، السنة 2010)
لا شك أن شهرة سعدي الشيرازي في المشرق و المغرب أمر لا يختلف عليه اثنان، فقد عُرف منذ القديم لدى الغربيين – و خاصة الفرنسيين منهم – بالمفكر الحكيم و الشاعر الإنساني الذي ترك بصمات كبيرة في الأدب و الفكر الفرنسي.
و هذه الشهرة الكبيرة التي نالها هذا الأديب و المفكر الإيراني لم تكن وليدة الحالة الإبداعية و الموهبة الشعرية فحسب، بل جاءت نتيجة شخصيته الكبيرة التي توالدت عبر جهد كبير و ترحال طويل و عناء متواصل من أجل الكشف و الاستنتاج و الكدح الإنساني.فهو أديب و مفكر ملتزم و إنسان مرهف الحس و شاعر كسّر طوق الحصار المذهبي و القومي و اللغوي فأنشد للإنسانية جمعاء و ناجاها بهمومها و أحزانها و تطلعاتها بحس إبداعي مرهف و بلغة عالمية موحدة و بوعي إنساني كبير..فهو لم يدّع أنه مدرسة في الشعر الفارسي أو العربي، بل إنه تجرّد من كل خصوصياته الذاتية و أنشد لهموم البشرية.
 إذن ستحاول هذه المقالة إبراز مكانة سعدي الشيرازي و فكره و أدبه بين الأدباء الفرنسيين في العصر الحديث و كشف الحجاب عن البعد الإنساني في شخصيته من خلال تتبع و دراسة آثاره النثرية و الشعرية و على الخصوص "ﮔلستان" ،لتصل الدراسة إلى نتيجة مهمة تتلخص في كون حضور سعدي الشيرازي بثقله في آداب الغرب عموماً و الأدب الفرنسي على وجه الخصوص و تأثر العديد من الأدباء الفرنسيين بشخصيته و أفكاره و أدبه يدل على عالمية هذا الأديب و تجاوزه حدود الوطن و اللغة و المذهب أو الدين، وهذا ما يؤكد الأبعاد الإنسانية لهذا الشاعر و التي رصدتها هذه المقالة.
ــــــــــــــــ
المشارکة فی الملتقى الدولی السادس لأساتذة اللغة الفارسیة : (١٤-١٦ يناير 2009)
أقیم هذا الملتقى بجامعة طهران أیام 14-16 ینایر 2009، وقد شارک الأستاذ أحمد موسى بمداخلة تحت عنوان : "نظریه متکامل آموزش زبان فارسى ونتایج کاربردى آن" (النظریة المتکاملة لتعلیم اللغة الفارسیة ونتائجها العلملیة" وفیما یلی خلاصة المداخلة کما قدمت باللغة الفارسیة :
در طول دهه هاى ﮔذشته تحقیقات و نوشته هاى فراوان در زﻣﻳﻧﺔ آموزش زبان فارسى به غیر از فارسى زبانان انجام ﮔرفته است.این تحقیقات روى خصوصیات همانند و یا روندهاى یادﮔیرى مشابه میان زبان آموزان بوده است.اﮔر ﭼه در این روند ﭘﮊوهشهاى وسیعى صورت ﮔرفته است،و در اغلب موارد نتایج بسیار مشابهى بدست آمده است،بررسى و مطالعه نشان داده است که تا کنون تحقیق منسجم و همه جانبه اى ﭘیرامون فرایند یادﮔیرى زبان فارسى انجام نشده است.
مقاله حاضر ضمن ﭘرداختن به بررسى و نقد معروفترین شیوه هاى آموزش زبان غیر مادرى نظرﻳﺔ متکاملى را ارائه مى دهد که ﭘویایى و کارسازى آن در آموزش زبان فارسى – به عنوان زبان غیر مادرى یا زبان دوّم- به دانشجویان مغربى بوﻳﮊه فارسى آموزان داﻧﺷﮕاه شعیب الدکالى الجدیده به اثبات رسیده است.
این مقاله که در آن نظریه ها و متدهاى ﮔوناﮔون ﭘیشین تدریس زبان غیر بومى مورد بررسى و نقد قرار مى ﮔیرد،تئورى نسبتاً متکامل و جامع را مطرح مى کند.ﻧﮕارنده این شیوه را بر ﭘاﻳﺔ مبانى و اصولى که با تخصصات متنوع و مربوط به امر آموزش زبان تأسیس مى کند.این حوزه ها منابع آتى را در بر مى ﮔیرد : زبانشناسى،روانشناسى،نظریه آموزش و منابع متنوع دﻳﮕر.نویسنده روى ﻧﮐﺘﺔ بسیار مهم تأکید مى ورزد،و آن تفاوت زیاد میان آموزش زبان دوّم و کسب زبان مادرى است.ﻫﻣﭽنین امکانیت برترى بزرﮔسالان در یادﮔیرى زبان دوّم بر دانش آموزان خرد سال را بیان مى دارد،و این امرى است که کارشناسان از دیرباز به صحّت آن اعتقاد نداشته اند.ﻧﮕارنده نیز ضرورت تدریج در یادﮔیرى را مورد تأکید قرار مى دهد.
نظریه اى که آن را "متکامل" فرض نموده ام بر مبناى عقلى،سلوکى،شنیدارى،ﮔفتارى و دوﮔاﻧﮕﻲ زبانى استوار است.این نظریه در ابتدا به آموزش عناصر زبان و مهارتها آغاز مى کند،ﺳﭘس تلفظ یا ﮔفتار،آﻫﻧﮓ و آﻧﮕاه قواعد،تراکیب،واﮊه ها و خطاب را یاد مى دهد.این متد آموزش و تربیت مهارتهاى زبانى : مهارت ﮔفتارى،درک شنیدارى،درک نوشتارى،ﺳﭘس مهارت نوﻳﺳﻧدﮔﻲ و فعالیات متعدد دﻳﮕرى را مورد تأکید قرار مى دهد.
 ﻧﮕارنده این مقاله نظر به تجربه متواضع در تدریس زبان فارسى به دانشجویان مغربى خواهد کوشید ابعاد این شیوه را با اعمال تفحص و نقد بیان دارد،و ﻫﻣﭽنین نتایج کاربردى و عملى و دستاوردهاى آن را دنبال کند.

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Dear Dr.  Ahmed  Moussa  
Hereby its announced that Iranology Foundation is honored to hold “The International Congress on Persian Languagefrom january14 to16, 2009. 
This is our great pleasure to inform you that your paper entitled:
نظريه متكامل آموزش زبان فارسى در دانشكاه شعيب الدكالى-الجديده
 has been accepted for presentation in the Scientific Group of “Native Persian Literature (Poetry and Prose) ”. Thus, you are herewith invited to present your lecture on

 Wednesday january 14, 2009, Session 2
from 18:00 to 18:30
to be held at Hall (1)
Iranology Foundation Building

   Meanwhile, you have been assigned as a Member of the Managing Committee on

urThsday january 15, 2009, Session 3
from 14:00  to 16:00
to be held at Hall (1)

We hope that your presence would serve to hold a congress deserving Iran and Persian Language.

We would also like to express our gratitude in advance for your presence and cooperation.



Professor M. ALI VAFAI, PhD

Vice-President for
Information Technology and
International Collaborations

المشاركة في المؤتمر الدولي حول موضوع "استقبال الأدب الفارسي في الوطن العربي" (دمشق 16 نونبر 2006) :
انعقد هذا المؤتمر في رحاب جامعة دمشق، وكانت مداخلتي تحت عنوان "الترجمة الأدبية من الفارسية إلى العربية ومشكلاتها" وفيما يلي خلاصة للورقة :

لكن هذه الأهمية التي يعترف بها للترجمة على أوسع نطاق لم تمنع من إثارة أقوى الشكوك حول كفاية الترجمة في نقل كل ما في الأصل من خصائص و سمات فكرية و ثقافية و أدبية، إذ ليس من الممكن لأي إنسان أن يحتفظ في لغة غير الأصل بكل ما في العمل الأدبي من عواطف و صور و لفتات تعبيرية و خصائص أسلوبية، و هذا ما سنعمل على مناقشته و طرح أبعاده في هذه المداخلة مركزين على الترجمة من الفارسية إلى العربية لما اتسمت به الأولى من غناء في الأدب و ثراء في الثقافة و لما ربطها بأختها العربية من صلات و روابط متينة همّت كل جوانب الحضارة الإسلامية.
بعد حصرنا للمشكلات التي تكمن في الترجمة الأدبية من حيث هي شعراً كانت أو نثراً قررنا أنها لا تعفي المترجم من مسؤولياته ، بل إنها على العكس تعني أن المترجم لابد أن يكون مستعداً لأداء هذه المهمة الشاقة و ذلك بتأهيل نفسه بالمؤهلات الضرورية لذلك و قد تم دراستها و تحليلها في هذه المداخلة.
و خلصنا أخيراً إلى أن المترجم الذي يتمتع بهذه المؤهلات و غيرها مما تطلبه الترجمة الصحيحة من الفارسية إلى العربية ليس مجرد ناقل بالرغم من أنه ليس مبدعاً أيضاً. إنه يقف في منزلة تتوسط بين النقل و الإبداع. و من هنا كان في الترجمة من العربية إلى الفارسية عنصر من العلم و المهارة و عنصر من الإبداع و الفن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشاركة جمع من الأساتذة المغاربة في الملتقى الدولي الثاني للدراسات الإيرانية : 20-23 دجنبر 2004
با توفيق و عنايت الهى ﭘنج تن از استادان داﻧﺷﮕﺎه هاى مختلف مغربى به هدف برقرارى ارتباط ميان انديشمندان و ﭘﮋوﻫﺷﮕران ايرانشناس ايرانى و خارجى و به منظور ايجاد فضاى نقد و تحليل آرا و نظريه هاى ايرانشناسى و ارائه آخرين دستاوردها و مطالعات مربوط به تاريخ ايران و زبان و ادبياتش و مطالعات تطبيقى و... در دوّمين همايش ملّى ايرانشناسى شركت جسته اند..
برنامه شركت اين استادان بدين قرار بوده است :
·   دكتر ابراهيم القادري بوتشيش : استاد تاريخ غرب اسلام در داﻧﺷﮕﺎه مولاى اسماعيل در مكناس. در ﮔروه علمى تخصصى تاريخ و جغرافياى تاريخى و تاريخ محلى شركت كرده اند،ولى به دلايلى مقاله شان در برنامه اين ﮔروه ﮔنجانده نشده است..و بعداً به ما اعلام كردند كه ضيق وقت مانع عدم ارائه تعدادى از مقالات شركت كنندﮔان شده است كه از ميان آنان دكتر القادرى بودند..با اين وجود استاد در جلسات بحث و نقد شركت فعال داشتند.
·   دكتر عز الدين جسوس : استاد تاريخ غرب اسلام در داﻧﺷﮕﺎه شعيب الدكالى در الجديده. در ﮔروه علمى تخصصى كتاب شناسى و نسخه شناسى ارائه مقاله نمودند.
·   دكتر نعيمة منّى : استاد ادبيات عرب در داﻧﺷﮕﺎه محمد الخامس در رباط.در ﮔروه علمى تخصصى فرﻫﻧﮓ عامه و مردم شناسى ايران مقاله "تأثير تمدن ايرانى بر تمدن عربى اسلامى" را ارائه كردند.
·   دكتر الهام السوسى : استاد مدرسه تربيت مدرس در مكناس.در ﮔروه ادبيات ايران مقاله "تلاش دانشمندان ايرانى در بيان شعر عربى كلاسيك" ارائه كردند.
·   دكتر احمد موسى : استاد زبان و ادبيات فارسى داﻧﺷﮕﺎه شعيب الدكالى الجديده.در ﮔروه ادبيات ايران مقاله اى تحت عنوان "ﭘﻴﺷﻴنه ايران شناسى در مغرب : خدمات مغربىها به زبان و ادبيات فارسى" ارائه كردند.
در ﭘايان اين همايش دكتر حسن حبيبى با ميهمانان خارجى ديدار جداﮔﺎنه داشتند و راجع به مسائل مختلف مربوط به دومين همايش و نيز ﭽﮔوﻧﮔﻰ برﮔزارى سومين همايش نكاتى را ايراد كردند و از اساتيد و ايران شناسان خارجى مشاركت فعال در سومين همايش و همكاريهاى علمى و ﭘﮋوهشى با بنياد ايران شناسى خواستار شدند..در مقابل شركت كنندﮔان خارجى ﭘﻴرامون اين كنفرانس و مسائل دﻴﮕر مورد اهتمام متقابل بحث و اظهار نظر كردند.
هيئت مغربى ضمن تشكر از دست اندركاران اين همايش آمادﮔﻰ خود را جهت همكارى علمى و ﭘﮋوهشى و تداوم بخشيدن به برقرارى ارتباط متقابل در سطح استادان و ﭘﮋوﻫﺷﮔران و...ابراز نمودند.
از سوى دﻴﮕر اينجانب به عنوان استاد زبان و ادبيات فارسى با دكتر وثوقى معاون ﭘﮋوهشى بنياد ايران شناسى ديدار و ﮔﻔﺘﮔويى داشتم،و راجع به مشكلات تدريس زبان فارسى در داﻧﺷﮔﺎه خود وكمبود كتاب درسى و منابع و مصادر زبان و ادبيات فارسى و ﻫﻣﭽنين درباره راههاى ﮔﺳﺘرش همكاريهاى متقابل در اين زمينه بحث كرديم.ايشان همان موقع آمادﮔﻰ معاونت ﭘﮋوهشى بنياد ايران شناسى را جهت ارسال كتب مورد نياز تدريس زبان فارسى اعلام كردند و قول دادند كه بزودى ﭽند كارتون "بسته" كتاب به آدرس داﻧﺷﮕﺎه الجديده ارسال نمايند.ازينرو شايسته است سفارت جمهورى اسلامى ايران در رباط ﭘﻴﮕﻴرى اين امر را عهده دار باشند.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأدب القصصي الإيراني الحديث بين التأسيس والتجنيس (د. أحمد موسى)
مجلة "الدراسات الأدبية" العدد 66، ربيع سنة 2009.
نشرت مؤخراً هذه الدراسة في فصلية "الدراسات الأدبية" ومما جاء فيها :
أصبحت القصة القصيرة منذ أوائل القرن الماضي فنا له أصوله وقواعده وعناصره الفنية والمضمونية وطرق التعبير التي تميزه عن بقية الفنون الأدبية، وتواتر الإنتاج في هذا الفن وتكاثر وأبدع فيه الكتاب ما شاء لهم أن يبدعوا، كل حسب موهبته وبراعته وتمثله للعالم من حوله، وعبر فترة زمنية تمتد من الربع الأخير للقرن التاسع عشر وتستمر إلى وقتنا الحاضر، وملامح هذا الفن تزداد اتساعاً وتميزاً وأطره وألوان التعبير فيه ترحب رحابة لا تعرف الحدود، على اعتبار أن الفن لا تأسره الحواجز أو الآفاق المرسومة، وجاء النقاد من بعد ذلك ليتأملوا هذا الوليد ويتابعوا نموه ويحاولوا بعد ذلك تحديد المجال الذي يرتع فيه، ثم ليستخلصوا المقاييس التي يراعيها الكاتب القاص أثناء إبداعه، وليضعوا بعد هذا كله، أصول هذا الجنس الأدبي الجديد.
  بيد أن موضوع الأدب القصصي الإيراني يكاد يكون غير مطروق طرقاً صحيحا ومنهجيا في الدراسات التي وضعت في الأدب الفارسي الحديث، وإنا لا نتوفر في بابه، سوى على أشتات من الآراء والمقالات والدراسات التي تقدم بها الباحثون الإيرانيون ذوي الباع الطويل في هذا المجال، وخير دليل على ما أقول هو إقرار الأستاذ رضا رهگذر ، وهو من الباحثين المتخصصين في الأدب القصصي الإيراني بتشتت الجهود وقلة الدراسات الجادة التي تناولت مسار نشأة هذا الأدب وتطوره[1]، أما في الأوساط الأدبية العربية فالأمر يختلف تماماً، فالأعمال المنجزة على نذرتها فهي أقرب من الانطباع والتعبير عن الذوق الشخصي منها إلى الدراسة ذات الرأي السديد والمنهج الرصين. لذا فالحاجة ماسة إلى دراسات وأبحاث في هذا المجال، وهذا ما جعلني أتخذ من هذا الموضوع مناط هذه المقالة حول الأدب القصصي الإيراني بداية من مرحلة التأسيس، إذ ليس صحيحاً القول بأن قصة واحدة أو قصيدة واحدة يجب أن تعد تاريخاً لبداية فن القص أو الشعر، وإلا وصلنا إلى التبسيط، إذ الفن الأدبي ظاهرة تتشكل وتتبلور من خلال عدة نصوص تأخذ مساراً معيناً وسمات محددة أو شبه متميزة إلى أن تصل إلى مرحلة التجنيس.
العوامل التي أدت إلى نشأة الأدب القصصي بإيران :
  إن زوال أسباب تأخر النشأة هو ولا ريب من بين عوامل النشأة، غير أن هناك أموراً أخرى كان لها النصيب الأوفر في زرع نطفة الفن القصصي في رحم الحياة الأدبية بإيران، وفي دفع الأدباء الإيرانيين للاقتراب من مشارف هذا الفن والإقبال على خوض تجربته، وهذه الأسباب تتعدد وتتشابك، ولعل الصحافة ودورها في تطور الأسلوب النثري وتطويعه غير خاف على أحد، فقد قامت الصحافة بتشذيب الأغصان اليابسة لشجرة النثر الفارسي مما تخلف من عصور الانحطاط, فبحكم ضرورة رواج هذه الصحافة واكتساحها الأجواء وقطاعات عديدة ومتباينة من القراء، وبسبب المواضيع الهامة واليومية التي تطرقها، وجد النثر نفسه يسير في طريق أسلوب يسعى لأن يكون سهلا بعيداً عن التعقيد والغرابة، قريباً من أذهان الناس، هادفا إلى إفهامهم وتبليغهم الفكرة والواقع، وقد مهد هذا التطوير الطريق فيما بعد أمام الكتاب الذين حاولوا معالجة الفن القصصي وتقصي دربه، بأن سهَّل أمامهم مهمة السيطرة على أداة رئيسية من أدوات الكتابة القصصية وهي اللغة.
والنثر الصحفي أقرب ارتباطا بلغة الحوار، ويظهر في الواقع مسارتحول اللغة اليومية على الصفحات الأولى للصحف والمقالات والأخبار والأقوال العامةوالبيانات السياسية والوعظ المتطور والشعارات المعاصرة.‏لقدكان للصحافة والنثر الصحفي في عصر الثورة الدستورية السهم الأوفى في ارتقاء الوعيالعام؛ كما أن صحفيي هذا العصر كانوا على الأغلب أدباء وعلماء مميزين في زمانهمكمحمد تقي بهار ملك الشعراء، وأديب الممالك الفراهاني بحيث لم يتسن لمن يأتي بعدهمأن يحظى بشرف منافستهم. بعد سنة 1921م سنرى حالة من الفتور في المضامين،وقفزة نوعية من ناحية الخصائص الفنية للنثر، ومن ثم نصل إلى عصر المقالات النارية،عصر إشعال المجتمع وتأجيجه وتحليل الأحداث فيه. ونلاحظ هذا الأسلوب في انعكاسالحقائق السياسية والنفسية، كما نشاهد النثر الصحفي يصل إلى حدود مضيئة من الأصول الفنية مثل المقابلات الصحفية أو الصياغات الصحفية[2].‏
‏إذن يمكن القول أن الصحافة الإيرانية قد ظهرت إلى الوجود في عهد محمد شاه القاجاري، ولعبت الكتابة الصحفية دوراً رئيسياً في تطور أسلوب النثر الفارسي. وأول صحيفة فارسية ظهرت إلى الوجود كانت تحت إشراف صالح بيك الشيرازي وكان ذلك في رمضان 1252ﻫ لكنها لم تستمر طويلاً. وأعقبتها صحيفة أخرى تسمى «روزنامجه طهران» وذلك في عام1267ﻫ بتشجيع من تقي خان أمير كبير. ورغم أسلوبها الحذر واتجاهها المحافظ إلا أنها منعت عن الصدور بعد سنوات لاتهامها بمعارضه السلطة.
ولعبت صحيفة «تربيت» التي صدرت عام 1314ﻫ دوراً مرموقاً في تطوير النثر الفارسي. وكان يديرها محمد حسين خان ذكاء الملك المتخلص بـ«فروغي».
وتزامناً مع الثورة الدستورية (1906م) ظهرت صحيفة أخرى تدعى «صور إسرافيل». وأريد من خلال هذا الاسم الإشارة إلى جهل الناس بما يجري من حولهم. وكان يديرها شاب متحمس يسمى جهانگير خان الشيرازي الذي استطاع من خلال هذه الصحيفة أن يلفت اهتمام كافه الأوساط الاجتماعية ومختلف الطبقات. وكتب فيها علي أكبر دهخدا، صاحب الموسوعة الفارسية الشهيرة (لغتنامه)، سلسلة من المقالات تحت عنوان «چرند وپرند» (الخزعبلات)، كان يذيلها باسم «دخو» وكانت هذه المقالات سبباً من أسباب اشتهار هذه الصحيفة. وقدمت هذه المقالات الساخرة خدمة قيمة للأدب الحديث فضلاً عن تأثيرها الاجتماعي وبث الوعي بين الناس.
وهناك أدلة تؤكد على أن مقالات دهخدا كانت مصدراً لإلهام ثاني أساتذة الأدب الفارسي الحديث أي محمد علي جمال زاده ـ حيث ألف مجموعة قصصية متأثرة بـ«خزعبلات» دهخدا، أطلق عليها اسم «يكى بود يكى نبود » (كان ما كان).
ولم يكن محمد علي جمال زاده قد فتح الباب ببراعة في وجه النثر الحديث فحسب، بل يعد أيضا واضع الحجر الأساس للقصة القصيرة في الأدب الفارسي[3].
 وفي السنوات الأخيرة من العهد القاجاري ظهرت مجلة «بهار» (الربيع) التي كان يديرها ميرزا يوسف اعتصام الملك وذلك في عام 1329ﻫ ولم تستمر أكثر من عام واحد ثم ظهرت ثانية بعد عشر سنوات وذلك في عام 1339ﻫ وكانت تميل في أسلوبها الأدبي إلى الأسلوبين العربي والتركي.
كما كان للمجلة الشهرية «دانشكده» (الكلية) التي صدرت في عام 1336ﻫ دور واضح في التحول الأدبي وساعدت على خلق حركة أدبيه جديدة. وقد أبدل اسمها فيما بعد إلى «نوبهار» (الربيع الجديد).
ولعبت بعض المجلات مثل «سخن» و«يغما» دوراً بارزاً كذلك لاسيما على صعيد البحث والنقد الأدبيين ساهم في تحديد نقاط الضعف وتقوية نقاط القوة وتدعيم المسيرة الأدبية بالأفكار والآراء الجديدة والأخذ بزمام الحركة الأدبية نحو مزيد من التبلور والازدهار.
وكان هناك عدد من الصحف والمجلات خارج إيران أدت هي الأخرى دوراً ملحوظاً في تطوير النثر الفارسي، وكمثال على ذلك نذكر صحيفة «قانون» التي أصدرها في لندن «ملكم خان»، وصحيفة «الحبل المتين» التي كانت تصدر في كلكتة وصحيفة «اختر» التي صدرت في اسطنبول واستمرت بالصدور 25 عاماً.
كانت الصحافة إلى جانب هذا قد مهَّدت الطريق بما هو أهم وألصق بالقصة من غيره، أي بما كانت تقدمه بين الفينة والأخرى من قصص مترجمة أو من مسلسلات روائية دفع إليها بصورة رئيسية وازع اجتذاب القراء واستمالتهم لهذه الأوراق القليلة المجتمعة والتي تدعى الصحف. وفي إيران نعثر في الصحف الأولى على العديد من القصص والروايات المسلسلة والتي كانت صحف مثل التي أشرنا إليها آنفاً تحفل بها في جل أعدادها، ومن دون شك فإن هذه القصص والمترجمات الروائية، بالرغم من عدم توفرها على الخصائص الكيانية للفن القصصي وعلى بعض الملامح الرئيسية لهذا الفن، فإنها على أي حال، قد وجهت الأنظار، كما وجهت المواهب، إلى نوع جديد من الأجناس الأدبية، وأبانت عنه في حدود بل وقد ظهر أثرها جلياً فيما أنشأه كل من جمال زاده ومن جاء بعده من الكُتَّاب القصصيين والروائيين في أعمالهم وإبداعاتهم القصصية، استوحت إلى حد بعيد رؤية تلك المترجمات وحبكتها.
  والمقالة أكثر القوالب الأدبية حاجة للتعريف لأنها أولاً ليسلها شكل واضح وجامع، ولأنها ثانياً ليس لها قالب عريق ومحدد بشكل مسبق, وبشكل عامفإن المقالة هي مدونات حول موضوع لـه ميزات خاصة ومحددة؛ لكنها ذات حالة مرنةومتغيرة بحيث لا يمكن تقديم تعريف دقيق وشامل لها.‏
 ومع التحولاتالتي ظهرت في عصر اليقظة اتجهت المقالة وهي نوع أدبي جديد من تصنيف الخطابة إلىالبساطة، كما اشتملت على التحقيقات الأدبية والعلمية وحتى الانتقادية والسياسية،وفي الوقت نفسه تضمنت طرح أبحاث واسعة لحل تلك الأمور أو التحقيق فيها.‏
إنضرورة نشر المقالات في المطبوعات الدورية أيضاً أدى بالمقالات لتتجه نحو التبسيط،كما أسس لظهور النثر الواقعي البسيط، والأسلوب الصحفي، متمثلاً بنثر (ﭼرند وﭘرند) لدهخدا، ونثر جمال زاده البعيد عنالابتذال؛ حيث كان منتشراً في مجلات (بهار وإيرانشهر وكاوه) وكان يعد من الأدبالمعاصر، وأخيراً استطاع نثر المقالات أن يتحول إلى مرحلة من التكامل في النثرالفارسي[4].‏
ومنذالحركة الدستورية راجت كتابة المقالات السياسية والاجتماعية في الصحف بشدة، وأصبحللمقالات أسلوب خاص بالنثر أطلق عليه تسمية (نثر المقالة). ومن المرجح أن يكون أهمنموذج لـه هو النثر المحافظ والقديم لمحمد علي فروغي، والعلامة محمد القزويني، والدكتور اليوسفي وعبد الرحمنفرامرزي والدكتور خانلري والعديد من الكتاب والناثرين المعاصرين وأصحاب المطبوعات.
 إن ازدهار المقالة ومحاولتها الخروج على المألوف في الكتابة النثرية، والأثر الذي أحدثه الإقبال المتزايد عليها، من تطوير الأسلوب النثري أمر لا يختلف عليه اثنان، إن هذا كله هيأ القراء والكُتَّاب للتمرن على هذا الجنس الأدبي الجديد. وسيتبين لنا في غير هذا المكان أن أول شكل من أشكال الممارسة القصصية جاء نتيجة لسعي الأدباء لتفجير الشكل المقالي، أو بتعبير آخر، إلى التسلل إلى أجواء القصة من خلال مسارب المقالة.
  إن التأثر بالأدب الغربي، القصصي منه خاصة، ومحاولة تقليد القصص المكتوب فيه، كان باعثاً هاما على الإبداع القصصي في إيران وذلك من خلال الدور الذي كان للترجمة في الدفع حثيثاً بالأدب الفارسي المعاصر نحو سبل الإنشاء القصصي.
 وغير خاف أن الترجمة في الحركة الأدبية الإيرانية المعاصرة لعبت دوراً بنّاء لا يمكن التغافل عنه. إذ فتحت نافذة كبيرة بوجه الأدب الفارسي أطل من خلالها على الآداب العالمية وروائع الأدب العالمي. وكلنا يدرك أهمية الانفتاح الأدبي وما يتركه من آثار إيجابية في أغلب الأحيان لاسيما على صعيدي الأسلوب والتصوير الفني.
وتركت ترجمة روائع الأدب العالمي إلى الفارسية تأثيراتها الواضحة على الأدب الفارسي الحديث، وخاصة النثر، وقد رافقت عملية الترجمة انتشار المطابع ونمو الطبقة المتعلمة.
وكان من أهم تأثيرات تلك الترجمة إيجاد نزعة عند الكاتب الإيراني للكتابة بأسلوب نثري بسيط والتخلي عن التعقيدات النثرية التي شهدها النثر الفارسي خلال المرحلة السابقة.
 وكانت الكتابات الفارسية في نهاية القرن التاسع عشر في معظمها ترجمة وتقليداً لآثار الكتاب الغربيين، الفرنسيين منهم على وجه الخصوص كموليير، ودوما، وجول فرن، وبرنارد دوسن، وفيكتور هيغو. كما كانت هناك ترجمات عن العربية والانجليزية والروسية والتركية.
 ومن أوائل الكتب التي ترجمت إلى الفارسية هي «قصه تلماك» لفنلون ترجمها علي خان ناظم العلوم، و«الكونت دي مونت كريستوف» لالكسندر دوما ترجمها محمد طاهر ميرزا أسكندري، و«قبلة العذراء» للكاتب الانجليزي جورج رينولدز ترجمها كل من سيد حسن الشيرازي وأديب فروغي، ومسرحية «الخديعة والحب» للشاعر الألماني شيلر ترجمها ميرزا يوسف خان، و«موت نابليون» لالكسندر دوما ترجمها حشمت السلطان، و«اثيلو» و «تاجر البندقية» لشكسبير ترجمها ناصر الملك.
 وقام عبد الحسين ميرزا بترجمة «طبائع الاستبداد» لعبد الرحمن الكواكبي، وعبد الحسين الرضوي الكرماني بترجمة «تاريخ الثورة الروسية» للدكتور خليل بيك اللبناني، وهو يصور فجائع الاستبداد الروسي. وتاريخ ﭘطر الكبير،شارل الثاني عشر، الاسكندر المقدوني، لولتر[5].
للإطلاع على نص الدراسة كاملا يرجى مراجعة المجلة.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,


 الأدب القصصي الإيراني قبل الثورة (د/ أحمد موسى-مجلة "اللسان العربي" الدولية:
نشر الأستاذ أحمد موسى على الصفحة الألكترونية للمجلة ترجمة لمقال تحت عنوان "الأدب القصصي الإيراني قبل الثورة" لصاحبه محمد رضا سرشار، للإطلاع عن نص الترجمة يرجى زيارة الرابط التالي :
                       http://www.allesan.org/abhas/musa.htm  
بعد نهاية الحرب الإيرانية العراقية، عرفت الساحة الفكرية مرحلة فتور دامت عشر سنوات ﻣﻨﺬ انتصار الثورة الإسلامية. ﻟﺬلك كان من الصعب على أي أديب العودة إلى ذلك العالم الخاص بعد ﻫﺬه القطيعة. علاوة على ذلك فإن ﻫﺬه الاستحالة الفكرية كانت في طور البروز عند عدد مهم من أدباء الجيل الذي عاش في أكناف الثورة الإسلامية مما أدى إلى ظهور نوع من الفتور في عزمهم للدخول إلى عالم القصة في عهد الثورة الإسلامية. ومثل ﻫﺬه الاستحالة كانت تزداد تَكرُّساً في المجتمع يوماً بعد يوم ، ﻟﻫﺬا فإن ﻫﺬا النوع من الآثار لم يكن له متتبعين.
 إذا أضفنا إلى كل ﻫﺬا عاملاً آخر وهو ندرة الكتب المطبوعة في السنوات الأخيرة والتي أدت بدورها إلى عدم اهتمام عددٍ كبيرٍ من كُتَّاب جيل الثورة بالكتابة القصصية وعدم اعتبارها الشغل الشاغل والأصلي لهم، سيتبين لنا بجلاء أسباب ﻫﺬا الفتور والركود.
 يمكننا تعريف الأدب القصصي الثوري تعريفاً واسعاً بأنه : كل عملٍ قصصيٍ يتمحور موضوعه الأصلي حول مواجهة الأنظمة الفاسدة السابقة التي كانت تحكم البلد. في ﻫﺬا التعريف لا يبقى لمعتقدات المذهب أو غير المذهب أو اليمين واليسار محلٌ من الإعراب. لكن مع ﻫﺬا التوسع في التعريف فإن بحثنا لن يكون علمياً لأنه في ﻫﺬه الحالة يمكن أن نجد أعمالاً قصصية في عهد الثورة الدستورية أو ما بعدها تناولت مواضيع المقاومة ومعارضة النظام القاجاري ونظام رضا خان ونظام محمد رضا اﻟﭙهلوي، ﻟﺬلك يمكن القول أن الأدب القصصي الثوري الذي نعنيه هنا هو ذاك الأدب الذي يهتم بطرح قضايا الثورة الإسلامية باعتبارها قضايا أساسية ومحورية، وبالنظر إلى تاريخ مقاومة جماعات وعناصر إسلامية في ﻫﺬا الطريق يمكن أن تبتدئ ﻫﺬه القصص من عهد الشيخ فضل الله نوري وتمتد إلى فترة الشهيد مدرسوفدائيي الإسلام وثورة الخامس عشر من خرداد 1342ش (5 يونيو 1963م) وهيئات مؤتلفة وجماعات وأشخاص آخرين كالإمام الخميني وآية الله سعيدي وآية الله غفاريوآخرين. ويتمثل أوج ﻫﺬا الموضوع في سنة 1356ش (1978م) وبداية النهضة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني وانتهاءً بانتصار الثورة الإسلامية في 22 بهمن من سنة 1357ش (11فبراير 1979م).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
نظرة إلى الشعر المعاصر الإيراني  (د. أحمد موسى)
مجلة "اللسان العربي"الدولية الإلكترونية، العدد الثامن
نشرت المجلة المذكورة مؤخراً للدكتور أحمد موسى ترجمة لمباحث من كتاب "نظرة إلى الشعر المعاصر الإيراني" لصاحبه الدكتور سيد مهدي زرقاني، استعرض الكاتب في بداية كتابه أهم الخصوصيات التي ميزت الفكر والثقافة الإيرانيين في الفترة المعاصرة...للإطلاع على المزيد يرجى فتح الرابط التالي أو زيارة موقع مجلة اللسان العربي الدولية على بوابة الانترنت : 
                                  
1.  نبذ القديم أو التقليد :
 بنظرة مجملة في الظروف الاجتماعية الثقافية ندرك أن نبذ القديم هو خصوصية أساسية ميَّزت الثقافة الإيرانية المعاصرة. وتتجلى تمظهرات هذه الخصوصية في كل مستويات الثقافة وطبقات المجتمع. فعلى سبيل المثال فقد انكسرت الحكومات التقليدية. ففي السابق لم يكن للشعب أي دور في اختيار الحاكم، أما اليوم فلم يعد الأمر كذلك. كما طرأ التغيير على شكل القوى السياسية، فلم يعد أصحاب القوى السياسية من المسؤولين أو القائمين على المصالح يُنعتون ب"سايه خدا"(ظل الله). كما تجلت هذه الخصوصية في العلاقات الاجتماعية أيضاً. فإذا كانت المرأة في القديم موجود متوارٍ عن الأنظار، فاليوم لم تعد هذه العادة مقبولة. يمكن أن نلاحظ هذا أيضاً في السلوكيات الجماعية والعادات والتقاليد الجديدة، بدءً من لباس كل من المرأة و الرجل ووصولاً إلى السلوك المتحضِّر والمنفتح.
إذن فقد ظهرت في الأدب المعاصر الإيراني ونخص بالذكر جنس القصة، موضوعات ومضامين لم تكن مطروقة في الألفية السابقة بأكملها. موضوعات كحقوق الشعب على الحكومة والحرية بالمعنى السياسي للكلمة والتعليم والتربية الحديثة والقومية والتعصب للوطن، وموضوعات أخرى من هذا القبيل. لذلك يمكن القول أن نبذ التقليد الذي بات خصوصية ذاتية في الثقافة المعاصرة تجلى أيضاً في الأدب القصصي.
2.  السرعة :
  الخصوصية الأخرى للثقافة الإيرانية المعاصرة هي السرعة، فالسرعة هي النتيجة الأولية لمكننة الحياة. ففي القديم كان تغيير خصوصية ثقافية يستغرق عشرات السنوات إن لم نقل المئات، أما اليوم فأصبح التغيير والتحول يقع بوتيرة سريعة جداً.
  ويكفي إلقاء نظرة على التحولات الثقافية خلال الخمسين سنة الأخيرة في إيران لندرك مظاهر هذه السرعة في ميدان الثقافة والاجتماع. لكن قصدنا هو بيان هذا المسار في مجال الأدب، فمن علامات هذا التغيير في الأدب والشعر هو اهتمام القراء والكُتَّاب والشعراء وتوجههم نحو قوالب أدبية قصيرة لا يستغرق قراءتها وقتاً كثيراً. فاليوم لا طاقة لأي شاعر على نظم ستة دفاتر مطولة  أو 60 ألف بيت على شاكلة الشاهنامة، وحتى إذا وُجد من يفعل ذلك فلن يجد من يقرأ عمله. لهذا السبب أصبحت اليوم الأشعار والقصص القصيرة أهم القوالب الأدبية الرائجة. ذلك لأن نفسية أهل الثقافة وذهنيتهم تأثرت بعامل السرعة الذي ذكرناه.
3. تغيير الرؤى والعقائد :
لقد غيَّر التعامل مع الغرب في الفترة المعاصرة أسس رؤى ومعتقدات الإيرانيين. ففي الفترة الكلاسيكية – كما يبدو من الآثار الأدبية – كان التوجه والاهتمام بالدنيا مخالفاً للقيم خاصة في الفلسفة الصوفية، فأشياء من قبيل المال والجاه والمقام كانت تعتبر من العوائق المانعة لكمال الإنسان.
فقد كان الإنسان يبني لليوم الآخر وللدنيا الأخرى وتتضح هذه العقيدة بجلاء في الحياة الدنيوية (نيم نانى مى رسد تا نيم جانى در تن است)
أي : نصف كسرة خبز تكفي لتبقى الروح في الجسد.
 لكن في الفترة المعاصرة تغير تعريف ومنزلة الإنسان في الوجود جذرياً. فإذا كان الإنسان في القديم يُعرَّف على أنه حيوان ناطق أو حيوان عاشق، فاليوم أصبح الإنسان حيواناً سياسياً. فالسياسة والقوة السياسية تحتل من الإنسان اليوم مركز الريادة وكل المعادلات. اليوم "الإنسان في الدنيا" محط الاهتمام وليس "الإنسان في الآخرة" أو "الإنسان في سماء الفناء الصوفي".
  حتى مفاهيم من قبيل "العشق" أصبح لها تعريفها الخاص في العهد الجديد يتفاوت كلياً مع تعريفها في العهود القديمة. المعشوق اليوم هو ذاك المعشوق الأرضي أو في مفهومه المتعالي والسامي هو تلك المفاهيم السامية مثل العدالة والإنسانية وليس هو ذاك المعشوق العلوي الذي لا يصله أحد.
نزل العشق من السماوات والأفلاك إلى الأرض واتخذ لنفسه لوناً أرضياً..وكل هذا يتجلى بوضوح في الأدب المعاصر..
4.  تغيُّر الذوق الجمعي :
  النتيجة الأولى لتغيير الرؤى والعقائد هي تغير الذوق الجمعي للإنسان المعاصر أو الحديث، فنظرة سريعة إلى نوع اللباس وطريقة التزيّن للرجال والنساء على حد سواء، وكذلك أسلوب العمران والمدن ومقارنة ذلك بالسابق يظهر بجلاء التغير العميق الذي طرأ على الذوق الجمعي للإيرانيين في العهد الحديث (الفترة المعاصرة). وليتضح أكثر هذا التغيير نقوم بمقارنة خصوصيات المعشوق في الأدب الكلاسيكي بالمعشوق في الأدب الحديث بجنسيه الشعر والسرد. ففي الأدب الكلاسيكي كان شعر المعشوق أسوداً دائماً وطوله يصل حتى الصين، وثغر المحبوب كان بصغر نقطة وقوامه يشبه شجر السرو وخدوده منتفخة ووردية اللون، وحركاته تشبه حركات الغزال، وكان هذا المعشوق بعيد المنال وغارقاً في هالة من القدسية والإبهام بعيداً عن الجنس...لكن المعشوق في الأدب المعاصر له خصوصيات متفاوتة تماماً. فالمعشوق الكلاسيكي لا وجود له في شعر اليوم ولا في المجتمع اليوم. فإذا كان الذوق الجماعي للقدماء في الأدب يستحسن آهات ومعاناة العاشق المؤلمة وتعالي المعشوق، فإن جيل اليوم يعتبر هذا السلوك من قبيل الاختلال الروحي والنفسي ويطلق عليه اسم "مازوخيسم" أو "ساديسم". ففضاء الأدب الكلاسيكي النير تحول إلى عالم مظلم في الشعر والأدب المعاصر. و لمعرفة ذلك يكفي مقارنة نسبة الألوان الفاتحة والقاتمة في الأدبين القديم والحديث. لذلك فإن الذوق الجمعي للأدباء المعاصرين – والذي يُعبِّر عن ذوق وسليقة المجتمع بأكمله – ينطوي على أشياء جميلة لم تكن كذلك في الشعر الكلاسيكي والعكس صحيح، وتبرز أهمية هذا الموضوع في دراسة صور الأخيلة في الشعر المعاصر.
5. كثرة الالتزامات وقلة الوقت ووفرة التسلية :
وهذه كذلك خاصية من الخصوصيات الثقافية المعاصرة التي ظهرت مع تغير حياة الإنسانمن حياة زراعية إلى صناعية آلية. فإذا كان القدماء يقضون ليالي الشتاء الطويلة في قراءة الشاهنامة وسائر الأنواع الأدبية لسبب قلة المشاغل ووفرة الوقت وانعدام التسلية. فإن حياة المدينة والصناعة والآلة كسرت كل هذه المعادلات وأحدثت نظاماً جديداً غيرت الإنسان تغييراً كبيراً حتى أصبح مثل الآلة. وقد أثَّر كل هذا على الآثار الأدبية كلها دون استثناء.
الشعر الفارسي في مرحلة التجديد، نيما يوشيج نموذجاً (د/ أحمد موسى) :
Majallah-e-Tahqiq
Research Journal of the Faculty of Oriental Learning
Vol: 30, Sr.No.76, 2009, pp  151 – 16
نشرت هذه الدراسة في مجلة "مجله تحقيق" التي تصدر عن كلية الدراسات الشرقية، لاهور، باكستان، العدد 30
مما جاء في هذه الدراسة :
يعتبر شعر الثورة الدستورية (المشروطة) (1906-1908م) والشعر المعاصر عموماً استمراراً للحركة المنطقية للشعر الكلاسيكي الفارسي في العهد الجديد. فبالرغم من التفاعل الذي طبع الأدب الفارسي المعاصر والثقافة والأدب الغربيين وتأثر الأول بالثاني، إلا أنه احتفظ بطابعه وصبغته الإيرانية. ولعل أفضل تعبير نصوِّر به علاقة الأدب المعاصر بالأدب والثقافة الكلاسيكيتين، هو تعبير "الأبوة والبنوة"، فذاك الأب بدون هذا الابن يبقى عقيماً، وهذا الابن بدون ذاك الأب يضحى عديم الأصل. لذلك يمكن اعتبار شعر ثورة المشروطة استمراراً للمسار الذي قطعه الشعر الفارسي طيلة قرون و عصور طويلة. فتارة بثَّ – في شكله الحماسي - في جسد الثقافة الجريح روح الأمل والاستقلال والهوية والحرية، وتارة قرّر حكاية غربة الإنسان في العالم السفلي، وأحياناً أخرى كان بلسماً شافياً لروح الناس بتوجهه الجدي نحو العشق الإنساني الطاهر...واليوم في عصرنا يجدر به ربط الاتصال بالإنسان معلناً عن ولادة جديدة.
Abstract:
The classical Persian poetry went through drastic structural changes during and after the Constitutional Movement. New themes and fresh ideas were introduced and a new chapter of Persian poetry was unveiled. Nima Ushij is rightly considered and known as the founder of modern Persian poetry but there are quite a few poets who played their part and discovered new heights and Sohrab Sepehri is one of them. In this article, the writer has thrown light on his poetry and furthermore added Arabic translation of some famous poem of this great modern age poet.                                                                                                    
Key words: Modern Persian poetry, Changes, Sohrab’s contribution.


لم يكن عمر الخيام أخصائياً في العلوم الرياضية و الحكمية فحسب،بل كان فوق ذلك شاعراً ممتازاً و مفكراً من أكابر المفكرين،و قد وضع مؤلفات فلسفية وفقاً لرأي خاص،و كان أستاذاً في الفلسفة لعلماء متشرعين،و هذا يعني أنه ليس مفكراً فحسب بل فيلسوفاً صاحب طريقة و مذهب.
للخيام نفاذ فكر و نظر خاص و شفافية في البيان،و سعة قريحة و خيال،و بعدٌ عن الإطناب في الكلام تجعل له مكانة سامية خاصة بين شعراء الفرس المبرزين الذين سنعمد إلى التعريف بهم و بآثارهم على الآداب الأخرى في سلسلة من المقالات تحت عنوان "عمالقة الأدب الفارسي" نخصص الحلقة الأولى منها للشاعر الفيلسوف و المفكر عمر الخيام.
لقد كان لعمر الخيام تأثيره الكبير في أوروبا التي عرفته شاعراً أقرب في تفكيره و مذهبه في الحياة إلى الوجودية،و أصبح الخيام،بفضل ترجمة رباعياته[1] إلى لغات عالمية كثيرة،عَلَماً من أعلام التراث الأدبي العالمي.
لا يخفى على الدارس للآداب الشرقية عامة التفاعلات و التعامل الأدبي بينها تأثيراً و تأثراً،إن على مستوى الشكل أو المضمون.و لمن أراد التبين من ذلك فعليه مراجعة ما كتب عن التفاعل و التأثر المتبادل بين الأدبين العربي و الفارسي و كذلك التركي و ...[2].
و في محاولة لإبراز تأثير الآداب الشرقية و بالخصوص الأدب الفارسي في الآداب الغربية نخصصهذا المقالة للتعريف بالخيام و دور رباعياتهفي الاستفادة الكبيرة التي حققتها الحضارة الغربية من الحضارة الشرقية مناقشاً أثر الترجمة من رباعيات الخيام إلى لغات أخرى في تحقيق انتعاشة ثقافية تؤكد ريادة الحضارة الشرقية (الفارسية) و أثرها الواضح في الغرب...فالآداب الشرقية و الإسلامية لها تأثير واضح و ملموس في الآداب الغربية،فالأدب الفارسي ساهم بنصيب وافر في تدعيم مسيرة التأثير الشرقي الإسلامي على الغرب،و الأمثلة على هذا المدعى كثيرة و جلية للعيان،فتأثير كتاب "كليلة و دمنة" و تأثير عمر الخيام –كما سنرى في هذا البحث – لا يمكن بحال من الأحوال إلا أن يكون دليلاً صادقاً على الصلات المتبادلة بين الثقافة الشرقية و الغربية.و تعد فترة القرن الثاني عشر الميلادي من الفترات المهمة في تاريخ الاتصال بين الشرق و الغرب صاحبتها حركة قوية للترجمة واسعة النطاق تدفقت خلالها الثقافة العربية إلى الآداب الأوروبية خاصة من خلال معبر إسبانيا التي شكلت محوراً هاماً للاتصال بين الحضارتين...و في هذا الصدد لا يخفى أن الترجمة كانت و مازالت تضطلع بدور رئيسي في  عملية الحوار بين الشرق و الغرب منذ أقدم العصور حيث تؤكد الشواهد التاريخية أن الإغريق اهتموا بالترجمة و نقل الإنتاج الثقافي العلمي من دول المشرق و ترجمته للاستفادة منه.كما أولع المستشرقون البريطانيون في ترجمة التراث الهندي و نقله للغرب يضاف إلى كل هذا ترجمة الغرب لما أفرزته الحضارة الإسلامية،فكانت نواة للنهضة الأوروبية الحديثة...كما لا يجب نسيان أساليب التلاقي بين الشرق و الغرب مثل الأندلس و ما شهدته خلال فترة الحكم الإسلامي من رواج  الترجمة ،و كذلك الحروب الصليبية كانت حلقة وصل هامة بين الشرق و الغرب،وأيضاً أشير إلى التجارة بين المشرق و المغرب و ما كان لها من دور بارز في حركة الترجمة و نقل أفكار الشرق إلى الغرب.
  في إطار هذا الحوار الذي أشرت إليه سأخصص سلسلة من المقالات موضوع للحديث عن شخصيات أديبة و إسلامية جامعة للمعرفة بشتى ضروبها تركت بصمات واضحة على الآداب العالمية..


ليست هناك تعليقات: