صدور ترجمتي الجديدة لعام 2023

أُلِّفت "رحلة رضا شاه إيران إلى إمارة عربستان" في العام 1924م، وتصنف هذه الوثيقة ضمن أهم الوثائق التاريخية في العصر البهلوي (1925-1979م) التي ترصد وقائع فترة انتقالية مهمة وحسّاسة في الحياة السياسية الإيرانية خلال القرن العشرين. هذه الرحلة التي نشرت في ذلك العصر على نحو محدود سوف تصبح من الوثائق المفقودة ولن ترى النور مجدّدًا إلا في أواخر حكم محمد رضا شاه بهلوي (حكم: 1941-1979م)، نجل رضا شاه بهلوي (حكم: 1925-1941م)، على يد المركز السياسي والثقافي  للدراسات والنشر في العصر البهلوي. وكان ذلك بمناسبة تنظيم المراسم الوطنية للاحتفال بالعهد الملكي البهلوي (1975م).

عنوان الرحلة باللغة الفارسية هو "سفرنامه شاه به خوزستان"، وقد استخدم المؤلف اسم "خوزستان" بدل عربستان، في العنوان وفي كل فصول الكتاب وهو تحريف واضح لأن الاسم الرسمي للإمارة كان لايزال في تلك الفترة هو عربستان. والإيرانيون أنفسهم هم من أطلق اسم عربستان على هذه المنطقة، كان ذلك في عهد الشاه إسماعيل الصفوي اعترافًا منهم بأن هذه المنطقة أرض عربية وشعبها عربي، بحيث يشكلون الأغلبية الساحقة في هذا الإقليم العربي الذي يحوي من الآثار والملامح والوجود ما يؤكد عروبة عربستان وأصالتها. وقد ظلت هذه التسمية مستمرة ومعروفة لدى الفرس والعرب والأتراك وحتى المستعمرين الغربيين، إلى أن احتل الإيرانيون هذا الإقليم عام 1925م وأعلنوا إلغاء اسم عربستان واستبداله باسم خوزستان. التحريف نفسه طال أسماء المدن والقرى والبلدات في إمارة عربستان حيث تعمد صاحب الرحلة ذكر الأسماء الفارسية لهذه الأماكن، لكني في هذه الترجمة اعتمدت الأسماء العربية الأصلية لكل الأماكن التابعة لتراب إقليم عربستان.

يمكن تصنيف هذه الرحلة ضمن صنف الرحلات الرسمية التي تشمل كلًّا من الرحلات التكليفية والإدارية والسفارية وغيرها، ويقف وراءها دوافع عديدة منها استطلاع أخبار البلاد المجاورة والقيام بأعمال التجسس، والغزو والحروب أيضًا.

لهذه الرحلة أهمية بالغة لأنها، أولًا، تتمحور حول سفر مؤلفها شاه إيران رضا بهلوي، من طهران إلى إقليم عربستان، مرورًا بالعديد من المحافظات والمدن والقرى الإيرانية، وانتهاءً بزيارة العتبات والمزارات الشيعية المعروفة في العراق، من قبيل الكاظمية وسامراء وكربلاء، ثم العودة مجددًا إلى العاصمة الإيرانية طهران.

تحدّث رضا خان في هذه الرحلة عن مشاهداته، ووصف الأماكن التي مر بها، وذكر زياراته لبعض المعالم والآثار ولقاءاته بالعلماء ورجال الدين في كل من إيران والعراق. هذه الرحلة مشغولة بهمٍّ توثيقي بموازاة انشغالها بالشأن الجغرافي والسياسي والعسكري؛ تمدنا بكم هائل من المعلومات التاريخية والجغرافية والسياسية والعسكرية وعدد من الوثائق والمستندات، وتتخللها أيضًا إشارات ومعلومات عن حياة الناس وعاداتهم في المدن والقرى والجبال والبحر والأودية التي مرّ بها صاحب الرحلة أو نُقلت إلى أسماعه.