تاريخ اللغة الفارسية


نظرة إلى تاريخ الأدب الفارسي حتى العهد التيموري
مقدمة :

تعادل اللغة الفارسیة فی المفهوم العام «الإیرانیة» وهی تمثل فی آثار المؤلفین القدامى، جمیع اللهجات الإیرانیة التی انتشرت قبل الإسلام فی غالبیة مناطق قارة آسیا. 

بعد انتشار الإسلام فی إیران، انتشرت اللهجات الإیرانیة المختلفة، ومنها «الدریة» فی أفغانستان و باکستان و الهند و العراق و سوریا و ترکیا و عمان و القوقاز و الصین وآسیا الوسطى. کانت اللغة الدریة تستعمل منذ عصر الساسانیین إلى جانب اللغة البهلویة. مرت هذه اللغة فی العصر الإسلامی بمراحل مختلفة طرأت علیها خلالها تحولات ملفتة للنظر من حیث القالب و الصیاغة و والمضمون وأصبحت لغة الشعر والأدب الإیرانی فی العصر الإسلامی، فُکتبت آثار أدبیة بهذه اللغة تشمل الشعر والنثر.
عهد الطاهریین و الصفاریین :
القرن الأول حتى القرن الثالث الهجری: تبقت أولى نماذج الأدب الفارسی من القرنین 3و4 ﻫ من العصر الإسلامی. والمعلومات الوحیدة التی نمتلکها عن شعراء القرون الأولى تتمثل فی فهرس بأسمائهم. 
واستناداً إلى روایة مؤلف تاریخ سیستان، فقد مدح محمد بن وصیف السجزی لأول مرة یعقوب لیث الصفار بالشعر الفارسی؛ ومدحه من بعده شعراء آخرون مثل بسّام الکورد ومحمد بن مخلد السجزی باللغة الفارسیة. کما اعتبر العوفی، حنظلة البادغیسی أول شعراء العهد الطاهری، و عدّ فیروز المشرقی و أبو سلیک الجرجانی شعراء عهد عمرو لیث الصفار. 
ولم تتبق الأشعار المتناثرة و القلیلة لشعراء هذا العهد إلا فی کتب التذاکر. و لا تتمتع هذه الأبیات بالمیزة الموسیقیة، و ألفاظها غیر متناسقة و أفکارها بسیطة و عاریة من الزینة. لم تصلنا من شعر هذا العهد نماذج کثیرة. و أما الأشعار التی جمعها لازار، فلا تتجاوز 50 بیتاً على أن تاریخ حیاة ناظمیها لیس مؤکداً کما صرح بذلک شفیعی کدکنی، کما إن هناک شکوکاً فی نسبة هذه الأشعار إلیهم. ویرى زرین کوب أن «سرود أهل بخارا» [نشید أهل بخارى] هو أول أثر منظوم فارسی وصلنا من العصر الإسلامی، حیث تبقى منذ سنة 56 ﻫ. و من حیث خلق الصور، تعد التشبیهات المحسوسة و المادیة أهم الأشکال فی هذا العهد، و نحن نشهد بوضوح تأثیر صور الشعر العربی لدى بعض الشعراء مثل فیروز المشرقی. و بغض النظر عن شعر فیروز المشرقی و حنظلة البادغیسی، تخلو آثار شعراء هذا العصر الآخرین و خاصة آثار محمد بن وصیف السجزی من الصور.
عهد السامانیین و الغزنویین :
یعتبر هذا العهد الذی یشمل فترة تمتد من النصف الثانی من القرن 3 ﻫ و حتى النصف الأول من القرن 5 ﻫ، عهد الاهتمام بالثقافة القومیة وشیوع الشعر والنـثر الفارسیین وترسیخهما.
الشعر : بلغ الشعر الفارسی فی هذا العهد مرحلة النضوج و الانسجام بفضـل شعراء مثل الرودکی (توفی 329 ﻫ) و الشـهید البلخـی (توفی 325 ﻫ). 
و قد أدى استمرار جهود شعراء هذا العصر إلى ظهور شعراء کبار مثل الفردوسی و الکسائی و منوجهری و فرخی و عنصری حیث تتمتع آثارهم بتنوع لافت من حیث الأسلوب و المضمون. 
و یعتبر هذا العهد من الشعر الفارسی الذی شاعت فیه أنواع القوالب الشعریة، أکثر عهود الشعر الفارسی طبیعیةً بفضل تمتع هذا الشعر بسهولة عناصر الخیال؛ کما یعد أغنى و أخصب عهود الأدب الفارسی من حیث الصور الحسیة و التجارب الشعریة المباشرة و تنوع المجالات التصویریة. 
و من خصائص الأدب فی هذا العهد کثرة الشعراء. و استناداً إلى ما ذکره ذبیح الله صفا، فقد کان نطاق الشعر الفارسی الدری مقتصراً فی هذا العهد على مناطق إیران الشرقیة. 
و یختص القسم الأکبر من الأشعار المتبقیة من هذا العهد بالثناء على الممدوحین، و قد کان الشعراء یمدحون الوزراء و رجال الحکم و أصدقاءهم و العلماء و أولیاء الدین و النبی(ص) و الخلفاء بالإضافة إلى مدح الملوک، و لکنهم لا یبالغون فی الثناء على الممدوح.
کان نظم الرثاء شائعاً أیضاً فی هذا العصر إلى جانب المدح. و الموضوع الملفت للنظر أن المراثی نظمت فی قوالب شعریة مختلفة، اعتباراً من الدوبیت و حتى القصائد المفصلة. 
و من خصائص أدب هذا العهد، طرح الأفکار الحکمیة و الأخلاقیة فی الشعر. و یدل غنى الشعر الفارسی بالمضامین الحکمیة و الأخلاقیة فی أولى مراحل تکامل الشعر الفارسی، على وجود مصادر من هذا القبیل فی شعر ما قبل الإسلام، ذلک لأننا نادراً ما نصادف مثل هذه الأغراض فی الشعر العربی. 
و قد ظهرت الفکاهة و الهجاء أیضاً بعد عهد الصفاریین فی الشعر الفارسی و لأننا لا نجد أثراً للهجاء فی الأدب الفارسی فی عصر ما قبل الإسلام، فإن بالإمکان الاستنتاج أن الهجاء أصبح متداولاً فی الشعر الفارسی على إثر تقلید الشعراء العرب. 
و یعتبر الغزل نموذج الشعر الغنائی فی هذا العهد، حیث کان ینظم أحیاناً فی مطلع القصیدة، و أحیاناً بشکل مستقل و یتضمن أحاسیس لطیفة و ألفاظاً سهلة و سلسة، و مقرون فی غالبیته جمال المعشوق بأوصاف الطبیعة. 
و یعد هذا العهد بدایة نظم الملاحم فی إیران. و قد کان من أهم دوافع اتجاه الإیرانیین إلى نظم الملاحم فی عهد السامانیین، تأثرهم بمساعی الشعوبیین و ثورة الإیرانیین القومیة فی بدایة هذا العهد. و یعتبر مسعودی المروزی أول من انبرى إلى نظم ملاحم الإیرانیین الوطنیة، حیث لم تذکر منظومته الشاهنامه، سوى مرتین فی کتاب البدء و التاریخ، و یبدو أنها کانت قد نظمت قبل 355ﻫ. 
و الأثر المهم الآخر هو گشتاسپ نامه فی ألف بیت الذی نظمه أبو منصور محمد بن أحمد دقیقی البلخی فی النصف الثانی من القرن 4 ﻫ ، و قد أدرجه الفردوسی فی الشاهنامة عند حدیثه عن حکم گشتاسب. 
و قد نظمت فی هذا العهد أهم و أکبر ملحمة تاریخیة إیرانیة، ألا و هی الشاهنامة و قد کانت فی متناول ید الفردوسی بالإضافة إلى أثر دقیقی و شاهنامة أبو منصوری، قصص مستقلة أخرى کانت معروفة آنذاک. یجدر ذکره أن جهوداً کانت قد بذلت قبل الفردوسی بهدف تدوین ملاحم الإیرانیین القومیة من بینها شاهنامة أبو منصوری التی لم یتبق منها سوى مقدمتها. 
و قد بدأ فی هذا العهد نظم نوع من شعر الزهد الدینی و الحکمی بظهور أشخاص مثل الکسائی المروزی (تـ341 ﻫ) و ناصر خسرو القبادیانی (394-481 ﻫ)، حیث ذُم فیه المدح و الغزل بشکل واضح. 
و منذ هذا العهد، وصَلَنَا کلام منظوم یتضمن الأفکار الصوفیة. و قد وردت الإشارة فی تمهیدات عین القضات فی آثار العهد الغزنوی إلى أسماء أو عدد من الأبیات لأشخاص مثل أبی العباس القصاب، و أبی الحسن البستی، و أبی علی الدقاق، و أبی سعید أبی الخیر و الشیخ أحمد و لکن أیاً منهم لم یکن یحترف الشعر و هذا ما یدل على أن الشعر الصوفی قبل السنائی کان شائعاً بین مشایخ التصوف. 
و قد ظهرت فی أواخر هذا العهد آثار نفوذ الشعراء الناطقین بالعربیة فی الشعر الفارسی. و تلاحظ فی شعر فرخی (تـ429 ﻫ) علامات التأثر بالقصص الغنائیة فی الأدب العربی وکذلک الصور الشعریة للشعراء العرب. کما نُسجتِ فی شعر منوجهری (تـ 432 ﻫ) صور من الطبیعة مستلهمة من عرائس الشعر العربی، تأثرت قبل کل شیء بالصور الشعریة للشعراء العرب، و خاصة شعراء العهد الأول. 
و تتضمن أشعار شعراء هذا العصر استخدام الألفاظ و التعابیر البسیطة الخالیة من التصنع، و الصناعات البدیعیة البسیطة و استعمال الألفاظ المحلیة التی نُسخت فیما بعد. و قد شاع فی هذا العهد استخدام الردائف البسیطة و قد تأثر الشعراء أحیاناً بنظرائهم العرب. و قد سمی هذا الأسلوب التعبیری فی آثار النقاد و کتّاب التاریخ الإیرانیین باسم الأسلوب الخراسانی و أحیاناً الترکستانی. 
النـثر : تبقت من آثار النثر فی هذا العهد نماذج لا یتضمن بعضها التقریر الأدبی فغالبیتها اختص بالمواضیع العلمیة. و یمکن أن نذکر فی هذا المجال حدود العالم من المشرق إلى المغرب الذی ألفه مؤلف مجهول فی حدود سنة350 ﻫ، و کذلک الأبنیة عن حقائق الأدویة لأبی منصور الهروی و دانشنامه علائی لابن سینا و تاریخ البلعمی لأبی علی البلعمی و ترجمة تفسیر الطبری لأبی جعفر الطبری و ترجمة السواد الأعظم فی عقائد أهل السنة لأبی القاسم الحکیم السمرقندی (تـ 342 ﻫ).
عهد السلاجقة و الخوارزمشاهیین :
یعود أدب العهدین السلجوقی و الخوارزمشاهی إلى النصف الثانی من القرن 5 ﻫ حتى بدایة القرن 7 ﻫ. و فی هذا العهد اجتاز الشعر الفارسی مسیرة تکامله و تحوله، فضلاً عن أنه کان استمراراً منطقیاً للشعر فی السابق فاتسعت حدود اللغة الفارسیة و الأدب الدری اتساعاً شاملاً و قد کانت فتوح ناصر الدین سبکتکین و السلطان محمود الغزنوی فی الهند، أول محاور انتشار اللغة الفارسیة إلى خارج حدود إیران. و من بعد الغزنویین أدى نفوذ السلاجقة فی آسیا الصغرى إلى انتشار اللغة الفارسیة فی تلک البلاد و تحولها إلى لغة رسمیة؛ حتى کانت آسیا الصغرى فی نهایة هذا العهد و بدایـة القـرن 7 ﻫ ، أحد المراکز المهمة للغة الفارسیة. 
الشعر : أدى الانتشار الجغرافی لشعراء هذا العهد إلى ظهور ثلاث مدارس شعریة فی إیران : 
ألف – مدرسة شعراء خراسان : أقبلت هذه المجموعة من الشعراء على إحیاء الأسلوب السامانی و العهد الغزنوی الأول و تطویره. بحیث أن ناصر خسرو و قطران تبریزی کانا یتبعان الأسلوب السامانی. و یعد لامعی نموذج الشعراء المتبعین لأسلوب العهد الغزنوی الأول، و أبدع مسعود بن سعد سلمان أسلوباً یتراوح بین أسلوب فرخی و عنصری. و استمراراً فی هذا الأسلوب، فقد ظهر فی النصف الثانی من القرن 6 ﻫ شعراء کان أنوری أبرزهم. و قد نظمت هذه المجموعة أشعاراً بسیطة و سلسة عبر اعتماد لغة الحوار کانت أشبه ما تکون بالمحاورة العادیة و هذا ما أدى إلى امتزاج لغتهم الشعریة بالمفردات العربیة بسبب استخدام الناس لهذه المفردات. و یتمثل الاختلاف المهم بین شعر شعراء هذا العهد و بین أشعار العهد الغزنوی الأول، فی تعقد بعض الأشعار (مثل القصائد) فی هذا العهد، و هو ما یعود بدوره إلى سببین رئیسین : الأول أن أنوری و أتباعه کانوا یمیلون إلى خلق مضامین دقیقة و معانٍ مبهمة، و الآخر أن المجموعة الأخیرة من الشعراء کانت تستخدم الأفکار العلمیة و مصطلحات العلوم المختلفة فی الشعر. 
ب- أسلوب شعراء آذربایجان: تزامنا مع التحول الذی أوجده أنوری و أتباعه فی خراسان فی الشعر الفارسی، و کذلک مع تأسیس الأسلوب العراقی، أوجدت مجموعة من الشعراء فی الشمال الغربی من إیران أسلوباً جدیداً بالکامل یعرف باسم أسلوب شعراء آذربایجان. و أهم شعراء هذه المجموعة أبو العلاء الگنجی و فلکی الشروانی و مجیر الدین البیلقانی و الخاقانی و نظامی. 
ج- أسلوب شعراء العراق: یطلق هذا الأسلوب على أسلوب شعراء أصفهان و همدان و الری و أطراف هذه المدن. 
و یعد جمال الدین الأصفهانی أکبر شعراء هذا الأسلوب. و قد کان له دور کبیر فی تحول الغزل و تکامله فی عصره. 
و من الخصائص المهمة للشعر فی هذا العهد إقبال مجموعة من شعراء الأسلوب العراقی على نظم الغزل و المباحث الصوفیة. 
کما تتجلى لنا شواهد على الاهتمام بالتصوف فی آثار شعراء العهد السابق أیضاً، و لکن القرن 6 ﻫ یعتبر عصر ازدهار الأدب الصوفی. و قد أدى نفوذ الأفکار و الرؤى الصوفیة فی أدب هذا العهد إلى خلق تیارین متزامنین فی البیئة الأدبیة ذلک العصر. فقد ظهر أولاً تنوع فی مضمون الشعر الفارسی و أدى ثانیاً إلى ابتعاد الشعراء عن بلاط الحکام. 
اتجه سنائی الغزنوی فی هذا العهد و لأول مرة إلى خلق المنظومات الصوفیة الکبیرة و خلف أشعاراً مثنویة هی "حدیقة الحقیقة" و "طریق التحقیق". و صنف من بعده عطار النیسابوری آثاراً کثیرة فی مجال التصوف منها منظومات "منطق الطیر" و "أسرارنامه" و "مصیبت نامه" و "إلهی نامه". 
کان القالب الغزلی – الذی حظی باهتمام خاص فی هذا العهد – یستخدم إلى حد ما منذ القرن 4 ﻫ فی الشعر الفارسی، و لکن أنوری و أتباعه أسسوا أسلوباً جدیداً و عرضوا المضامین الدقیقة فی إطار کلام بسیط و سلس و فی قالب أشعار غزلیة لطیفة، و بذلک هیئوا الأرضیة لظهور شعراء الغزل الکبار فی العهد التالی. 
ویعتبر عهد السلاجقة و الخوارزمشاهیین عهد رکود فی نظم الملاحم قیاساً إلى العهود السابقة، و ذلک لأن الفردوسی فی العهد السابق لم یأل جهداً فی التطرق إلى التاریخ و الأساطیر القومیة الإیرانیة، و لم یُبقِ من خلال نظم الشاهنامة مجالاً لطرح موضوع جدی فی مجال القضایا القومیة و من جهة أخرى فإن موضوع الملحمة و لغتها القدیمة لم یکونا منسجمین مع ما کان شائعاً فی هذا العصر؛ و الأهم من کل ذلک، فإن حکم الغلمان و القبائل من الجنس الأصفر و تصاعد العصبیات الدینیة أدى إلى ضعف المفاخر العنصریة و زوال الظروف المناسبة لنظم الملاحم القومیة، و مع کل ذلک، فقد عکف شعراء آخرون فی أوائل هذا العهد على إکمال عمل الفردوسی، و منهم أسدی الطوسی الذی بادر إلى نظم گرشاسپ نامه، و إیران شاه بن أبی الخیر الذی نظم بهمن نامـه و کوش نامه، و عطائی الرازی الذی عمد إلى نظم برزونامـه. 
و فی هذا الوقت الذی کانت فیه الملاحم القومیة و البطولیة مصابة بالرکود، بدأ بالازدهار نظم القصص أو الملاحم الرومانسیة فی أواسط القرن 5 ﻫ . فقد أوجد من خلال ترجمة ویس ورامین من البهلویة إلى الشعر الفارسی الدری مدرسة خاصة فی نظم القصص، حذا حذوها الکثیر من الشعراء بعده، و فی نهایة القرن 6 ﻫ ، أوصل نظامی الکنجوی نظم القصص إلى ذروته، حیث أدت مهارته فی نسج القصص المختلفة فی پنج گنج إلى أن یقلد أثره هذا الشعراء الناطقون بالفارسیة لقرون. 
و الظاهرة المهمة فی شعر هذا العهد هی ظهور عمر الخیام النیسابوری الذی یمثل بحد ذاته أسلوباً خاصاً فی الأدب الفارسی. فقد عبَّر الخیام و لأول مرة عن الأفکار الفلسفیة العمیقة فی قالب رباعیات بلیغة و سلسة و فی إطار من الظرافة و الهزل و عدم الاهتمام بالدنیا. 
و قد أدى اهتمام شعراء هذا العهد إلى الإتیان بمضامین دقیقة و تنافسهم مع بعضهم البعض و اطلاعهم على العلوم الأدبیة و العلوم الأخرى إلى أن یکتسب الشعر شکلاً مصطنعاً و فنیاً. و من جهة أخرى، أدت قضیة امتحان الشعراء، إلى التزام الأردفة المعقدة و تبنی المهارات الشعریة. و بشکل عام یعتبر القرن 6 ﻫ، أی عهد السلاجقة من أهم عصور الأدب الإیرانی من حیث تاریخ الأدب و المعرفة بالأسالیب.
النـثر: یعد القرن 5 ﻫ بدایة اقتراب خراسان من بغداد و نفوذ اللغة العربیة فی النثر الفارسی. و فی خلال هذا العصر أسهم السلاجقة من خلال اهتمامهم بنشر الدین الإسلامی فی انتشار اللغة العربیة فی إیران. و مع کل ذلک، فقد أصدر ألپ أرسلان بعد أن جلس على العرش أمراً بکتابة جمیع السجلات بالفارسیة مما أدى إلى ظهور آثار مختلفة فی النـثر الفارسی. و یعتبر تاریخ بیهقی أبرز و أول نموذج للأسلوب النثری فی هذا العهد، حیث استخدم أبو الفضل البیهقی فی تألیفه أسالیب مثل الإطناب المطلوب،و تجنب استعمال المرادفات و توظیف العبارات المتتالیة بهدف إیضاح الموضوع، و لکن الکتّاب من بعده بالغوا فی ذلک، و منهم نصر الله المنشی فی کلیلة و دمنة و القاضی حمید الدین البلخی فی مقامات حمیدی، وهذا ما أدى شیئاً فشیئاً إلى ظهور النثر الفنی فی القرن 6 ﻫ. 
و من فروع النثر الفارسی فی هذا العهد النثر الصوفی. فقد کان متصوفو القرن 5 ﻫ ، یکتبون مواضیعهم بنثر سهل. و قد تبقى فی هذا المجال من أواخر القرن 5 ﻫ کشف المحجوب للهجویری، و یمکن أن نذکر من بعده تذکرة الأولیاء لفرید الدین العطار النیسابوری حیث تم تألیفه بنثر مرسل. 
ظهر التحول فی النثر الصوفی على شکل میل إلى السجع و تحت تأثیر الأدب العربی و یبدو أن الخواجه عبد الله الأنصاری عمد و لأول مرة فی أواخر القرن 5 ﻫ، إلى التسجیع و کتابة النثر المسجع فی رسائل مثل مناجات نامه و کنـز السالکین. 
تعد آثار هذا العهد متنوعة للغایة من حیث العدد و الموضوع، و لکن النثر الفنی هو الأسلوب الغالب فی نثر هذا العهد. کما یشیع النثر المرسل أیضاً فی تألیف الکتب العلمیة و الصوفیة . و فضلاً عن ذلک یوجد أیضاً النـثر المتوسط (قسم منه مرسل، والقسم الآخر فنی).
عهد المغول :
یبدأ هذا العهد من الأدب الفارسی من هجوم چنکیـز سنة 616 ﻫ و یستمر حتى هجوم تیمور 782 ﻫ. 
أدت الاضطرابات الناجمة عـن هجوم چنگیز فی النصف الأول من القرن 7 ﻫ إلى رکود تألیف الآثار الجدیدة، و أدت فی النصف الثانی من هذا القرن إلى رکود التعلیم والتعلم؛ و لکن کثرة شعراء هذا العهد و وفرة آثاره الأدبیة یعودان إلى عدة عوامل : الأول أن الأدباء البارزین فی هذا العهد هربوا کلهم إلى الدول المجاورة، أو واصلوا نشاطهم فی ظل الحکام المحلیین؛ و الثانی أن عواقب هجوم المغول لم تظهر إلا بعد فترة طویلة کما هو حال أی هجوم و تغیر آخر؛ و الثالث أن الکثیر من الآثار الأدبیة للقرون السابقة دمرت بشکل کامل خلال هجوم المغول، فی حین لم تعد تحدث فی إیران مثل هذه التحولات المدمرة بعد هجوم المغول و لذلک بقیت الآثار المتبقیة من عهد المغول دون زیادة أو نقصان و هذا ما أدى إلى أن یبدو کأن الآثار الأدبیة فی عهد المغول قد نمت بشکل ملفت للنظر من الناحیة الکمیة. 
الشعر : نواجه فی أوائل عهد المغول ظهور شخصیتین لا نظیر لهما فی الأدب الفارسی: الأولى تتمثل فی جلال الدین الرومی (604-672 ﻫ) والأخرى سعدی الشیرازی (606-691 ﻫ). 
و فی هذا العصر ذاته أسهم شعراء فی نشر اللغة الفارسیة خارج إیران، و منهم أمیر خسرو الدهلوی (651-725ﻫ) الشاعر الإیرانی الأصل الهندی النشأة و الذی اشتهرت قصائده و غزلیاته و مثنویاته؛ کما یعتبر أمیر نجم الدین الحسن السجزی المعروف بالحسن الدهلوی (651-729ﻫ) من الشعراء الناطقین بالفارسیة فی الهند فی هذا العهد. 
و فی القرن 7 ﻫ کان الغزل الفارسی ینظم بشکلین عامین: الأول هو غزل الحب الذی تعتبر أشعار سعدی الشیرازی مثاله البارز و الآخر الغزل الصوفی الذی هو استمرار للأسلوب الذی کان قد طرحه عطار فی الشعر الصوفی و بلغ به الذروة فی هذا العصر فخر الدین العراقی و جلال الدین الرومی. 
و فی نهایة القرن 7 ﻫ امتزج الغزل الصوفی بغزل الحب و ظهر أسلوب جدید کان ینقل الأفکار الصوفیة السامیة و الحکمة و الوعظ فی قالب الأفکار الشعریة و لغة الغزل اللطیفة و الدقة فی المحافظة على ظاهر الألفاظ. ویمکننا أن نذکر من جملة شعراء هذا الأسلوب أوحدی المراغی و خواجوی الکرمانی و عماد الفقیه و خاصة حافظ الشیرازی. 
و فی أوائل القرن 7 ﻫ وعلى إثر شیوع السیاسة الدینیة التی کانت قد بدأت منذ القرنین 5 و 6 ﻫ وعلى إثر هجوم المغول اتجهت الأفکار القومیة نحو الضعف و حدث رکود فی نظم الملاحم البطولیة – القومیة، و حل محلها فی المقابل نوع من الملاحم التاریخیة و أحیاناً الدینیة. و من جملة هذه الملاحم یمکن الإشارة فی هذا العهد إلى شاهنشاه نامه لمجد الدین محمد پاییزی النسوی و التی لم یتبق منها أثر الیوم. و یعد هذا الأثر مقدمة لتغییر مسار الشعر الملحمی الفارسی من الموضوع البطولی القومی إلى الموضوع التاریخی. 
و من المواضیع الخاصة بأدب هذا العهد، النقد الذی بلغ شکله الساخر ذروته بظهور عبید الزاکانی (تـ772ﻫ)، و من شعراء هذا العهد و کتّابه و الذین کانوا من رواد النقد کان لسیف الفرغانی و سعدی و عبید الزاکانی و حافظ سهم أکبر. 
و کانت هناک طائفة أخرى من شعراء هذا العهد اتجهت إلى نشر الأخلاق و الموعظة بدلاً من نقد مفاسد ذلک العهد، أبرزهم ابن یمین الفریومــدی (تـ 769 ﻫ). 
و بشکل عام یعتبر عهد المغول عهد تغلب الأدب الصوفی. ففی هذا العهد یطغى اللون الصوفی على مواضیع الشعر الفارسی. و کانت تعرض من خلاله المواضیع التربویة و الاجتماعیة فی قالب الأشعار المثنویة الصوفیة، حیث یعد مثنوی معنوی لجلال الدین الرومی و گلشن راز للشیخ محمود الشبستری و جام جم لأوحدی المراغی نماذجها البارزة. 
و إن اللغة الفارسیة التی کانت قد اکتسبت شکلاً متماسکا و ثابتا فی أوائل القرن 7 ﻫ و من خلال احتکاکها باللغة العربیة، قد امتزجت فی هذا العهد بالکلمات المغولیة و الترکیة إلى حد کبیر و من جهة أخرى انتشرت هذه اللغة فی الهند أیضاً على إثر هجرة الإیرانیین إلى تلک الدیار. 
النـثر : کان النثر الفارسی مزدهراً فی عهد استیلاء المغول و حتى هجوم تیمور. و السبب الرئیس فی ذلک هو إلغاء النفوذ السیاسی للخلفاء و انتهاء الحکم المرکزی لبغداد و انقطاع علاقة إیران بالشعوب الإسلامیة الناطقة بالعربیة. 
وفی هذا العهد، انتشر نثر مشحون بالصناعات البدیعیة و المبالغات و الإطناب و المفاهیم الجوفاء و الذی کان ملیئاً بالکلمات العربیة و نموذجه البارز هو تاریخ وصاف لوصاف الحضرة الشیرازی و من جهة أخرى تواصل النثر بلغة سهلة نسبیاً مع المحافظة على خصائص النثر فی هذا العهد على ید رشید الدین فضل الله و بعض المؤرخین الآخرین. 
وقد استخدم بعض کتّاب هذا العهد مثال مؤلفو طبقات ناصری و تجارب السلف و تاریخ گزیده فی کتابة آثارهم نثراً سهلاً فی حین استخدم فی هذا العهد نفسه کتّاب مثل عطا ملک الجوینی و النسوی أسلوب النثر الفنی فی آثارهم. و قد وظف بعض الکتّاب فی هذا العصر کلاً من الأسلوب البسیط و الفنی فی کتاب واحد، مثل شمس قیس فی المعجم، حیث نرى مقدمته فنیة ومتنه بسیطاً. 
و من بین الکتّاب الذین ألفوا آثارهم العلمیة باللغة الفارسیة فی القرنین 7و8 ﻫ، خواجه نصیر الدین الطوسی (597-672 ﻫ). وقد ألف أساس الاقتباس فی الحکمة العملیة و أوصاف الأشراف فی التصوف بنـثر بسیط. کما کتب أفضل الدین محمد الکاشانی (تـ707ﻫ)أفضل سائله الفلسفیة بنـثر فصیح و سلس. و کتب العلامة قطب الدین مسعود الشیرازی (634-710ﻫ) الذی کان متبحراً فی الطب و الفلسفة و الریاضیات و الفلک درة التاج الذی یعد موسوعة فلسفیة بأسلوب النثر العلمی البسیط فی هذا العهد. 
و رغم أن هجوم المغول یعتبر أحد العوامل المهمة لجمود الثقافة الإیرانیة فی القرنین 7و8 ﻫ ، لکن کتابة التاریخ شاعت فی نفس الوقت فی إیران فی هذا العهد حتى أننا نستطیع أن نعتبر الآثار التاریخیة المتبقیة من عهد المغول أفضل الآثار التاریخیة فی العالم الإسلامی و کل ذلک یعود الفضل فیه إلى رغبة الإیلخانیین فی تخلید فتوحاتهم العسکریة.
و من بین الآثار التاریخیة المهمة فی هذا العصر، یمکن أن نذکر جامع التواریخ لرشید الدین فضل الله الهمذانی (645- 717ﻫ) و تاریخ گزیده لحمد الله المستوفی القزوینی حیث انتهى تألیف الأثر الأخیر فی سنة 730 ﻫ.
العهد التیموری :
یبدأ العهد التیموری من هجوم تیمور على خراسان و سیستان فی 782ﻫ و ینتهی فی 907 ﻫ تزامناً مع بدء حکم شاه إسماعیل الصفوی. یعد هذا العصر و خاصة النصف الأول من القرن 9 ﻫ و الذی سمی عهد شاهرخ عهد شیوع الشعر و دعم الأدباء. و لکن الأدب و الشعر لم یتطور رغم انتشارهما فی هذا العهد على الرغم من کل مساعی شاهرخ و خلفائه، مثل السلطان حسین بایقرا و رغم کل الاهتمام الذی کان یبدیه أمیر علی شیرنوائی للأدباء و الفنانین و رغم تشجیع بلاط هراة لهم. و قد خصص الأدباء فی هذا العصر جهودهم لکتابة الحواشی على الآثار العلمیة للمتقدمین و النظم على منوال الآخرین. و من الأغراض الشائعة فی هذا العهد اتهام الآخرین بالسرقات الأدبیة و الشکوى من جهل الکتّاب و عدم دقتهم. 
الشعر: إن مما یثیر الدهشة هو العدد الهائل لشعراء هذا العهد فقد انبثق الشعراء من جمیع طبقات المجتمع؛ فالشعر فی هذا العهد کان من لوازم حیاة الناس الیومیة، حیث جرب الکثیر من أهل الحرف فی أوقات فراغهم حظهم فی نظم الشعر و جمعوا دواوین أشعار لأنفسهم. 
و رغم کثرة الشعراء فی هذا العهد فإن الشاعر الوحید الذی یستحق الاهتمام آنذاک هو نور الدین عبد الرحمان الجامی (817-898 ﻫ). 
یعد جامی آخر شعراء العهد التیموری و أکبر شاعر إیرانی بعد حافظ فهو شاعر و عارف و أدیب و و باحث عصره الأکبر و من زعماء الفرقة النقشبندیة و صاحب آثار شعریة و نثریة مختلفة. 
و یعتبر العهد التیموری عهد رکود نظم القصائد و شیوع الغزل و القصص المنظومة بسبب عدم وجود المرکزیة و فقدان الوحدة فی الحکم. و تتضمن قصائد العهد التیموری التغزل و النسیب والتشبیب، فقد کان شاعر هذا العهد یعدُّ بناء القصیدة الطویلة مع المطالع المتجددة من مهاراته کما کان حال ناظمی القصائد فی القرن 6 إلـى 8 ﻫ. 
و یعتبر الغزل أهم القوالب الشعریة فی العهد التیموری و أکثرها شیوعاً . و من أبرز خصائص الغزل المادی فی هذا العصر، عجزُ العاشق و یأسُه واستسلامه لأی مذلة و إهانة و جفاء و أذى من المعشوق. و تُشاهد هذه التعابیر فی أشعار جمیع شعراء هذا العهد، بل و حتى فی أشعار الملوک و رجال الحکم العثمانیین و الترکمان و التیموریین على شکل قوالب لفظیة متداولة و هذا ما یدل على عدم تناسب مضمون الغزل مع مکانة القائل ومنزلته. 
و فی العهد التیموری، لم یتبق أی مجال لنظم الملاحم القومیة رغم الهزائم المتتالیة للإیرانیین أمام شعوب الجنس الأصفر، و لکن نظم المنظومات الملحمیة التاریخیة فی بیان انتصارات الفاتحین و أمراء العهد التیموری کان شائعاً، استمراراً للأسلوب الذی کان شعراء القرنین 7و8 ﻫ قد اتبعوه. کما شاع فی هذا العهد نظم نوع من الملاحم الدینیة استناداً إلى حیاة أئمة المسلمین. و تعد خاوران نامه لابن حسام (ت 875 ﻫ) حول أسفار علی بن أبی طالب (ض) و حروبه، أهم ملحمة دینیة فی هذا العهد. 
و قد شاعت فی العهد التیموری المنظومات الغرامیة و القصصیة مع الحکایات القصیرة و إشارات إلى القضایا الحکمیة و الأخلاقیة. و یُعتَبَرُ ناظمو هذه الآثار مقلدین لنظامی الکنجوی. و من جملة هذه المنثویات ناظر و منظور و کتاب دلربای للکاتبی (تـ839 ﻫ)، حُسن و دل، لفتاحی النیسابوری (تـ 852 أو 853 ﻫ) و یوسف وزلیخا و لیلى و مجنون لعبد الرحمن الجامی. 
کما یعتبر العرفان و التصوف من الأغراض الشائعة فی شعر هذا العهد؛ خاصة استخدام المصطلحات الصوفیة فی غزل هذا العهد، حیث کان متداولاً کتقلید شعری، فقد نظم المنظومات الصوفیة شعراء مثل شاه نعمة الله ولی و قاسم أنوار و عبد الرحمن الجامی؛ و لکن التصوف فی شعر هذا العهد، یدل على المحاسن الأخلاقیة لمجتمع هذا العصر قبل أن یکون أسلوباً فی السیر و السلوک، فتعالیم المتصوفة فی شعر هذا العهد تؤدی الدور الذی تؤدیه الإرشادات الشرعیة. 
و شاع فی العهد التیموری المیل إلى نظم الأحاجی و کذلک نوع من الهزل یعرف بالأطعمة و الأقمشة، و قد جرب شعراء هذا العهد مجالین جدیدین: 
ألف: الأحاجی: تعد الأحاجی التی تعتبر أکثر أنواع الشعر شیوعاً فی العهد التیموری، أسلوباً لاختبار حضور الذهن و سرعة البدیهة قبل أن یکون نوعاً أدبیاً. و قد عُرف سیمی النیسابوری و أمیر علیشیرنوائی بنظم الأحاجی خاصةً؛ و لکن نظم الأحاجی بلغ تدریجیاً فی هذا العصر مبلغاً بحیث أن حلَّها کان بحاجة إلى استهلاک الوقت و التوسل بالتصورات البعیدة. 
ب : الأطعمة والأقمشة: یعد الأطعمة و الأقمشة نوعاً من الشعر الهزلی الذی یلتزم فیه الشاعر ذکر أسماء الأطعمة و الأشربة و الألبسة خلال إجابته على أشعار المتقدمین وتضمینها. و یعتبر بسحاق أطعمة أهم شاعر تخصص فی هذا اللون فی هذا العهد، فیما یعد نظام الدین محمود القاری الیزدی أشهر شاعر نظم فی مجال الألبسة فی هذا العهد. 
النثر: واصل النثر الفارسی فی العهد التیموری مسیرة الانحطاط و التراجع فی العهد السابق حتى أن تشجیع الأمراء التیموریین و اهتمامهم بکتابة الآثار الأدبیة لم یستطع أن یحول دون هذا الانحطاط. و تدل الآثار المتبقیة من العهد التیموری على محدودیة الذوق و قصور الفکر. و إهمال کتّاب هذا العهد وعدم تمتعهم بروح البحث. 
و رغم أن النثر الفارسی فی العهد التیموری، رکیک و قلیل القیمة من حیث القیم الأدبیة، و لکنه یتمتع بالتنوع المطلوب من ناحیة الأنواع. 
و تعد کتابة التاریخ فی العهد التیموری، الاستمرار المنطقی لنهضة کتابة التاریخ فی عهد المغول، فقد تبقت من هذا العهد برمته الکتب التاریخیة فی المجالات المختلفة، و منها التواریخ العامة و الخاصة. و من جملة هذه الآثار ظفرنامه المنظومة لحمد الله المستوفی. 
و تعتبر کتابة التراجم أهم موضوع نثری فی العهد التیموری. و تعد بعض التذاکر المتبقیة من العهد التیموری من جملة أشهر الآثار من نوعها. و یمکننا الإشارة من بین تراجم شعراء هذا العهد إلى تذکرة الشعراء لدولتشاه السمرقندی (تـ896 أو 900 ﻫ) و مجالس العشق المنسوب إلى السلطان حسین بایقرا و فصل من بهارستان للجامی الذی یختص بأحوال الشعراء. 
و یعتبر کتاب نفحات الأنس من حضرات القدس لنور الدین عبد الرحمان الجامی و کذلک رشحات عین الحیاة لفخر الدین علی صفی الکاشفی و کذلک کتابان فی شرح أحوال الوزراء باسم آثار الوزراء لسیف الدین حاجی نظام العقیلی و دستور الوزراء لغیاث الدین خواندمیر أهم آثار هذا العهد بین تراجم الصوفیة حیث تعد آثاراً قیمة فی مجالها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


عصر تبلور اللغة الفارسیة الحدیثة، من الفتح الإسلامی 21هـ حتى 250هـ:

تبلورت اللغة الفارسیة الحدیثة بعد مرورها بمراحل تفاعل، استمرت أکثر من قرنین، ولم یصلنا کثیر من الشعر عن هذا العصر، وما وصلنا لا یعدو أن یکون محاولات للإنشاد بالفارسیة فی قالب العروض العربی. من ذلک أبیات منسوبة إلى شاعر الدولة الطاهریة حنظلة البادغیسى وشعراء الدولة الصفاریة من أمثال محمد بن وصیف السکزی، وفیروز المشرقی، وأبو سلیک الجرجانی.
عصر التغزّل أو التجارب الناضجة الأولى (عصر الرودکی) :
ویقترن هذا العصر بظهور الدولة السامانیة فی ماوراء النهر وخراسان. وفیه نرى تجارب شعریة متکاملة باللغة الفارسیة الدریة من شعراء کبار، أمثال أبو الحسن الشهید البلخی، وأبی عبد الله جعفر بن محمد الرودکی، وأبو الحسن الکسائی.
عصر الملحمة القومیة، عصر الفردوسی 350-450 هـ
وهو العصر الذی یبدأ باعتلاء الدولة السامانیة، وفیه تطوّر الشعر کما تطوّر النثر، وبدأت الحرکة الأدبیة فی هذا العصر حین أمر حاکم طوس أبو منصور محمد بن عبدالرزاق سنة 346هـ بجمع ما یرتبط بتاریخ إیران من روایات وقصص وتدوینها فی مجموعة واحدة بالفارسیة سمیت الشاهنامه، وهو أول مدوّن نثرى بالفارسیة الحدیثة. ولم یلبث الشاعر أبو منصور الدقیقی الطوسی أن بدأ بنظم هذه الشاهنامة، وبعد مقتله تولى المهمة الشاعر أبو القاسم الفردوسی فأتمّ نظمها خلال ثلاثین عاماً.
وما وصلنا من نثر فارسی عن هذا العصر إضافة إلى الشاهنامة المنثورة، ترجمة تفسیر الطبری، وتاریخ البلعمی لأبی على البلعمی وزیر منصور بن نوح السامانی. وکتاب الأبنیة عن حقائق الأدویة لأبی منصور موفق الهروی، وهدایة المتعلمین فی الطب لأبی بکر البخاری، وحدود العالم من المشرق إلى المغرب لمؤلف مجهول.
عصر شیوع المدح والسرد التاریخی (عصر العنصری) :
وفیه انتقلت حاضرة الأدب الفارسی من بخارا (عاصمة السامانیین) إلى غزنة فی عصر محمود الغزنوی، وفی هذا العصر توجهت همم الشعراء إلى استدرار صلات السلاطین الغزنویین، وکثر شعر المدیح وتسجیل وقائع الانتصار. من أکبر شعراء هذا العصر الفرّخی السیستانی شاعر السلطان محمود الغزنوی، وأبو القاسم حسن بن أحمد العنصری، لقب بملک الشعراء، وکان من المقربین فی بلاط الغزنویین، وإضافة إلى دیوان أشعاره نظم قصة وامق والعذراء من مصادر یونانیة. وکذلک الشاعر احمد بن قوص المنوجهری الدامغانی. ولقب نفسه بالمنوجهری نسبة إلى ممدوحة منوجهر بن قابوس الزیاری، کان هذا الشاعر عالماً بالعربیة والطب والنجوم والموسیقى. وهو أول من أنشد فی الشعر الفارسی على وزن "المسمط" ویعتبر محمد بن عبد الملک المعزّى النیسابوری من کبار شعراء المدیح فی بلاط الغزنویین، ولقبه المعزّى یعود إلى ممدوحة السلطان معزّ الدین السلجوقی.
عصر الشعر العقائدی (عصر ناصر خسرو) :
وهو عصر اعتلاء الثقافة فی القرنین الرابع والخامس الهجریین. وفیه راجت الأفکار والعقائد، وتعدّدت النحل، واتسعت المدارس وانتشرت المکتبات، وراج العرفان والتصوف. ومن الشعراء العرفاء فی هذا العصر بابا طاهر عریان، وله رباعیات باللهجة المحلیة اللوریة، کما له کلمات قصار بالعربیة.
وعملاق هذا العصر بدون منازع ناصر خسرو القبادیانی، عاصر الحکم السلجوقی، وأخذ العلم والمعرفة من حکماء خراسان، وثار على الأوضاع القائمة، وسافر إلى مصر وأخذ المذهب الاسماعیلی وأصبح من دعاته فی خراسان. أودع ثورته العاطفیة فی دیوان شعره کما دوّن أفکاره وعقائده فیکتب هامة مدونة بالفارسیة مثل: خوان الأخوان، وزاد المسافرین، وجامع الحکمتین، وکتب رحلاته فی السفرنامه.
عصر البلاغة الفارسیة المرسلة، أو عصر (البیهقی) :
وهو عصر اتساع التآلیف باللغة الفارسیة فی شتى مجالات المعرفة وفنون الأدب. وتنوعت مهام النثر الفارسی بین الکتابات العلمیة مثل کتاب دانشنامه علایی أو حکمت علایی الذی ألفه أبو علی ابن سینا (ت428هـ) لعلاء الدولة کاکویه من أمراء الدیلم. والتفهیم لأوضاع صناعة التنجیم لأبی ریحان البیرونی (ت440هـ). وألفه بالفارسیة، ثم کتبه ثانیة بالعربیة.
والنثر الأخلاقی والاجتماعی مثل کتاب قابوس نامه لعنصر المعالی کیکاووس بن اسکندر بن قابوس وشمکیر من أمراء الدولة الزیاریة، وکتاب سیاستنامه للخواجه نظام الملک وزیر السلاجقة (ت 485هـ).
ونرى فی هذا العصر نثراً تاریخیاً مدوناً بلغة أدبیة، وتاریخ بیهق لأبی الفضل البیهقی یمثل افضل أسفار هذا العصر من حیث القدرة الأدبیة والدقة فی عرض التفاصیل.
وفی هذا العصر نرى نثراً فارسیاً فی تفسیر القرآن الکریم، وأوسع منه النثر العرفانی (الصوفی)، من ذلک کتاب کشف المحجوب فی التصوف لأبی الحسن الهجویری (ت 465هـ).
ومن أدباء التصوف والعرفان فی هذا العصر نشیر إلى الخواجه عبد الله الأنصاری، من أحفاد الصحابی أبی أیوب الأنصاری، له شعر ورسائل، وکتاب: طبقات الصوفیة، وهو تقریرات وإضافات حول کتاب بهذا الإسم لأبی عبدالرحمن السلمی النیسابوری (ت 412هـ). ونثره یمتاز بتناسب الجمل والسجع.
عودة اعتلاء المدح (عصر الأنوری) :
وهو العصر الثانی من حکومة السلاجقة ویستغرق النصف الأول من القرن السادس الهجری، وینتهی بهجوم الغزّ وسقوط السلطان سنجر (548هـ).
أمیر الشعر فی هذا العصر أوحد الدین على بن محمد الأنوری، واعتبره بعضهم ثالث ثلاثة من «أنبیاء الشعر» الفارسی وهم : الأنوری والفردوسی وسعدی، والمدح یحتل القسم الأعظم من شعره، وله أیضاً قصائد فی وصف الطبیعة. ومن شعراء هذا العصر مسعود بن سعد سلمان (ت 515هـ) الشاعر اللاهوری الذی هاجرت أسرته من همدان إلى شبه القارة الهندیة. ویشتهر بالحبسیّات، أی الأشعار التی قالها فی الحبس (السجن).
(یتبع)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عصر الکمال الفنّی للنثر الفارسی (عصر أبی المعالی) :
ونقصد به الفترة بین منتصف القرن السادس إلى منتصف القرن الثامن الهجری. وفیه بلغ النثر الفاسی ذروته فی جمیع الموضوعات.
وفی النثر العرفانی تطالعنا رسائل عین القضاة الهمدانی ورسائل شهاب الدین یحیى السهروردی (ت587هـ) وللسهروردی أ]ضا مؤلفات بالعربیة أشهرها حکمة الإشراق.
وفی فن القصة ثمة آثار مهمة بقیت من هذا العصر أشهرها سمک عیار وفیه قصص العیّارین (الشطار) لصدقة بن أبی القاسم، والسندبادنامه للحکیم الهندی السندباد. وهو مترجم مثل کلیلة ودمنة من الهندیة، وأعاد کتابته بنثر فارسی جید فی القرن السادس ظهیری السمرقندی.
ومن الآثار المنثورة لهذا العصر کتب التفسیر بالفارسیة وأشهرها کشف الأسرار وعدة الأبرار لأبی الفضل رشید الدین المیبدی، وهو شرح لتفسیر الخواجه عبدالله الأنصاری. وتفسیر روض الجنان وروح الجنان للشیخ حسین بن علی الخزاعی النیسابوری المعروف بأبی الفتوح الرازی.
وفی علوم اللغة ألفت کتب بلاغیة شاکلت کتب البلاغة العربیة مثل کتاب: ترجمان البلاغة لمحمد بن عمر الرادویانی وکتاب حدائق السحر فی دقائق الشعر لرشید الدین الوطواط شاعر لمحمد بن عمر الرادویانی وکتاب حدائق السحر فی دقائق الشعر لرشید الدین الوطواط شاعر القرن السادس المعروف. وکتاب المعجم فی معاییر أشعار العجم، لشمس قیس الرازی، فی العروض والقافیة ونقد الشعر.
وأشهر کتب التاریخ بالفارسیة فی هذا العصر تاریخ بیهق لأبی الحسن على بن زید البیهقی المعروف بابن فندق. وراحة الصدور لنجم الدین الراوندی.
من کتب النثر الأدبی فی هذا العصر کتاب کلیلة ودمنة وهو مترجم من الهندیة إلى الفارسیة فی عصر کسرى أنو شیروان ، ثم ترجمة ابن المقفع إلى العربیة، ونقله إلى الفارسیة الحدیثة أبو المعالی نصر الله کاتب بهرامشاه الغزنوی.
وکتاب جهار مقاله = أربع مقالات، فی بیان طبقات الندماء، ألفه النظامی العروضی السمرقندی فی حدود 551هـ.
وکتاب مرزبان نامه لمرزبان بن رستم، مؤلف على طرقة کلیلة ودمنة.
وبلغ النثر الفارسی ذروته فی هذا العصر على ید سعدی الشیرازی (سیأتی ذکره) فی کتاب کلستان = روضة الورد.
عصر عمالقة العرفان (عصر المولوی):
وهو العصر الذی أصبحت فیه إیران ساحة لأنواع الغزاة وساد الفساد الاجتماعی والسیاسی بل والفکری، فظهر الشعراء الذین ترفعوا عن الخوض فی المستنقع، وحلقوا بأرواحهم إلى الفضاء الرحب، وأطلقوا أصواتهم ینادون بتحرر الإنسان من عوامل الانحطاط الداخلیة والخارجیة. إنه عصر مولانا جلال الدین الرومی. وفیه ظهر کبار الشعراء مثل الحکیم عمر الخیام النیسابوری صاحب الرباعیات المعروفة المترجمة والمغناة.
کما ظهر فی هذا العصر أبو المجد، مجدود بن آدم السنائی، الشاعر والعارف العظیم، توفى سنة 532هـ فی مسقط رأسه غزنین بأفغانستان حالیاً.
وآثار سنائی الباقیة کثیرة أشهرها: حدیقة الحقیقة، وسیر العباد إلى المعاد، وطریق التحقیق وکلها فی الشعر العرفانی على طریقة المثنوی (الشعر المزدوج)
ومن أمراء الشعر فی هذا العصر أفضل الدین بدیل الخاقانی، توفی فی تبریز سنة 595هـ، وقبره مزار فی هذه المدینة. وله إضافة إلى شعره نثر فارسی رائع تحت عنوان: منشآت. وأهم ما یتمیز به شعره الدقة فی بیان العواطف الإنسانیة فی الغضب والسخط والسأم.
ورائد الشعر القصصی فی هذا العصر جمال الدین، أبو محمد، الیاس بن یوسف، المعروف بالنظامی الکنجوی، ولإن بدأت القصة المنظومة فی الفارسیة فی القرن الخامس الهجری على ید أسعد الجرجانی بنظمه ویس ورامین ، فقد بلغت ذروتها على ید النظامی الکنجوی فی آثاره المعروفة وأشهرها بنج کنج = الکنوز الخمسة، وهی خمسة منظومات شهیره: 1- مخزن الأسرار فی الزهد والحکمة والعرفان. 2- خسرو وشیرین، عشق أسطوری. 3- لیلى ومجنون، وهی مقتبسة من قصة قیس ولیلى العربیة، مع إضفاء طابع الحیاة الفارسیة علیها. 4- هفت پیکر = الأجساد السبعة، وتسمى هفت گنبد = القباب السبع. 5- اسکندرنامه، فی قصة الاسکندر وفتوحاته.
توفی نظامی الکنجوی سنة 608هـ . فی مدینة گنجه.
ومن عمالقة هذا العصر فرید الدین العطار النیسابوری ، ولد سنة 540هـ فی کدکن من قرى نیسابور، اشتهر بکتاب: منطق الطیر، وهو ملحمة عرفانیة، وفیه یتحدث عن ثلاثین طیراً (سی مرغ) یرمزون إلى الباحثین عن الله، فیجتازون المراحل السبع للسلوک وهی: الطلب، والعشق، والمعرفة، والاستغناء، والتوحید، والحیرة، والفقر، والغناء، ثم یجدون الحقیقة فی ذواتهم. وله أیضا: الهی نامه، ومصیبت نامه، وتذکره الأولیاء. والأخیر فی تراجم الصوفیة.
وربّ العشق والعرفان فی هذا العصر جلال الدین محمد البلخی المعروف بالمولوی، ولد فی بلخ بحدود 604هـ . وله فی الشعر کتاب مثنوی معنوی وغزلیات شمس. وفی النثر: فیه مافیه، والمجخالس السبعة، ومکاتیب. وقد بلغ شأوا فی المثنوی والغزل لم یبلغه أی شاعر فی الفارسیة. ولجلال الدین منظومة فکریة قائمة على أساس القرآن والسنة وسبر أغوار النفس الإنسانیة، ولغته لغة العاشق الملتهب الذی لا یقرّ له قرار.
عصر الذروة والاعتدال (عصر سعدی):وهو عصر سقوط بغداد، وسیطرة المغول، وهو أیضاً عصر انتشار الأدب الفارسی واللغة الفاسیة فی آسیا الوسطى وشبه القارة الهندیة. کما أنه عصر الاقبال على أدب الحکمة والتأمل لما اعترت العصر من هزّات سیاسیة واجتماعیة عنیفة.
ویقف الشاعر سعدی الشیرازی (ت 690هـ) على قمة عالیة فی هذا العصر، بل إنه اعتلى أرفع قمم الأدب الفارسی.ولد فی شیؤراز ورحل إلى بغداد ومنها إلى بلاد الشام ثم عاد فی أواخر حیاته إلى مسقط رأسه حیث توفی هناک، وقبره مزار معروف شعره یطفح بحب البشریة وبالعواطف الإنسانیة وبالحکم وأشهر آثاره:
1ـ بوستان أو سعدى نامه، وهو من أروع دواوین الشعر الفارسی. 2- کلستان، وفیه یبلغ الذروة فی النثر الفارسی.. إضافة إلى قصائد عربیة وفارسیة مجموعة فی کتاب کلیّات سعدی.
عصر التقلید والثورة على التقلید (عصر حافظ الشیرازی):
وفی هذا العصر ظهرت بجلاء آثار الغزو المغولی متمثلة فی إحباط المعنویات وفساد الذوق وضعف الهمة فی الإبداع والاتجاه إلى التقلید، ثم أعقب ذلک هجوم تیمورلنک (ت 807هـ)، والنزاع بین أبنائه وأحفاده على الحکم والسیطرة. ولکنّ الروح الحضاریة الإسلامیة وسط هذا الخضم المتلاطم کانت تبحث عن مرتع هادئ لفاعلیتها، ووجدت ذلک فی عهد السلطان شاه رخ میرزا من أبناء تیمور فی المناطق الشرقیة من إیران، حیث أصبحت هراة مثابة العلماء والأدباء فی عصره، وهکذا فی عهد ابنه بایسنقر میرزا، وفی ظل هذا الهدوء النسبی استعادت کثیر من الحواضر الأدبیة نشاطها فی الأدب والفن وبقیت شیراز عاصمة الأدب الفارسی.
من أدباء هذا العصر فخر الدین العراقی (ت 688هـ)، سمى بالعراقی بسبب إقامته فی عراق العجم. طاف دیار الهند وآسیا الصغرى وتعرّف على أفکار ابن عربی ومولانا جلال الدین الرومی، وتوفى فی دمشق.
ومن أهم آثاره: الدیوان، وعشّاق نامه، وکلاهما فی الشعر، وله فی النثر کتاب اللمعات موضوعه العرفان وسلوک العارفین، وعلیه شروح کثیرة أهمها شرح الجامى باسم: أشعة اللمعات.
ومن شعراء هذا العصر الخواجوی الکرمانی (ت 750هـ)، محمود بن علی، من أشراف کرمان، کانت تربطه علاقة وثیقة بحافظ الشیرازی، له دیوان شعر، ومثنوی، وآثار منثورة.
وأیضاً الشاعر ابن یمین، ولد فی خراسان وعاصر «السربداریة»، وموضوع شعره المدح ومناقب أهل البیت، ولقصائده قیمة أدبیة ممتازة.
وأیضاً سیف الدین الفرغانی، ولد فی فرغانه، وله مطارحات شعریة مع سعدی الشیرازی، ویرثى أهل البیت ویدعو إلى ترفع الشعراء عن الوقوف على أبواب السلاطین.
وأیضاً، الشاعر الساخر عبید الزاکانی (ت 772هـ)، من بنى خفاجة الساکنین فی قزوین. اشتهر بنقد الأوضاع السیاسیة والاجتماعیة بلغة ساخرة لاذعة، ومنظومة موش و کربه = الفأر والقط، حکایة تمثیلیة تصور الوضع الاجتماعی فی عصره، ومن آثاره الساخرة المعروفة: أخلاق الأشراف، صد بند = مائة موعظة، رساله دلکشا = رسالة الإنشراح، رساله تعریفات.
وعملاق الشعر فی هذا العصر بل فی کل ساحة الأدب الفارسی الخواجة شمس الدین محمد الشیرازی المقلب بـ«حافظ» و«لسان الغیب» (ت 792هـ) ثار على الوضع الاجتماعی والأدبی فی عصره فقدم للأدب الفارسی عالماً جدیداً فی الشکل والمضمون.
قدم العرفان فی لغة العشق ضمن مزیج لم یسبق له شاعر أو عارف، استلهم أفکاره من القرآن وعلوم الکلام والفلسفة والعرفان، وله شعر بالعربیة وملمّعات.
ومن أمراء الشعر فی هذا العصر عبدالرحمن الجامی (ت 898هـ)، الشاعر العارف الصوفی الکبیر کانت له إقامة فی حلب ودمشق وتوفى فی هراة.
من آثاره: دیوانه وأهم من دیوانه مزدوجاته (مثنویاته) السبع، المعروفة باسم هشت اورنک القباب السبع. وهی على الترتیب: سلسلة الذهب فی العرفان، وسلامان وأبسال فی الأدب التمثیلی الوعظى، وتحفة الأحرار فی النصیحة والحکمة، وسبحة الأبرار فی مراحل السلوک وتربیة النفس، ویوسف وزلیخا منظومة وفی قصة یوسف مع امرأة العزیز، ولیلى ومجنون مستلهمة من الأدب العربی، وخردنامه اسکندری = رسالة العقل الاسکندریة، فی حکم الیونانیین.
وآثاره المنثورة أهمها: بهارستان فی الحکایات تقلیدا لـ کلستان سعدی. ونفحات الأنس تراجم العرفاء والصوفیة حتى زمانه.
عصر المدونات التاریخیة (عصر الخواجه رشید الدین) :
کان ثمة أکثر من دافع فی عصر المغول والتیموریین ثم فی عهد الصفویین لکتابة التاریخ، وتدوین الأحداث التی مرّت على إیران فی تلک العهود، والمدونات التاریخیة هذه تعتبر من أهم أدبیات التاریخ فی الفارسیة. وأشهرها:
تاریخ جهانکشا، لعلاء الدین عطا ملک الجوینی (ت 681هـ)، فی شرح ظهور جنکیزخان وتاریخ الخوارزمشاهیة وفتح قلاع الإسماعیلیة وحکومة خلفاء حسن الصباح.
وجامع التواریخ، للخواجه رشید الدین فضل الله الهمدانی (ت 718هـ) فیه تصویر دقیق للأوضاع الاجتماعیة فی عصر المغول.
وتجارب السلف لهندوشاه النخجوانی انتهى من تألیفه سنة 724هـ فی ذکر تاریخ الخلفاء حتى سقوط بغداد.
وتاریخ کزیده = التاریخ المنتخب، لحمد الله المستوفی (ت بعد 740هـ) فی التاریخ العام والإسلام حتى عصر المؤلف.
وروضة الصفا لمحمد بن براهان الدین البلخی المعروف بـ میرخواند، فی تاریخ إیران والإسلام.
وحبیب السیر لغیاث الدین محمد الشیرازی سبط مؤلف روضة الصفا، وغیاث الدین هذا معروف بلقب خواندمیر (ت 942هـ) فی التاریخ العام.
وعالم آرای عباسی لاسکندر بیک من کتاب بلاط الشاه عباس الصفوی (انتهى تألیفه سنة 1308هـ).
عصر المضامین الشعبیة (عصر صائب) على عهد الدولة الصفویة :
وفیه انقسم الأدب الفارسی إلى هندی وإیرانی. فالسلاطین البابریین فی هذا العصر شجعوا الأدب الفارسی، وظهر فی شبه القارة الهندیة شعراء وأدباء، وبقیت اللغة الفارسیة فی الهند حتى عصر الاستعمار البریطانی، وباستمرار الاحتلال ضعفت اللغة الفارسیة بالتدریج وترکت مکانها للهجات المحلیة واللغة الأردیة واللغة الانجلیزیة.
والشعر فی هذا الصعر أقرب إلى لغة عامة الناس ویسوده التقلید، وأهم شعرائه:
شمس الدین محمد البافقی، المعروف باسم وحشی بافقی (ت 991هـ)، ولد فی بافق من أعمال کرمان وعاش فی یزد وتوفی فیها، اشتهر بالغزل الذی یعکس تجربة حقیقة للشاعر.
وکمال الدین محتشم الکاشانی، برع فی رثا الحسین وشهداء کربلاء، وله مجموعة غزل باسم جلالیة.
والمیرزا أبو طالب کلیم الهمدانی (ت 1061هـ)، رحل إلى الهند فی عهد جهانشاه، وأصبح شاعر بلاط شاه جهان. نظم فتوحات شاه جهان على طریقة المثنوی.
وأمیر شعراء هذا العصر بلا منازع محمد على صائب التبریزی، ولد سنة 1016هـ فی إصفهان على عهد سلطنة الشاه عباس الکبیر والده کان قد انتقل من تبریز إلى اصفهان عاصمة الصفویین، ورحل إلى الهند ثم عاد إلى بلده، وکان شاعر الشاه عباس الثانی، وتوفی سنة 1986هـ.
وصائب شاعر مکثر یروی أن دیوانه کان یزید على مائتی ألف بیت، وما وصلنا نصف هذا العدد، وغزله عرفانی ینحو منحى الحکمة. وفی شعره شیء من الغموض فی المعنى والتعبیر.
الاتجاه نحو السلاسة فی النثر (عصر قائم مقام) :
منذ أواخر الدولة الصفویة بدأ الارتباط بین إیران والغرب واستمر فی العهد الافشاری، وزاد التحسّس بتخلف الأوضاع القائم فی إیران، وانبرى الکتاب والمثقفون لنقد هذه الأوضاع، بلغة یفهمها القراء دونما تعقید أو ترصیع.
لقد بلغ سعدی فی کلستان الذروة فی النثر الفنى السلس، لکن الصنعة غلبت فی العصور التالیة، وأصبح التعقید صفة غالبة على النثر حتى حدث التحول على ید میرزا أبو القاسم الفراهانی الذی حمل لقب «قائم مقام» تولى الوزارة أمدا، ودخل فی إبرام المعاهدات بین إیران وروسیا، واستطاع بذوقه الرفیع أن یدفع بالنثر إلى السلاسة وصراحة البیان والإیجاز والنضج، نرى ذلک فی کتابه المسمى منشآت ومن الکتب التی ظهرت فی هذا العصر بهذا النثر الجدید:
کتاب: حاجی بابا اصفهانی للکاتب الفرنسی الأصل البریطانی الجنسیة جیمس موریه، عمل فی السفارة البریطانیة بطهران، ونشر کتابه سنة 1239هـ (1823م) بلندن منتقدا الأوضاع الاجتماعیة لإیران فی العصر القاجاری، وترجم بلغة سلسلة جعلته متداولاً بین القراء.
وکتاب: مسالک المحسنین، یدور حول قصة خیالیة لمجموعة یحاولون صعود قمة دماوند (أعلى قمة جبلیة فی إیران). مؤلفه کاتب من جماعة المثقفین المتغربین هو عبدالرحیم التبریزی المعروف باسم طالبون (ت1329هـ)
وکتاب: سیاحتنامه ابراهیم بیک، للحاج زین العابدین المراغه ای (ت 1328هـ)
نادر شاه الافشاری (1148- 1160هـ) استطاع أن یعمل یعمل على استتباب الأمن والاستقرار فی إیران بعد هرج ومرج مرت به البلاد منذ أواخر العصر الصفوی، وفی ظل هذا الاستقرار نشطت الحرکة الأدبیة، وتأسست جمعیات الأدباء، ومن تلک الجمعیات انجمن مشتاق = جمعیة مشتاق، أسسها مجموعة من الأدباء الأصفهانیین على رأسهم مشتاق الأصفهانی بقصد الدعوة إلى تطویر الشعر الفارسی الذی ظلّ منذ عصر «صائب» یدور حول محور الغزل والحبیب والهجر والفراق، ودفع الشعر إلى عصر حافظ ومولانا إذا کان یعبّر عن تجربة شعوریة أصیلة دون تکرار وتقلید. وقد ظهر على أثر هذه الدعوة تطور فی الشعر، لکنه تطور محدود بسبب ضعف حرکة التطور فی المجتمع بشکل عام. ویلاحظ أن شعراء هذا العصر انفتحوا على الشعر العربی القدیم أیضاً، فی محاولة للعودة إلى عمالقة الشعر، ولأکثرهم شعر باللغة العربیة أیضاً، ومنهم:
المیرزا نصیر (ت 1191هـ)، الشاعر والطبیب والفلکی والریاضی الذی أطلق علیه لقب «الفیلسوف الأعظم» و«الخواجه نصیر الدین الثانی». له مؤلفات فی شتى العلوم، وله شعر فی العربیة والفارسیة.
ولطف على بیک آذربیکدلی (ت 1195هـ) حاول أن یحتذى حذو سعدی وحافظ فی شعره، وجمع مقتطفات لثمانمائة وخمسین شاعراً فارسیاً فی کتاب تذکرة آتشکده.
وبلغت عملیة تطویر الشعر ذروتها على ید سید أحمد هاتف الإصفهانی (ت 1198هـ). وشعره على طریقة القدماء الکبار. ودیوانه أصبح موضع اهتمام الأدباء والمتأدبین، وله شعر بالعربیة ذو نکهة جمیلة.
ومن شعراء هذه الفترة میرزا عباس فروغی البسطامی (ت 1274هـ) واتخذ من سعدی وحافظ مثالاً لشعره، واشتهر شعره بین العرفاء والصوفیة.
عصر النهضة الأدبیة (عصر صبا) :
وهو عصر الإرهاصات السیاسیة والاجتماعیة والأدبیة للحرکات الاجتماعیة المطالبة بالإصلاحات. وفیه ظهرت تیارات فکریة متعددة تقدم مشاریع الإصلاح وتدعو لمقاومة الأوضاع القائمة. وفی هذا الجوّ الفکری والثقافی الساخن راج الشعر وازداد عدد الشعراء، وانضمت طهران إلى اصفهان وشیراز لتکون من الحواضر الأدبیة، بعد أن أصبحت عاصمة، ومن شعراء هذه الفترة:
فتح على صبا الکاشانی (ت 1238هـ) یعتبر حلقة اتصال بین عصر هاتف وهذا العصر، یمتاز شعره بالمتانة وقوة الألفاظ، له دیوان شعر ضم ما یقارب من 16500 بیت وله فی الشعر الدینی: خداوندنامه ، وفی المدح والحکمة: عبرت نامه،وله شعر یقلد فیه شعر سعدی بعنوان: گلشن صبا والفردوسی بعنوان: شهنشاه نامه.
ومن شعراء هذا العصر: سید حسین الاصفهانی، قلد کبار الشعراء القدامى. ودیوانه مطبوع. والمیرزا عبد الوهاب نشاط الأصفهانی، ومجموعته الشعریة مطبوعة تحت عنوان: گنجینه نشاط.
ویعتبر الشاعر میرزا شفیع الشیرازی الملقب بـ «وصال» (ت 1162هـ) من کبار شعراء عصر فتح على شاه، له دیوان شعر فی الغزل والمدح والرثاء، وله مثنوی بزم وصال على طریقة بوستان سعدی. وأکمل بمهارة مثنوی فرهاد وشیرین الذی لم یکمله وحشى البافقی.
ومنهم أیضاً یغمائی الجندقی (ت 1276هـ) وله هجاء لاذع للأوضاع الاجتماعیة، ویستعمل أحیاناً الألفاظ المبتذلة للامعان فی هجائه.
ومنهم أیضاً، میرزا حبیب قا آنی (ت 1270هـ) من کبار شعراء شیراز فی هذه الفترة، کان على معرفة باللغة الانجلیزیة والفرنسیة، ولم یکن لذلک تأثیر على شعره. وتتبع طریقة القدماء کالأنوری والمعزّی والخاقانی.
ومنهم أیضاً المیرزا محمد علی سروش الاصفهانی (ت 1285هـ) لقب بشمس الشعراء فی بلاط ناصر الدین شاه القاجاری. دیوانه یضم قصائد فی المدح والرثاء.
عصر الیقظة أو عصر حرکة المشروطة (الحرکة الدستوریة) :
وهی الحرکة التی طالبت بالدستور وأدت إلى إقراره سنة 1324هـ بعدأن وقع علیه مظفر الدین شاه القاجاری، وحدثت بعد هذه تطورات سیاسیة أثارت المشاعر الوطنیة، کما اشتدت حرکة المطالبة بالإصلاح وفق معاییر إنسانیة إسلامیة تارة، ووفق معاییر غربیة تارة أخرى، کما ظهرت التیارات الیساریة المدافعة عن الکادحین والمحرومین، وتأثر الأدب بکل هذه التیارات واتسع نطاق الشعر الوطنی وشعر المقاومة، وأصبح الأسلوب أقرب إلى فهم المواطنین والتأثیر على عواطفهم.
من أشهر شعراء هذه الفترة
أدیب الممالک الفراهانی (ت 1376هـ)، شاعر وصحفی، دیوانه یصوّر الحوادث والمشاکل السیاسیة والاجتماعی فی عصره، ولمعرفته الواسعة بالأدب تکثر فی شعره الأمثال والعبارات العربیة.
محمد تقی بهار (ت 1371هـ)، شاعر خاض میدان الصحافة والعمل السیاسی، وکتب فی الأدب وتاریخ الأحزاب سیاسی. 2- تاریخ تطوّر نثر فارسی. 3- تاریخ تطوّر نظم فارسی. 4- تصحیح تاریخ بلعمی، تاریخ سیستان ، ومجمل التواریخ والقصص، وکلها مطبوعة. وشعره رصین مطبوع على طریقة القدماء.
ومنهم العلامة على أکبر دخدا (ت 1375هـ)، درس العلوم القدیمة والحدیثة، وخاض أیضاً غمار العمل الصحفی، وناصر الدکتور مصدق فی حرکته، له دیوان أشعار فی الأغراض السیاسیة والاجتماعیة، وله أکبر موسوعة فی اللغة الفارسیة باسم لغت نامه، ومن مؤلفاته أیضاً: أمثال وحکم، وچرند وپرند = الخزعبلات، مجموعة مقالات ساخرة.
ومنهم سید أشرف الدین الحسینی الجیلانی (ت 1354هـ)، شاعر الشعب الذی تحدث عن آلام الناس وبؤسهم وفقرهم وآمالهم. أشعاره البالغة أکثر من 000/20 بیت، طبعت تحت عنوان نسیم شمال.
وعارف القزوینی، أبو القاسم (ت 1393هـ) انخرط فی زمرة ثوار الحرکة الدستوریة وتغنى بالثورة والثوار، شعره مفعم بالحرارة والألم، ویغلب علیه الطابع الغنائی لمعرفته بالموسیقی والغناء.
ومیرزاده عشقی، سید محد رضا (ت 1344هـ) خاض الصراع السیاسی ومارس المجال الصحفی، شعره یدور حول التمییز الطبقی والکادحین وانتشار الجهل والخرافة فی المجتمع.
وفرّخی یزدی، محمد (ت 1359هـ)، انتمى إلى الدیمقراطیین الیساریین وانتقد الأوضاع بشدة، مما دفع بحاکم یزد أن یلقیه فی السجن بعد أن خیط شفتیه مع بعضهما. وسجن مرات وقتل فی سجنه، له مقالات سیاسیة ثائرة وله دیوان شعر طبع مرات.
ومنهم اللاهوتی، أبو القاسم (ت 1377هـ) قضى أکثر حیاته فی المنفى، ومات فی موسکو، ساهم فی الحرکة السیاسیة الیساریة، وقضى ردحاً من حیاته فی طاجیکستان معلماً وعضواً فی الحزب الشیوعی ورئیساً لأکادیمیة العلوم.
بدأ هذا العصر مع الحرکة الدستوریة. فبعد الحرب العالمیة الأولى، وسقوط الحکم القاجاری. عصفت بالمجتمع تحولات سیاسیة واقتصادیة واجتماعیة کان لابدّ للغة الأدبیة أن تواکبها، واشتد الصراع بین القدیم والجدید على أعمدة الصحف، وظهرت حالات انفعالیة فی الهجوم على القدیم ورفضه، کما برز التیار المتمسک بالقدیم، وبرز إلى جانب هؤلاء وأولئک من یحاولون تطویر القدیم لیواکب متطلبات العصر.
یعتبر تقی رفعت، وجعفر خامنئی، والسید شمس کسمائی من روادا لتجدید، لکنهم لم یبلغوا الشأو الذی بلغه على اسنفدیار الملقب بـ «نیما یوشیج» فی تطویر الشعر الفارسی الحدیث قالباً ومضموناً.
"نیما" اسم قبیلة قدیمة فی طبرستان (مسقط رأس الشاعر) و«یوشیج» أی المنسوب إلى قریة «یوش». ففی هذه القریة من أعمال مازندران ولد الشاعر، ثم رحل مع أسرته إلى طهران، وتعلم اللغة الفرنسیة، وتفتق الشعر على لسانه فی صباه، وأنشد على الطریقة العمودیة القدیمة، ولکنه کان یتطلع إلى تغییر، فبدأ بنشر قصائده على طریقة الشعر الحرّ، وأثارت ضجة بین المدافعین والمعارضین، وتقوم مدرسة نیما على أساس أن الشعر حیاة، والشاعر یعبر عن عصارة تجربته الحیاتیة فیما ینشده، ولا یجوز للشاعر أن یقلد ویکرر مفاهیم الأقدمین، کما یجب أن تکون الأوزان والقوافی فی خدمة بیان عواطف الشاعر، لا أن یکون الشاعر مقیداً فی بیان عواطفه بالوزن والقافیة.
غیر أن شعراء هذا العصر لم یتخلوا بأجمعهم عن الشعر العمودی، بل ظهر شعراء کبار التزموا بالإنشاد العمودی منهم:
بروین اعتصامی (ت 1361هـ)، درست اللغة العربیة والفارسیة على ید والدها، ثم انتقلت إلى طهران لدراسة اللغة الانجلیزیة، تدفق الشعر على لسانها وهی فی الثامنة، توفیت وهی فی الخامسة والثلاثین. اشتهرت بقصائد الحوار، أو أدب المناظرة. ویدور شعرها حول المسائل الاجتماعیة والأخلاقیة.
ومنهم محمد حسین شهریار (ت 1408هـ) من کبار الشعراء المعاصرین، یسود شعره التأمل العاطفی، والولاء لأهل البیت وله شعر بالترکیة الأذربایجانیة لغته الأم.
ومن عمالقة الشعر العمودی المعاصر سید کریم أمیری فیروزکوهی (ت 1404هـ) من أنصار شعر صائب، وکان ینظم على أسلوب الشعراء العظام، ویکثر فی دیوانه الشکوى والتألم.
ومنهم محد حسین رهی معیّری (ت 1388هـ) ویعتبر من کبار الغزلیین المعاصرین، طبعت مجموعة أشعاره تحت عنوان سایه عمر = ظلال العمر.
ومنهم مهدی حمیدی شیرازی (ت 1406هـ ) أسلوبه الشعری یمیل إلى ناصر خسرو مع خلوّه من التعقید اللفظی وحوشی الکلام، کان معارضاً بشدة للشعر الحر.
ومنهم مهرداد اوستا، واسمه الأصلی محمد رضا رحمانی (ت 1411هـ)، درس فی الجامعة، وتولی مسؤولیة رئاسة شورى الشعر فی وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامی، له إضافة إلى أشعاره دراسات أدبیة.
عصر الحداثة الثائرة (عصر سهراب سبهری) :اتجه نیما ومن حذا حذوه من أنصار الحداثة إلى التعبیر عن تجاربهم الشعوریة الذاتیة، وعواطفهم الداخلیة، لکن تصاعد الصراع مع النظام المدعوم من أمریکا دفع شعراء الحداثة إلى التفاعل مع آلام مجتمعهم، وإلى المساهمة فی إشعال نار الثورة. وفی هذه الفترة ظهرت تجارب فی الشعر الأبیض أو الشعر المنثور.
ومن أهم شعراء هذا العصر:
أحد شاملو، صاحب مدرسة شعریة تقوم على أساس التفکیر الاجتماعی الفلسفی والاستفادة من الأساطیر الغربیة وخاصة من التراث الدینی المسیحی. وممن أنشدوا على طریقة الشعر المنثور دونما تقید بوزن أو قافیة.
ومنهم مهدی أخوان ثالث، من أنصار الحداثة والرمزیة، وشعره ناقد للوضع الاجتماعی، وله دراسات فی شعر نیما یوشیج.
ومنهم فروغ فرخزاد، (ت 1386هـ) بدأت شعرها متمردة على کل شیء، وتحللت من کل التزام خلقی، ثم عادت إلى نبذ التحلل، واتجهت إلى لون من التفکیر الاجتماعی الفلسفی.
ومن کبار شعراء هذا العصر سهراب سبهری (ت 1400هـ) درس فن الرسم فی کلیة الفنون الجمیلة، واحترف الرسم والشعر معاً، سافر إلى بلدان العالم واطلع على الثقافات المختلفة، وکان لذلک أثر فی شعره، وأعجب بشکل خاص بفلسفات الشرق الأقصى، نشرت مجموعاته الشعریة تحت عنوان هشت کتاب = ثمانیة کتب. واجه انتقادات لاذعة عند نشر قصائده، واتهم بأنه سلبی ومعرض عن الحوادث الاجتماعیة؛ لکنه أصرّ على طریقته التی جمع فیها بین الأصالة والمعاصرة، والابتعاد عن اللهث وراء المدارس الغربیة لقى شعره بعد الثورة الإسلامیة اهتماماً خاصاً، وطبعت أشعاره مرات.
عصر الثورة الإسلامیة (عصر ملاحم العرفان) :
مرّت الثورة الإسلامیة بأحداث جسام بعد انتصارها کالحرب ووفاة المؤسس والمواجهة مع أمریکا، وبرز فی خضم هذه الأحداث شعراء شباب سجّلوا ملاحم ذات طابع عرفانی، کما واصل شعراء الجیل السابق عملهم الأدبی متأثرین بالتحول الاجتماعی والثقافی الجدید وبشخصیة قادة الثورة، مثل أمیری فیروزکوهی، ومهرداد أوستا، ومحمد حسین شهریار.
جدیر بنا أن نشیر إلى نشاط الانتاج القصصى فی هذا العصر، فالقصاصون والروائیون الذین بدأوا أعمالهم قبل الثورة واصلوا اعمالهم بنشاط منهم:
اسماعیل فصیح، ومن أهم أعماله المترجمة إلى العربیة: شتاء 84، ثریا فی غیبوبة.
محمود دولة آبادی، وأهم عمل ترجم له إلى العربیة روایة: کلیدر.
وبرز جیل من الشباب اهتمّوا بالشعر الملحمی أو المسمى بالفارسیة (غزل حماسی) وهم کثیرون أشهرهم: محمد على بهمنى، حسین منزوی، منوجهر نیستانی، سیمین بهبهانی، قیصر أمین بور، حسین اسرافیلی.

ليست هناك تعليقات: