نشرت هذه المقالة في مجلة "الدراسات
الأدبية"، متخصصة في الثقافة
العربية والفارسية وتفاعلهما، تصدر عن قسم اللغة الفارسية وآدابها بالجامعة
اللبنانية في بيروت، عدد 66، ربيع سنة 2009. كما نُشرت في مجلة "فصلية إيران والعرب" التي
تصدر عن مركز الأبحاث العلمية والدراسات الإستراتيجية للشرق الأوسط في بيروت،
العدد 25، السنة الثامنة، صيف 2010.
أصبحت القصة القصيرة
منذ أوائل القرن الماضي فنا له أصوله وقواعده وعناصره الفنية والمضمونية وطرق
التعبير التي تميزه عن بقية الفنون الأدبية، وتواتر الإنتاج في هذا الفن وتكاثر وأبدع
فيه الكتاب ما شاء لهم أن يبدعوا، كل حسب موهبته وبراعته وتمثله للعالم من حوله،
وعبر فترة زمنية تمتد من الربع الأخير للقرن التاسع عشر وتستمر إلى وقتنا الحاضر،
وملامح هذا الفن تزداد اتساعاً وتميزاً وأطره وألوان التعبير فيه ترحب رحابة لا
تعرف الحدود، على اعتبار أن الفن لا تأسره الحواجز أو الآفاق المرسومة، وجاء
النقاد من بعد ذلك ليتأملوا هذا الوليد ويتابعوا نموه ويحاولوا بعد ذلك تحديد
المجال الذي يرتع فيه، ثم ليستخلصوا المقاييس التي يراعيها الكاتب القاص أثناء
إبداعه، وليضعوا بعد هذا كله، أصول هذا الجنس الأدبي الجديد.
بيد أن موضوع الأدب القصصي الإيراني يكاد يكون
غير مطروق طرقاً صحيحا ومنهجيا في الدراسات التي وضعت في الأدب الفارسي الحديث،
وإنا لا نتوفر في بابه، سوى على أشتات من الآراء والمقالات والدراسات التي تقدم
بها الباحثون الإيرانيون ذوي الباع الطويل في هذا المجال، وخير دليل على ما أقول
هو إقرار الأستاذ رضا رهگذر ، وهو من الباحثين المتخصصين في الأدب القصصي الإيراني
بتشتت الجهود وقلة الدراسات الجادة التي تناولت مسار نشأة هذا الأدب وتطوره[1]، أما في
الأوساط الأدبية العربية فالأمر يختلف تماماً، فالأعمال المنجزة على نذرتها فهي
أقرب من الانطباع والتعبير عن الذوق الشخصي منها إلى الدراسة ذات الرأي السديد
والمنهج الرصين. لذا فالحاجة ماسة إلى دراسات وأبحاث في هذا المجال، وهذا ما جعلني
أتخذ من هذا الموضوع مناط هذه المقالة حول الأدب القصصي الإيراني بداية من مرحلة
التأسيس، إذ ليس صحيحاً القول بأن قصة واحدة أو قصيدة واحدة يجب أن تعد تاريخاً
لبداية فن القص أو الشعر، وإلا وصلنا إلى التبسيط، إذ الفن الأدبي ظاهرة تتشكل
وتتبلور من خلال عدة نصوص تأخذ مساراً معيناً وسمات محددة أو شبه متميزة إلى أن
تصل إلى مرحلة التجنيس.
العوامل التي أدت إلى نشأة
الأدب القصصي بإيران
:
إن زوال أسباب تأخر النشأة هو ولا ريب من بين
عوامل النشأة، غير أن هناك أموراً أخرى كان لها النصيب الأوفر في زرع نطفة الفن
القصصي في رحم الحياة الأدبية بإيران، وفي دفع الأدباء الإيرانيين للاقتراب من
مشارف هذا الفن والإقبال على خوض تجربته، وهذه الأسباب تتعدد وتتشابك، ولعل الصحافة
ودورها في تطور الأسلوب النثري وتطويعه غير خاف على أحد، فقد قامت الصحافة بتشذيب
الأغصان اليابسة لشجرة النثر الفارسي مما تخلف من عصور الانحطاط, فبحكم ضرورة رواج
هذه الصحافة واكتساحها الأجواء وقطاعات عديدة ومتباينة من القراء، وبسبب المواضيع
الهامة واليومية التي تطرقها، وجد النثر نفسه يسير في طريق أسلوب يسعى لأن يكون
سهلا بعيداً عن التعقيد والغرابة، قريباً من أذهان الناس، هادفا إلى إفهامهم
وتبليغهم الفكرة والواقع، وقد مهد هذا التطوير الطريق فيما بعد أمام الكتاب الذين
حاولوا معالجة الفن القصصي وتقصي دربه، بأن سهَّل أمامهم مهمة السيطرة على أداة
رئيسية من أدوات الكتابة القصصية وهي اللغة.
والنثر الصحفي أقرب ارتباطا بلغة الحوار، ويظهر في الواقع
مسار تحول اللغة
اليومية على الصفحات الأولى للصحف والمقالات والأخبار والأقوال العامة والبيانات السياسية
والوعظ المتطور والشعارات المعاصرة. لقد كان للصحافة والنثر الصحفي في عصر الثورة الدستورية السهم
الأوفى في ارتقاء الوعي العام؛ كما أن صحفيي هذا العصر كانوا على الأغلب أدباء
وعلماء مميزين في زمانهم كمحمد تقي بهار ملك الشعراء، وأديب الممالك الفراهاني بحيث
لم يتسن لمن يأتي بعدهم أن يحظى بشرف منافستهم. بعد سنة 1921م سنرى حالة
من الفتور في المضامين، وقفزة نوعية من ناحية الخصائص الفنية للنثر، ومن ثم نصل إلى
عصر المقالات النارية، عصر إشعال المجتمع وتأجيجه وتحليل الأحداث فيه. ونلاحظ هذا
الأسلوب في انعكاس الحقائق السياسية والنفسية، كما نشاهد النثر الصحفي يصل إلى
حدود مضيئة من الأصول الفنية مثل المقابلات الصحفية أو الصياغات الصحفية[2].
إذن يمكن القول أن الصحافة الإيرانية قد ظهرت إلى الوجود
في عهد محمد شاه القاجاري، ولعبت الكتابة الصحفية دوراً رئيسياً في تطور أسلوب النثر
الفارسي. وأول صحيفة فارسية ظهرت إلى الوجود كانت تحت إشراف صالح بيك الشيرازي وكان
ذلك في رمضان 1252ﻫ لكنها لم تستمر طويلاً. وأعقبتها صحيفة أخرى
تسمى «روزنامجه طهران» وذلك في عام1267ﻫ بتشجيع من تقي خان أمير كبير. ورغم أسلوبها الحذر
واتجاهها المحافظ إلا أنها منعت عن الصدور بعد سنوات لاتهامها بمعارضه السلطة.
ولعبت صحيفة «تربيت» التي
صدرت عام 1314ﻫ دوراً مرموقاً في تطوير النثر الفارسي. وكان
يديرها محمد حسين خان ذكاء الملك المتخلص بـ«فروغي».
وتزامناً مع الثورة الدستورية
(1906م) ظهرت صحيفة أخرى تدعى «صور إسرافيل». وأريد
من خلال هذا الاسم الإشارة إلى جهل الناس بما يجري من حولهم. وكان يديرها شاب متحمس
يسمى جهانگير خان الشيرازي الذي استطاع من خلال هذه الصحيفة أن يلفت اهتمام كافه الأوساط
الاجتماعية ومختلف الطبقات. وكتب فيها علي أكبر دهخدا، صاحب الموسوعة الفارسية الشهيرة
(لغتنامه)، سلسلة من المقالات تحت عنوان «چرند وپرند» (الخزعبلات)، كان يذيلها باسم
«دخو» وكانت هذه المقالات سبباً من أسباب اشتهار هذه الصحيفة. وقدمت هذه المقالات الساخرة
خدمة قيمة للأدب الحديث فضلاً عن تأثيرها الاجتماعي وبث الوعي بين الناس.
وهناك أدلة تؤكد على أن
مقالات دهخدا كانت مصدراً لإلهام ثاني أساتذة الأدب الفارسي الحديث أي محمد علي جمال
زاده ـ حيث ألف مجموعة قصصية متأثرة بـ«خزعبلات» دهخدا، أطلق عليها اسم «يكى بود
يكى نبود » (كان ما كان).
ولم يكن محمد علي جمال زاده
قد فتح الباب ببراعة في وجه النثر الحديث فحسب، بل يعد أيضا واضع الحجر الأساس للقصة
القصيرة في الأدب الفارسي[3].
وفي السنوات الأخيرة من العهد القاجاري ظهرت مجلة
«بهار» (الربيع) التي كان يديرها ميرزا يوسف اعتصام الملك وذلك في عام 1329ﻫ ولم تستمر أكثر من عام واحد ثم ظهرت ثانية بعد عشر سنوات وذلك في عام 1339ﻫ وكانت تميل في أسلوبها الأدبي إلى الأسلوبين العربي والتركي.
كما كان للمجلة الشهرية
«دانشكده» (الكلية) التي صدرت في عام 1336ﻫ دور واضح في التحول الأدبي وساعدت على خلق حركة
أدبيه جديدة. وقد أبدل اسمها فيما بعد إلى «نوبهار» (الربيع الجديد).
ولعبت بعض المجلات مثل «سخن»
و«يغما» دوراً بارزاً كذلك لاسيما على صعيد البحث والنقد الأدبيين ساهم في تحديد نقاط
الضعف وتقوية نقاط القوة وتدعيم المسيرة الأدبية بالأفكار والآراء الجديدة والأخذ بزمام
الحركة الأدبية نحو مزيد من التبلور والازدهار.
وكان هناك عدد من الصحف
والمجلات خارج إيران أدت هي الأخرى دوراً ملحوظاً في تطوير النثر الفارسي، وكمثال
على ذلك نذكر صحيفة «قانون» التي أصدرها في لندن «ملكم خان»، وصحيفة «الحبل المتين»
التي كانت تصدر في كلكتة وصحيفة «اختر» التي صدرت في اسطنبول واستمرت بالصدور 25 عاماً.
كانت الصحافة إلى جانب
هذا قد مهَّدت الطريق بما هو أهم وألصق بالقصة من غيره، أي بما كانت تقدمه بين
الفينة والأخرى من قصص مترجمة أو من مسلسلات روائية دفع إليها بصورة رئيسية وازع
اجتذاب القراء واستمالتهم لهذه الأوراق القليلة المجتمعة والتي تدعى الصحف. وفي
إيران نعثر في الصحف الأولى على العديد من القصص والروايات المسلسلة والتي كانت
صحف مثل التي أشرنا إليها آنفاً تحفل بها في جل أعدادها، ومن دون شك فإن هذه القصص والمترجمات الروائية، بالرغم من عدم توفرها على
الخصائص الكيانية للفن القصصي وعلى بعض الملامح الرئيسية لهذا الفن، فإنها على أي
حال، قد وجهت الأنظار، كما وجهت المواهب، إلى نوع جديد من الأجناس الأدبية، وأبانت
عنه في حدود بل وقد ظهر أثرها جلياً فيما أنشأه كل من جمال زاده ومن جاء بعده من
الكُتَّاب القصصيين والروائيين في أعمالهم وإبداعاتهم القصصية، استوحت إلى حد بعيد
رؤية تلك المترجمات وحبكتها.
والمقالة أكثر
القوالب الأدبية حاجة للتعريف لأنها أولاً ليس لها شكل واضح وجامع، ولأنها ثانياً ليس لها قالب عريق ومحدد
بشكل مسبق, وبشكل عام فإن المقالة هي مدونات حول موضوع لـه ميزات خاصة ومحددة؛
لكنها ذات حالة مرنة ومتغيرة بحيث لا يمكن تقديم تعريف دقيق وشامل لها.
ومع التحولات التي ظهرت في عصر اليقظة اتجهت المقالة وهي نوع أدبي جديد
من تصنيف الخطابة إلى البساطة، كما اشتملت على التحقيقات الأدبية والعلمية وحتى
الانتقادية والسياسية، وفي الوقت نفسه تضمنت طرح أبحاث واسعة لحل تلك الأمور أو
التحقيق فيها.
إن ضرورة نشر المقالات في المطبوعات الدورية أيضاً أدى
بالمقالات لتتجه نحو التبسيط، كما أسس لظهور النثر الواقعي البسيط، والأسلوب الصحفي،
متمثلاً بنثر (ﭼرند وﭘرند) لدهخدا، ونثر جمال زاده البعيد عن الابتذال؛ حيث كان منتشراً في مجلات (بهار وإيرانشهر وكاوه)
وكان يعد من الأدب المعاصر، وأخيراً استطاع نثر المقالات أن يتحول إلى مرحلة
من التكامل في النثر الفارسي[4].
ومنذ الحركة الدستورية راجت
كتابة المقالات السياسية والاجتماعية في الصحف بشدة، وأصبح للمقالات أسلوب خاص بالنثر أطلق عليه تسمية (نثر المقالة).
ومن المرجح أن يكون أهم نموذج لـه هو النثر المحافظ والقديم لمحمد علي فروغي،
والعلامة محمد القزويني، والدكتور اليوسفي وعبد الرحمن فرامرزي والدكتور خانلري والعديد من الكتاب والناثرين
المعاصرين وأصحاب المطبوعات.
إن ازدهار المقالة
ومحاولتها الخروج على المألوف في الكتابة النثرية، والأثر الذي أحدثه الإقبال
المتزايد عليها، من تطوير الأسلوب النثري أمر لا يختلف عليه اثنان، إن هذا كله هيأ
القراء والكُتَّاب للتمرن على هذا الجنس الأدبي الجديد. وسيتبين لنا في غير هذا
المكان أن أول شكل من أشكال الممارسة القصصية جاء نتيجة لسعي الأدباء لتفجير الشكل
المقالي، أو بتعبير آخر، إلى التسلل إلى أجواء القصة من خلال مسارب المقالة.
إن التأثر
بالأدب الغربي، القصصي منه خاصة، ومحاولة تقليد القصص المكتوب فيه، كان باعثاً هاما
على الإبداع القصصي في إيران وذلك من خلال الدور الذي كان للترجمة في الدفع حثيثاً
بالأدب الفارسي المعاصر نحو سبل الإنشاء القصصي.
وغير خاف أن الترجمة في الحركة الأدبية الإيرانية
المعاصرة لعبت دوراً بنّاء لا يمكن التغافل عنه. إذ فتحت نافذة كبيرة بوجه الأدب الفارسي
أطل من خلالها على الآداب العالمية وروائع الأدب العالمي. وكلنا يدرك أهمية الانفتاح
الأدبي وما يتركه من آثار إيجابية في أغلب الأحيان لاسيما على صعيدي الأسلوب والتصوير
الفني.
وتركت ترجمة روائع الأدب
العالمي إلى الفارسية تأثيراتها الواضحة على الأدب الفارسي الحديث، وخاصة النثر، وقد
رافقت عملية الترجمة انتشار المطابع ونمو الطبقة المتعلمة.
وكان من أهم تأثيرات تلك
الترجمة إيجاد نزعة عند الكاتب الإيراني للكتابة بأسلوب نثري بسيط والتخلي عن التعقيدات
النثرية التي شهدها النثر الفارسي خلال المرحلة السابقة.
وكانت الكتابات الفارسية في نهاية القرن التاسع عشر
في معظمها ترجمة وتقليداً لآثار الكتاب الغربيين، الفرنسيين منهم على وجه الخصوص كموليير،
ودوما، وجول فرن، وبرنارد دوسن، وفيكتور هيغو. كما كانت هناك ترجمات عن العربية والانجليزية
والروسية والتركية.
ومن أوائل الكتب التي ترجمت إلى الفارسية هي «قصه
تلماك» لفنلون ترجمها علي خان ناظم العلوم، و«الكونت دي مونت كريستوف» لالكسندر دوما
ترجمها محمد طاهر ميرزا أسكندري، و«قبلة العذراء» للكاتب الانجليزي جورج رينولدز ترجمها
كل من سيد حسن الشيرازي وأديب فروغي، ومسرحية «الخديعة والحب» للشاعر الألماني شيلر
ترجمها ميرزا يوسف خان، و«موت نابليون» لالكسندر دوما ترجمها حشمت السلطان، و«اثيلو»
و «تاجر البندقية» لشكسبير ترجمها ناصر الملك.
وقام عبد
الحسين ميرزا بترجمة «طبائع الاستبداد» لعبد الرحمن الكواكبي، وعبد الحسين الرضوي الكرماني
بترجمة «تاريخ الثورة الروسية» للدكتور خليل بيك اللبناني، وهو يصور فجائع الاستبداد
الروسي. وتاريخ ﭘطر الكبير،شارل الثاني عشر، الاسكندر
المقدوني، لولتر[5].
السرد الفارسي على عتبة التحول :
لم يكن لنثر
الكتابة الوقائعية رواجاً كبيراً في إيران خاصة في العهد الذي أُطلق عليه صفة
"النثر الكلاسيكي". وﺫاك التقليد القديم الذي نراه في كتيبة "بيستون
داريوش" لم يستمر في الأدوار التالية. ورغم أن الاهتمام
بالواقع والأمور الواقعية في نثر الكتابة التاريخية من أهم الضرورات، مع ﺫلك وإلى
حدود "تاريخ بيهقي" لم يسلم ﻫﺬا النثر من تدخل فكر المؤلف وبعض الميول
والاستنتاجات الأدبية. ولعله يمكن القول أن الظواهر والوقائع في النثر الكلاسيكي
الفارسي كانت في الأغلب الأعم توصف أكثر مما كانت توضح، ولم توصف أو توضح أي ظاهرة
باعتبار صفاتها أو خصوصياتها الذاتية إلا نادراً. كان الكُتَّاب يتجاوزون في
الغالب الصفات الحقيقية للأمور ويُصبِغون عليها طابعاً أدبياً. وﻟﻫﺬه المسألة
مصداق حتى في الممدوحين في الأدب الفارسي. كأنهم كانوا منزعجين من صفاتهم وخصائصهم
وأرادوا من الشاعر والكاتب أن ينسب إليهم الصفات والسجايا التي كانوا يحبون
الاتصاف بها. ﻫﺬه الوقائع جعلت اللغة تبتعد عن وصف المسائل العينية وتقترب إلى وصف
الظواهر باعتبار الصفات الأخلاقية والمثالية والذهنية.
وإن واحداً من وجوه تميز النثر
المعاصر الفارسي عن نظيره الكلاسيكي هو أن النثر المعاصر غير مرتبط بالخصوصيات
المذكورة. لقد توجه النثر الفارسي في 150 سنة الأخيرة إلى وصف وتوضيح الوقائع والأمور العينية، لأن الظروف اليوم
تحتم على الكاتب الاهتمام بالوقائع اليومية[6]. لقد كان
قارئ الرواية أو سامعها في القديم يرنو إلى ﺫوق الكاتب الفني أكثر مما يتلهف إلى
معرفة ماهية الأمور الموصوفة. لقد نجح النثر المعاصر الفارسي في أن يزيل القطيعة
بين الكلام وبين موضوع الوصف شيئاً فشيئاً أو على الأقل أن يخلق تناسباً بينهما.
السرد الروائي المعاصر في إيران :
لو أردنا تتبع أكبر تحول يمكن أن يعرفه أدب بلدٍ ما، فإننا نشاهد أن الأدب
في إيران ، وخاصة "السرد" قفز قفزة كبيرة من القرن الماضي وحتى الوقت
الحاضر. المقصود هو ذاك التحول الذي عرفه النثر الفارسي في عصر ناصر الدين قاجار
تبعاً للجو الذي أوجده أمير كبير إثر الإصلاحات الاجتماعية العميقة التي
أجراها. يقترن ﻫﺬا التيار بالوقت الذي تنبهت فيه الطبقات الواعية والتقدمية في
المجتمع القاجاري بتخلف المناسبات والأوضاع الاجتماعية في إيران وبادروا إلى
تغييرها. وبما أن لغة أهل البلد هي الوسيلة لتوضيح الحقائق والتنوير في مجرى
التحول الاجتماعي، كان تأهيل ﻫﺬه الوسيلة الانتقادية وشحذها بطبيعة الحال شرطاً
لازماً للنجاح في ﻫﺬا التغيير.
لم يكن الأدب الفارسي أبداً بعيداً عن القضايا
والمسائل الحياتية بشكل كلي، بل يُعتبر ارتباطه بها أحد مفاخر الأدب الفارسي
الكلاسيكي، إنما تتمحور القضية حول كيفية انعكاس وقائع الحياة بشكل خاص في ساحة
الأدب.
بعد أن تم تبسيط اللغة الخبرية
ولغة الصحف على إثر الضرورات التي أملتها القضايا الاجتماعية وبفعل التعرف على
أساليب الكتابة في الدول الأوروبية، كانت الخطوة التالية في سبيل تغيير الأدب
تتمثل في البحث عن الأشكال والأنواع الأدبية الكفيلة بتقديم أجوبة للقضايا
المعاصرة. كانت القوى السابقة في المجتمع القاجاري المتخلف تقاوم من أجل تحقيق
ظروف وتحصيل حقوق نالتها الدول الأوروبية المتقدمة وكانت بعض دول الجوار تقاوم
أيضاً من أجلها. كانت ﻫﺬه الدول تمثل سابقة استفاد الإيرانيون من إمكاناتها وأخذوا
التجارب منها وأسقطوها على ظروفهم المحلية. في شعر ﻫﺬا العصر تطابقت إلى حد ما
الأنواع والأشكال الكلاسيكية مع الحاجيات الأدبية للوقت، وفي السرد الروائي
والأدبي أيضاً تم الاستفادة والتأثر من الأجناس الخارجية، حيث ستتبلور نتيجة ﺫلك
في إيران على شكل "الرواية" و "المسرح" و جنس القصة القصيرة
التي ستأخذ مكانها في الأدب الفارسي المعاصر[7].
من بين أنواع النثر الروائي، يمكن
للرواية أو الشكل الأكبر للنثر الروائي أن يحظى بالأولوية في بحث أو دراسة أجناس
النثر الأدبي. وﺫلك لسببين اثنين : الأول هو أن سابقة القصص الغنية المنظومة كـ "ويس
ورامين" و"خسرو وشيرين" في الأدب الفارسي تدل على وجود عيني وﺫهني
لتاريخ جنس القصة الطويلة، ويبدو منطقياً أن تؤخذ ﻫﺬه السابقة أو التقليد بعين
الاعتبار في تحليل مسار القصة القصيرة في إيران. والثاني أن الإيرانيين مع بدء
رواج الأجناس الأوروبية في إيران تعرفوا أول الأمر على الرواية الأوروبية بشكل
أكبر، والترجمات الأولى للأعمال الأدبية الأوروبية إلى اللغة الفارسية تمت بشكل
كبير من جنس الرواية، كما سبق الإشارة إلى ذلك في مطلع هذه الدراسة.
إن الاهتمام بالرواية يبدو منطقياً
لأن القضايا التي ابتلي بها المجتمع الإيراني في ﺫلك الزمان أو بعده، سواء القضايا
الاجتماعية أو العائلية أو الشخصية لا يمكن أن تبرز أو تُعالج إلا في قالب جنس
بسعة وفسحة الرواية. وﻫﺬه المسألة تنسجم مع طبع وحالة الناس في ﺫلك الزمان وحتى
اليوم في إيران. لأن طرح القضايا الكبيرة لبلدٍ أصابت أمراضه الاجتماعية المتخلفة
والمزمنة جذوره الثقافية والسلوكية في جنس أدبي واسع كالرواية يبدو موفقاً أكثر من
إقحام ﻫﺬا أو ﺫاك الجانب المجزئ في قالب قصة قصيرة تركز على جزئيات دقيقة.
الرواية والقصة القصيرة :
عُرفت الرواية بأنها قصة تحكي عن الإنسان والعادات والحالات البشرية وهي
بشكل من الأشكال تصور أساس المجتمع وتعكسه في نفسها[8]. ﻫﺬا
التعريف مع ما أثير بشأنه من ملاحظات يعتبر كافياً لمبحثنا الذي ليس موضوعه الحكم
على التعريف الكامل والتام للأجناس الأدبية. لكن يجب التأكيد على أنه ينبغي
الانتباه في توضيح جنس الرواية إلى طولها الكمي وانتشارها الاجتماعي الذي يُعتبر
واحداً من الجوانب المثيرة والجذابة في ﻫﺬا الجنس الأدبي. وفي نفس الوقت فإن
الرواية مع كونها قصة، فإنها تأخذ المصالح غير الخرافية والناقصة كألعوبة وبتسلطها
على الظواهر التلقائية تمنحها الحياة وتقننها.
أول ظهور لوقائع الحياة في شكل جنس
الرواية بوصفه نوعاً أدبياً دخيلاً استُلهم طبعاً من النموذج الأوروبي. لكن لا
ينبغي فهم ﻫﺬا التأثر من الجنس الأوروبي على أساس أنه تقليد أعمى. بل أعطت الرواية
الأوروبية للقصة الفارسية الجنسية والأسلوب الأدبي لعرض المصالح والحوادث ولم
تعطها المصالح والمحتوى. كانت الرواية الإيرانية ﻣﻨﺬ البداية تحظى بعاملين ذاتيين
اثنين : الأول أنها كانت إلى حد ما صريحة في النقد، والثاني أن المسائل العاطفية
وعلاقة الحب بين الرجل والمرأة كانت أهم موضوع يُطرح فيها. يمكن مشاهدة أمثلة ﻫﺬين
العاملين في أول الروايات الفارسية، يعني "تهران مخوف" و "زيبا"[9].
تُبرز ﻫﺬه الخصوصيات بكل وضوح جانباً مهماً في الرواية الإيرانية، وهو أن
الرواية الفارسية في أثناء ظهورها لم تكن مجرد وسيلة للترفيه عن القارئ والفتيات
المرفهات في بيوتهن. بل كانت نوعاً من العمل الاجتماعي الأدبي، أو الأفضل أن نقول
كانت سلاحاً أدبياً نقدياً. ﻫﺬه الخصوصية في الرواية الإيرانية يمكن أن نجدها في
آثار مثل "سياحتنامه ابراهيم بيك" و"مسالك المحسنين" التي
تبرز في الواقع مضمونها المحلي. وهكذا فإن أول ظهورٍ للرواية الإيرانية قام على
أساس القضايا الثقافية الاجتماعية لإيران.
كان ظهور الرواية الإيرانية من
الناحية التاريخية في المرحلة الفاصلة بين فترة المواجهات التي كانت تهدف إلى
إنجاح الحركة الدستورية وفترة اقتدار الحكومة الفهلوية الاستبدادية. ﻫﺬه الفترة
كانت في الواقع مرحلة اضمحلال الحركة والمقاومة وظهور حكومة مركزية قوية. أما
الفعاليات الثقافية والصحفية فبدأت تتحدد وتتقلص وبدأت تسير في مجرى موافقٍ
لاحتياجات الاستبداد. أما المثقفون أصبحوا شيئاً فشيئاً مضطهدين وبعيدين عن
الساحة. وأما المنشورات والآداب النقدية والمعاِرضة فقد حوصرت ومُنع انتقاد كل
المناسبات والأوضاع التي كانت في طور الاقتدار. ﻟﺬلك لم يكتمل التحول الذي كان يهيئ
الظروف لثورة اجتماعية تشمل الشؤون الأساسية للحياة الاجتماعية والثقافية، فقبل أن
تصل المقاومة الثورية إلى نهايتها وتعطي ثمرتها كانت مكتسباتها تُصادر من أيدي
الشعب[10].
والنتيجة أن المجتمع الإيراني بعد
نهاية الحرب العالمية الأولى أصبح عرضة لأوضاعٍ تتصف بتركيب غير متناسب لأوضاع
وعادات وتقاليد قديمة مع مكتسبات حقوقية وحكومية قليلة تكرست مع انتصار جزئي
للحركة الدستورية، أي تعايش القديم والجديد. ﻫﺬه الوضعية انعكست أدبياً بشكل من
الأشكال في الروايات الأولى التي أُلفت في العشرية الأولى من القرن الحالي.
تحكي الرواية الفارسية "تهران
مخوف" عن حوادث تصبح فيها الحياة الطبيعية لأفراد المجتمع ضحيةً لإعمال
النفوذ ولتقسيمات أصحاب المقامات العليا وذوي السلطة اﻟﺬين رفعوا عُقد المجتمع
المتخلف بواسطة القانون وسلسلة المراتب الإدارية وحكموها. كان يُمارس الظلم وهضم
الحقوق والاستغلال في مكاتب الإدارات وبدعمٍ من المناصب والمسؤوليات الحكومية، كان
يُمارس ﺫلك قبل الحركة الدستورية من طرف الحكام ورؤساء العسس ورجال الشرطة. كانت
الرواية تلوح حينها إلى أن المجتمع المدني أصبح في حكم الحوض الزلال الذي تمثل فيه
الحركة الدستورية والقانون الماء العذب الذي تروى به الأرض المحروثة، وكانت تظهر
أن مسئولي مرحلة المشروطة يمارسون في حق الشعب نفس سلوك الفترة السابقة باسم
القانون و باسم مقررات الدولة.
في رواية "زيبا" لمحمد
حجازي والمتجانسة مع تلك الفترة نجد فضاءً وموضوعاً مشابهاً لكن من منشئٍ متفاوت.
نواجه في ﻫﺬه الرواية أيضاً الفساد والتسيب الإداري للدولة وندرك أي علاقات تكمن
وراء سلسلة المراتب والمسئولين الحاكمين في الدولة. تبين ﻫﺬه الرواية كيف أن
الفضاء وواقع الحياة في المدن الكبيرة تخرج الإنسان القروي البسيط والساذج وغير
الملوث عن جادة الحياة الطبيعية إلى طريق الفساد، وكيف أن الروابط المحلية
والتقليدية تُنسى والإحساسات والعواطف الإنسانية تفقِد قيمتها. وفي الأخير تجعل
الإنسان متعلقاً بمناسبات وأوضاع لا مجال فيها للرجوع مجدداً إلى الحياة
والمعتقدات القديمة. المدينة الكبيرة في رواية حجازي مكانٌ يربي فيه الناس ذئاب
بعضهم البعض لدرجة أن حتى أولئك اﻟﺬين هم مصدر ﻫﺬه الأعمال، يصبحون مفتقدين للحد
الأدنى من الأمن المدني والشغل والهدوء الفكري.
وهكذا فإن أول مكتسبات الأدب القصصي
المعاصر في إيران هو عبارة عن روايات انتقادية وفاضحة واجتماعية. لكن الرواية في
ﻫﺬه الفترة شأنها شأن كل ظاهرة جديدة -لها جوانب وخصوصيات غير مسبوقة بالمرة - لها
سلبياتها. ولا يجب أن ننسى أن ﻫﺬه الآثار تأثرت بسابقاتها.
لعل أحد آثار "سياحتنامه" على "تهران مخوف" هو
تصوير المجتمع تصويراً سيئاً ومنحطاً واستثناء الشخصيات الإيجابية في القصة. ففي
رواية "تهران مخوف" نتعرف على شخصيتين أصليتين في القصة بعيدتين كل
البعد عن أي نوع من أنواع المفاسد الاجتماعية التي يعيشان فيها. قُسمت الشخصيات
الرئيسية للرواية منذ البداية إلى فئة صالحة وأخرى طالحة.
أما رواية "زيبا" لحجازي
فإنها تصف ظاهرة من الأخلاق الإيرانية التي تبرز في رواية "سرﮔﺬشت حاجى بابا
اصفهانى" في تجلياته الفردية. أما الشخصيات الرجالية في الروايتين : زيبا
و سرﮔﺬشت...هي عبارة عن إنسانين بدويين بسيطين يتخليان عن الحياة التقليدية
ويتجهان نحو المدينة الكبيرة. يعيشان هناك جواً يصدق عليه التعبير الشهير
"يجب على كل واحد أن يحمل متاعه بمفرده" حتى وإن اقتضى الأمر أن يكون
الثمن هو التعاسة والبؤس وإبادة الآخرين. على أن مواجهة طبع الإنسان البدوي أو
المنعزل لمصاعب الحياة في المدينة هو أحد المواضيع التي طرقها الأدب الفارسي، ولا
يُعتبر غريباً عنه[11]. لذلك
فإن ثاني أهم رواية فارسية تُبرز أن الإنسان البدوي الساذج حين يتطبع ويتعود على
الحياة المدنية والحضرية، وحين يتعرف على مفاسد وخدع تلك البيئة يصبح أكثر شراً
وخبثاً حتى من أشرار المدينة. تشتبك الشخصية الرئيسية في "زيبا" أحياناً
بين الفطرة الإنسانية البسيطة وبين مقتضيات العيش في المدينة، فهو قد انتابه الندم
في عالم الأفكار وتذكر الحياة المعنوية البسيطة التي انقضت، وتأسف كثيراً. لكن في
الواقع وعملياً فمازالت شخصيته الحضرية تقوده، فجاذبية ومتعة الحياة المدنية أغلقت
الطريق أمام أي نوع من التفكير في المآل والعاقبة والتقوى[12].
تقدم السرد الروائي الفارسي في شتنبر 1941 ببطء. لكن بعد الحرب العالمية الثانية تقوت حركته ووصل إلى رشدٍ يذكرنا
بسنوات قبيل المرحلة الدستورية.
اتخذت الكتابة القصصية في هذه الفترة صبغة
انتقادية واجتماعية صريحة، ووجدت مواضيع من مثل القضايا الاجتماعية وركود وأزمة
الاقتصاد بعد نهاية الحرب في آثار هذه الفترة انعكاساً واسعاً، بذلك استطاع الأدب
القصصي أن يجعل من المواجهات الاجتماعية موضوعاً له، وأن يعكس ذلك في قالب القصة.
تغيرت أجواء الكتابة القصصية في
إيران مع نمو المقاومة الوطنية والمعادية للاستبداد في هذه الفترة. يُذكر أن توجه
القصة نحو القضايا الاجتماعية في مرحلة حكم رضا شاه بقي سطحياً أو من طرف واحد
وناشئاً من رؤية فردية في التحليل الأدبي. كان كلٌ من النقد الساخر لجمال زاده و
انطوائية صادق هدايت رد فعل على إمكانات ذلك الزمان. السخرية
الفردية لجمال زاده تدل على الإصلاحات السطحية التي كان ينبغي أن تُقام وكانت تجيب
على توقعات الناس وآمالهم مع استتباب المشروطة. أما انطوائية صادق هدايت فكانت
دليلاً على الاختناق الموجود الذي أوصل حياة الطبقات المثقفة والمفكرين في المجتمع
إلى طريق مسدود.
بعد العقد الذي تلى شتنبر 1941 حصل الناس على حريات كثيرة وكثُرت الصحف، واتسع نطاق الفعاليات الثقافية
بشكل غير مسبوق، ونشطت الأحزاب السياسية، ولم يبق هناك شيء من استبداد محمد رضا
شاه. شكّل كل هذا أرضية مناسبة لتطور الكتابة القصصية كماً وكيفاً. ولعل أحد أسباب
تطور القصة القصيرة، في هذه الفترة، هو وجود الصحف والمجلات، بحيث كان يجب درجها
في صفحة من الجريدة أو عدة صفحات من المجلة.
تعكس القصة القصيرة الفارسية غالباً مسألة من المسائل الأساسية أو تأملاً
في الحياة الشخصية للأفراد وتربطها بالقضايا الاجتماعية بشكلٍ غير مباشر. يواجه
القارئ للقصة القصيرة الفارسية تعقيداً أكثر ونطاقاً أوسع لقضايا الحياة. مضامينها
في الغالب ذات أبعاد متعددة. مصدرها اجتماعي أكثر وشخصياتها متعددة الأبعاد. لذا
فهي أقرب إلى الرواية من الأقصوصة[13]. أشهر
القصص القصيرة الفارسية عبارة عن : "بوف كور" و"رقص مرگ"
و"حاجى آقا" و"ﭼشمهايش" و"مدير مدرسه" و غيرها.
كانت القصة القصيرة أهم جنس في
السرد القصصي بين شهر شتنبر 1941 و شهر غشت 1953. بلا شك إن أحد أسباب ذلك هو أن تضعيف الاستبداد والنشأة النسبية
للديمقراطية الاجتماعية والتصوير الأدبي لكثير من القضايا في صور مجملة ومختصرة
أفسح المجال، كما أن الحرية الاجتماعية النسبية كانت وراء إثارة العلاقة بماهية
وبكيفية قضايا الحياة اليومية للشعب التي تبدو في الظاهر صغيرة. ولعل السبب في نمو
ورشد وانتشار القصة القصيرة يكمن أيضاً في زيادة عدد الصحف والمجلات بعد شتنبر 1941. وهذا بدوره أصبح أرضية لكتابة القصص قصد درجها ونشرها في الصحف والمجلات
بالنظر إلى الإمكانيات والحدود التي تعرفها المجلة والصحيفة. كما أن أول ظهور لقصص
كُتَّاب هذا العهد كان في الوهلة الأولى على صفحات المجلات والصحف.
واجه تطور الأدب القصصي في إيران
عائقاً مع انقلاب 18 غشت 1953، فاتخذ صفة أخرى. وما كُتب في العقد التالي كان متفاوتاً عما قبل. ولكن
القصة القصيرة كانت تتفوق دائماً على إثر الأحداث السياسية والاجتماعية، وبعد وقفة
طويلة كانت تبدأ مرحلة جديدة وتتخذ منحى جديداً. اندثرت الحركة الأدبية للعقود
الأخيرة في حكومة القاجار رفقة ممثليها بفعل الاستبداد. كما أن جيلاً جديداً من
الكتاب والشعراء الذين كانوا نتاج المقاومة وتجارب السنوات التي تسبق وتلي الحركة
الدستورية اندحر بواسطة رضا شاه وضاعت نتاج فعالياتهم أيضاً. كما أن الإنتاجات
والآراء الأدبية لإيران بعد شتنبر 1941 أُبيدت مع انقلاب 18 غشت، وهكذا دواليك..
لقد سبَّب هذا القمع وهذه التوقفات
الناتجة عنه للأدب الإيراني وخاصة الأدب القصصي خسائر جمة. حين بدأت الحركة
الأدبية من "سياحتنامه" و"ﭼرند وﭘرند" وفقدت
إمكانية استمرارها، بدأ النقد الساخر القصصي لجمال زاده وأسلوب الكتابة الباطنية
لصادق هدايت. وحين قُمعت حركة الأدب الواقعي الإنتقادي في العشرينيات على يد
الانقلاب، اضطر الأدب إلى التوجه مرة أخرى إلى الباطن والماضي الأسطوري والتوجه
إلى النماذج الأجنبية وترجمة آثار الدول الأخرى. لكن مع ذلك يجب أن نعلم أن هذا
القمع والتوقف ساهما بدورهما في تطور ورشد الأدب فيما بعد، لكن الحقيقة أن هذه
الأحداث المستمرة سبَّبَت لأجناس السرد الروائي عجزه عن الإفادة من الفرص
والإمكانات الكافية للرشد التدريجي والوصول إلى درجة الكمال الطبيعي.
لو اعتبرنا أن "سياحتنامه
ابراهيم بيك" و"مسالك المحسنين" لطالبوف مقدمة
للرواية الفارسية و"ﭼرند وﭘرند" لدهخدا أرضية للقصة القصيرة، سنتمكن
حينها أن نرصد المسار الصعودي والنزولي الذي قطعه هذين الجنسين الأساسيين في السرد
الأدبي الفارسي بعد مرحلة التكوين، وذلك في الدورات التالية :
كان للنثر القصصي في إيران في مطلع
الحركة الدستورية خصوصية اجتماعية وانتقادية، كما كان إفشائياً ومثقِّفاً أيضاً.
كان هذا السرد بنوعيه الروائي والقصصي يتطرق إلى التصوير والوصف الصريح للمفاسد
والسلبيات الاجتماعية ولهضم الحقوق الإنسانية وفساد الجهاز الحاكم. أما السرد
القصصي في فترة حكم رضا شاه والذي استمر عشرين سنة فَقَََدَ الانتقاد الصريح
والمباشر للسلبيات والظلم والجور الاجتماعيين. تناولت الرواية في هذه الفترة تصوير
المسائل الفردية الاجتماعية (تهران مخوف ، زيبا) أما القصة القصيرة الحديثة
العهد فاتجهت من جهة إلى السخرية والانتقاد الخاص بطبقة المثقفين في آثار جمال
زاده ومن ناحية أخرى اهتم بالمسائل الباطنية وغَلَبت عليه النزعة التشاؤمية في قصص
صادق هدايت القصيرة. فكان يوجه النقد للفرد عوض المجتمع ولسلوك الفرد عوض الأوضاع
الاجتماعية.
أدت القيود التي فُرضت على النقد
الاجتماعي والصريح إلى تمركز الاهتمام حول الفرد باعتباره آحاد المجتمع ووصف
نفسيته وطبعه بطريقة انتقادية. هذه هي الطريق التي اتخذتها القصة القصيرة الفارسية
في أول عهدها أو في مرحلة تطورها ورشدها واستمرت إلى حدٍ ما في المراحل التالية.
السرد القصصي بعد شتنبر 1941 ظاهري. مع سقوط
استبداد عشرين سنة تشخص اتجاه "الظاهرية" في الأدب. توجه الأدب في هذه
الفترة نحو علل وعوامل اللاَّهوية والتغرب من أهم موضوعات الأدب القصصي، في هذه
المرحلة كُشف الحجاب عن أسباب وعلل الأوضاع التي دمرت الإنسان من الناحية الفردية
وجعلته غير منفعل وغير مبال من الناحية الاجتماعية. الأنواع الأدبية في هذا العقد
والعقد الموالي هي في الأساس الأقصوصة والقصة القصيرة. ما يميز الأدب القصصي في
هذه المرحلة هو توسع مواضيع القصة الشامل.
إن الأدب المعاصر الإيراني من حيث الأسلوب
الذي يستخدمه في التحليل الأدبي للوقائع، هو أدب واقعي. يصدق هذا الأمر أكثر في
الأدب القصصي المعاصر. لأن السرد القصصي الإيراني منذ الوهلة الأولى لظهوره وُظف
في وصف الوقائع وفضح المفاسد وسلبيات الحياة الاجتماعية والفردية على حدٍ سواء.
في الفترة ما بعد انقلاب 18 غشت 1953 سيجد الأدب الكنائي والتلويحي بفعل الظروف السياسية والاجتماعية الحاكمة
أرضية للتطور والنمو. بموازاة ذلك عرفت ترجمة القصص الأجنبية تطوراً. كان هذا
العمل ينجز أيضاً في العقد السابق مع هذا الفرق في أن الآثار المترجمة كانت
متناسبة مع روح حاجيات وإمكانات ذلك الوقت.
في الخمسينيات و الستينيات تهيأت
الأرضية مرة أخرى لظهور الرواية -بفعل الترجمة إلى حدٍ ما- أثبتت التجربة أن
الأشكال المفصلة والمعقدة للجنس القصصي يشهد رونقاً وبهاءً أكثر في فترات الاختناق
والقهر.
الروايات الأولى في هذه الفترة لم يكن
لها مواضيع تتضمن بشكل صريح نقد الأوضاع السياسية والاجتماعية للبلد، مثل "تنكسير"
الذي يصدر موضوعها عن التعصب الوطني ومقاومة العملاء الأجانب. أو مثل "شوهر
آهو خانم" التي لا يبدو في الوهلة الأولى أن فيها موضوعا اجتماعيا
وانتقاديا بواسطة الحوادث المسلية والمثيرة للإحساسات (أو على الأقل لم تثر حساسية
جهاز المراقبة والإشراف على العقائد). جاءت رواية "شوهر آهو خانم" في
ظروف صامتة وفراغ للفعاليات الأدبية الذي لم يكن متوقعاً.
في الواقع هذه أول رواية تحكي عن تعدد الزوجات كأحد معضلات المجتمع
الإيراني التي تفرز بدورها مشاكل أكثر تعقيداً.
أما رواية "تنكسير"
مع ما فيها من بعد رومانسي ومثالي فهي من ناحيتين مرتبطة بالوقائع
الاجتماعية لزمانها : الأولى من حيث المقاومة من أجل قطع يد الظلم واسترداد
الحقوق، والثانية من حيث التأكيد على المواجهة الفردية في ظروف قمع الحركات المعارضة
والمطالبة بحقوق الشعب. بعد هاتين الروايتين خطت رواية "سووشون" لسيمين
دانشور أكبر خطوة في طريق نضج وتكامل الرواية الفتية الإيرانية. غطت هذه الرواية
عيوب الروايات التي سبقتها. موضوعها المتفرع الذي يحكي عن المقاومة الوطنية
المتحررة وعن الوضعية الاجتماعية للمرأة كان متناسباً مع الانتظارات الأدبية في
زمانها. مع أن أحداث "سووشون" مأخوذة من سنوات الحرب العالمية الثانية
فهي تشير وتلوح بطريق الكناية إلى بعض الوقائع السياسية الاجتماعية لعقد
الستينيات.
سيعرف السرد القصصي في عقد
الستينيات قفزة شكلية. بعد ما يقارب ثلاثين سنة من ظهور "بوف كور" لصادق
هدايت، ستُرفع خطوة مهمة وكبيرة في إطار الأسلوب المبني على "الدهن
السيال" ويقوم هوشنك كلشيرى بتقديم "شازده احتجاب" لأصحاب الذوق و
الأدب.
إلا أن ما يميز القصة القصيرة "شازده
احتجاب" من هذا الحيث هو الاجتهاد في الإبداع في الشكل الأدبي، الذي بطبيعة
الحال سيكون دافعاً لطرح وإلقاء جديد لمحتوى الأثر الفكري.
إحدى النتائج المحصلة من حركة
الأدب القصصي الإيراني المتأرجحة في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة في
عهد سلطة الاستبداد والقمع إلى سنة 1979 هو ظهور شخصيات قصصية شبيهة بما اشتُهر في الأدب الأوروبي بـ"نقيض
البطل". أكثر شخصيات هذه الفترة في السرد القصصي يشتركون في هذه الخصوصية وهو
إضافة أشخاص خائبين وفاشلين إلى عالم الأدب (شخصيات قصص جوبك وجلال آل أحمد
وكلشيرى وشهدادى...) وكأن الأوضاع السياسية والاجتماعية المتدهورة ضيقت المجال على
أشخاص أحرار ومتعهدين وإيجابيين.
إن الرواج الأخير الذي عرفه الأدب
القصصي وخاصة الرواية هو نتاج العقد الأخير. وإن التحول السياسي والاجتماعي الذي
بدأ مع ثورة 1979 والتي انتهت بسقوط
نظام محمد رضا شاه أدى إلى نضج الفضاء الحر الحاصل من الفراغ الزمني بين سقوط
الحكومة القديمة واستحكام الحكومة الجديدة وهيَّأ الأرضية للأدب القصصي في العقد
الأخير. قفزت الرواية الفارسية قفزة جديدة بآليات ومحتوى وشكل جديدين. استطاع
الأدب القصصي أن يتبع أسلوب الواقعية الانتقادية من جديد. وطبيعي أن يسعى إلى
استنباط آلياته وموضوعاته من الوقائع السياسية والاجتماعية للنظام البائد.
أظهرت الحرب الإيرانية العراقية
التي دامت ثماني سنوات والمواجهات السياسية المستفحلة أن الرواية الفارسية ينتظرها
طريق معقد. وكأنه مقدرٌ أن يبقى الفضاء المساعد والجو الهادئ الذي يساعد على رشد
وتقدم هذا النوع من الأدب استثناء أكثر منه قاعدة.
لذلك اتجه الأدب القصصي نحو تصوير
المواضيع المرتبطة بالحرب. وهكذا اتصل بشؤون واقع زمانه. وصف الحرب في "زمين
سوخته" وانتقاد الحرب في "زمستان 62" وآثار الحرب في "باغ بلور"[14]، تعتبر
أول مكتسبات الرواية في هذه المرحلة التي تصدر عن وصف الوقائع التي يعيشها الشعب
الإيراني.
إن الاهتمام بقضايا الحرب لم يسيطر
على مواضيع الحرب أو الأدب القصصي، لكنه كان يشكل واحداً من اتجاهاتها. ومن
المواضيع التي شغلت مساحة كبيرة في روايات العقد الأخير، مصير الأسر التقليدية في
المجتمع الإيراني. فاهتم أكثر الروائيين بجوانب من حياة جيلين أو عدة أجيال من
أسرة معينة وسعوا إلى رصد حركتها التاريخية مع الأحداث الأساسية للبلاد في نفس
السنوات.
هذا التقليد الجديد بدأ مع رواية "كليدر"
واستمر في أعمال أخرى كـ "طوبى و معناى شب" و"سمفونى مردﮔﺎن"
وإلى "اهل غرق"[15]. وإحدى
جذور أو أغصان ذلك ظهرت في كتابات إسماعيل فصيح حيث وُصفت سيرة أفراد عائلة
آريان في فسحة متزامنة.
من خصوصيات روايات عقد الثمانينيات
مصير الشخصيات الرئيسية فيها. نحن نتعامل في هذا الإطار مع جنس الرواية التي ينهار
أكثر شخصياتها. قتل الإنسان يبدو طبيعياً. القبح الاجتماعي والأخلاقي كأنه فقد
ذاته، إن رواية هذا العقد تذكرنا بقيمة الروح الإنسانية المتدنية : ففي مكانٍ
بدعوى إقرار الأمن والسلم (كليدر) أو عواقب الحرب (زمستان62) وفي مكان آخر بحكم التقاليد المحلية الخشنة وصراع التيارات السياسية (طوبا
و معناى شب) أو استئصال العوامل العاصية والمقلقة (اهل غرق) وفي
الأخير بفعل أزمة التربية الأسرية والاجتماعية (سمفونى مردﮔﺎن) أو بواسطة الخداع
واستغلال بساطة وصدق الشعب (شهباز و ﭼﻐدان)[16].
اتجهت الرواية في إيران طيلة عقدها
الأخير نحو القضايا اليومية الروتينية أكثر من التصوير المثالي للحياة. تكرر وتأكد
فيها تحسين الظواهر اليومية. والجدير بالذكر أن السعي لتصوير الحياة اليومية ترسخ
في عمق الرواية وتسرب إليها حين كان يجري الحديث في وسائل الإعلام الرسمية
والجماعية عن العمليات الحربية التي تثير الحماسة. من بين تجليات الإعجاب بالقضايا
اليومية وصف بعض الروايات لمشاهد تناول المخدرات والخمر، من ذلك : "شب
هول" و"ﭼراغانى در باد"[17] و"شهباز
و ﭼﻐدان" وغيرها. لم تنحصر الروتينية في هذا النوع من الظواهر فقط. بل إن
إحدى تجلياتها الأخرى الوقوف عند متاهات وعُقد الحياة التي تشاهد بوفرة في الأدب القصصي
لهذه الفترة.
من بين التجليات الأخرى للروتينية
في رواية اليوم الدور الذي أُعطي للشخصيات النسائية في هذه الآثار. الصورة التي
أُعطيت للمرأة في الروايات كانت في الغالب ذات خصوصية هامشية ومكملة لاحتياج وتوقع
الرجل.
توصف الشخصيات النسائية في الغالب
بأنها كائنات ضعيفة ومثيرة للترحم وبعيدة عن إحساس القضايا الجدية والفهم
الاجتماعي. نشاهد هذا الأسلوب في النظرة إلى المرأة حتى في روايات من إنتاج
الروائيات النساء (طوبا،الشخصية الرئيسية فيها تضطر أن تغطي عن
ضعفها الفكري بالتوسل بكتابة الأدعية مثل كداعليشاه). في هذا المقام وجود الاستناد
إلى جانب القاعدة أمرٌ له مصداقيته، ففي روايتي "سمفونى مردﮔﺎن" و"اهل
غرق" رُسمت للمرأة الإيرانية صوراً أكثر فعالية وفي نفس الوقت
أكثر تعيناً، لكننا نتحدث عن التوجهات الشاخصة في الرواية.
خلاصة القول أن الرواية الإيرانية
في مطلع ذكراها السبعينية تعرضت لأزمة الرشد والتطور. هذه الرواية بعمرها القصير
نسبياً حصلت على تجربة في خضم التأرجح الاجتماعي والثقافي المحلي مكنتها من
الاستفادة من نقاط القوة والضعف والأخذ بعين الاعتبار ذلك في التطور والرشد فيما
بعد، ومتابعة مسيرتها وتوسعها بشكلٍ أفضل من الماضي وأكثر تراكماً ومثالية ومعنوية
وأن تصبح بدورها سلاحاً وأداة لتحول بنية المجتمع الإيراني النامي..
لقد شكل الاتجاه الروائي كما رأينا جانباً كبيراً من الحركة النثرية المعاصرة،
وحظيت المؤلفات القصصية باهتمام ربما طغى على باقي الاهتمامات، أو كما قال أحد النقاد
أن النثر الفارسي قد وقع خلال 1919- 1930 تحت هيمنه الرواية والقصة القصيرة. و لا شك أن
القصة القصيرة في إيران قد بدأت بقصة «يكى بود يكى نبود» (كان يا ما كان) لمحمد علي
جمال زاده التي صدرت عام 1922 مشكِّلة مرحلة "التأسيس"، في حين كانت المرحلة المعاصرة
للنثر الفارسي أكثر عنفواناً وقوة من باقي المراحل الأدبية الأخرى في إيران، ولم يكن لأي
من تلك المراحل المضمون ذاته، وبالطبع فإن أفضل نماذج النثر الفارسي ظهرت في هذه المرحلة، بحيث يمكننا تسمية هذه
المرحلة من تاريخ الأدب الفارسي بمرحلة "التجنيس".
البيبليوغرافيا المعتمدة :
· ادبيات نوين ايران، ترجمه
و تدوين يعقوب آژند.
· نقش بر آب، عبد الحسين زرين
كوب.
· هفتاد سخن، پرويز ناتل خانلري.
· آواها و ايماها، محمد علي اسلامي ندوشن.
· أنواع
نثر فارسي، رستكار فسايى طهران، "سازمان سمت" الطبعة الأولى، 1380.
· مروري
بر تاريخ ادب وادبيات امروز ايران، حقوقي محمد، طهران، دار نشر القطر، الطبعة
الثانية، 1377.
· ازصبا تا نيما، تاريخ 150 سال ادب فارسي، يحيى
آريان بور، طهران، دار نشر زوار، الطبعة العاشرة 1382.
· از
نيما تا روزﮔﺎر ما ، تاريخ 150 سال ادب
فارسي، يحيى آريان بور، طهران، دار نشر زوار، الطبعة الرابعة 1382.
· ﭘﺎيه ﮔﺬاران نثر جديد فارسي، كامشاد حسن، طهران، دار نشر ني ، الطبعة
الأولى 1384.
· كار نامه نثر معاصر، حميد عبد اللهيان، طهران،
الطبعة الأولى، 1379
· ادبيات معاصر نثر، ادوار نثر فارسى، هرمز رحيميان، طهران، 1384.
· ادبيات داستانى، قصه، رمانس، داستان كوتاه، رمان، جمال ميرصادقي،
الطبعة الرابعة، 1382.
· ﭼون سبوى تشنه، ادبيات معاصر فارسى، محمد جعفر ياحقي، دار النشر
"جامي"، 1375.
· ﭼشم انداز شعر معاصر ايران، سيد مهدي زرقاني، نشر "ثالث"،
الطبعة الثانية، 1384.
· نقدهايي بر ادبيات داستانى معاصر ايران، فرزانه كرم ﭘور ومهدي بهفر،
دار النشر هيرمند، 1384.
· درآمدى بر ادبيات معاصر ايران، محمود عباديان، دار النشر ﮔهر،
الطبعة، 1371.
· فن القصة، يوسف نجم، دار الثقافة، الطبعة الرابعة، 1963.
[1] للإطلاع على المزيد في هذا
الباب يرجى الرجوع إلى مقالات رضا رهگذر المعنونة ب چشم انداز ادبيات داستاني پس از انقلاب (نظرة إلى
الأدب القصصي بعد الثورة الإسلامية) والمنشورة في ثلاث حلقات بمجلة ادبيات
داستانى (لأدب القصصي)، أعداد 108-110-111.
[8] نقلاً عن ادبيات داستانى، قصه، رمانس، داستان
كوتاه، رمان (الأدب القصصي،القصة والقصة القصيرة والرواية) لجمال مير صادقي،ص 41.
[10] في هذا الصدد يمكن مراجعة الدكتور محمود عباديان، مدخل إلى الأدب الإيراني
المعاصر، ص 73. كذلك : الدكتور سيد
مهدي زرقاني، ﭼشم انداز شعر معاصر ايران (نظرة إلى الشعر المعاصر
الإيراني)، ص 59.
[11] في كتاب "منطق
الطير" لفريد الدين العطار، حين يخرج شيخ صنعان من خلوته و عزلته يُبتلى
بفتاة مسيحية. و في حكايات "المثنوي" لجلال الدين الرومي هناك مسائل من
هذا القبيل أيضاً تطرح بأشكال متفاوتة بساطة البدويين في مواجهتهم للبيئة الكبرى
أو للحواضر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق