نُشرت هذه المقالة في مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة في المغرب، العدد المزدوج 12-13، سنة 2010.
لم يكن عمر الخيام أخصائياً في العلوم الرياضية والحكمية فحسب، بل كان فوق
ذلك شاعراً ممتازاً ومفكراً من أكابر المفكرين، وقد وضع مؤلفات فلسفية وفقاً لرأي
خاص، وكان أستاذاً في الفلسفة لعلماء متشرعين، وهذا يعني أنه ليس مفكراً فحسب بل
فيلسوفاً صاحب طريقة ومذهب.
للخيام نفاذ فكر ونظر خاص وشفافية في البيان، وسعة قريحة وخيال، وبعدٌ عن
الإطناب في الكلام تجعل له مكانة سامية خاصة بين شعراء الفرس المبرزين الذين سنعمد
إلى التعريف بهم وبآثارهم على الآداب الأخرى في سلسلة من المقالات تحت عنوان
"عمالقة الأدب الفارسي" نخصص الحلقة الأولى منها للشاعر الفيلسوف والمفكر
عمر الخيام.
لقد كان لعمر الخيام تأثيره الكبير في أوروبا التي عرفته شاعراً أقرب في
تفكيره ومذهبه في الحياة إلى الوجودية، وأصبح الخيام، بفضل ترجمة رباعياته[1] إلى لغات عالمية كثيرة، عَلَماً من أعلام التراث الأدبي العالمي.
لا يخفى على الدارس للآداب الشرقية عامة التفاعلات والتعامل الأدبي بينها
تأثيراً وتأثراً، إن على مستوى الشكل أو المضمون. ولمن أراد التبين من ذلك فعليه
مراجعة ما كتب عن التفاعل والتأثر المتبادل بين الأدبين العربي والفارسي وكذلك
التركي و ...[2].
وفي محاولة لإبراز تأثير الآداب الشرقية وبالخصوص الأدب الفارسي في الآداب
الغربية نخصص هذه المقالة للتعريف بالخيام ودور رباعياته في الاستفادة الكبيرة
التي حققتها الحضارة الغربية من الحضارة الشرقية مناقشاً أثر الترجمة من رباعيات
الخيام إلى لغات أخرى في تحقيق انتعاشة ثقافية تؤكد ريادة الحضارة الشرقية
(الفارسية) وأثرها الواضح في الغرب...فالآداب الشرقية والإسلامية لها تأثير واضح وملموس
في الآداب الغربية، فالأدب الفارسي ساهم بنصيب وافر في تدعيم مسيرة التأثير الشرقي
الإسلامي على الغرب، والأمثلة على هذا المدعى كثيرة وجلية للعيان، فتأثير كتاب
"كليلة ودمنة" وتأثير عمر الخيام –كما سنرى في هذا البحث – لا يمكن بحال
من الأحوال إلا أن يكون دليلاً صادقاً على الصلات المتبادلة بين الثقافة الشرقية والغربية.
وتعد فترة القرن الثاني عشر الميلادي من الفترات المهمة في تاريخ الاتصال بين
الشرق والغرب صاحبتها حركة قوية للترجمة واسعة النطاق تدفقت خلالها الثقافة
العربية إلى الآداب الأوروبية خاصة من خلال معبر إسبانيا التي شكلت محوراً هاماً
للاتصال بين الحضارتين...وفي هذا الصدد لا يخفى أن الترجمة كانت ومازالت تضطلع
بدور رئيسي في عملية الحوار بين الشرق والغرب منذ أقدم العصور حيث تؤكد الشواهد
التاريخية أن الإغريق اهتموا بالترجمة ونقل الإنتاج الثقافي العلمي من دول المشرق
وترجمته للاستفادة منه. كما أولع المستشرقون البريطانيون في ترجمة التراث الهندي ونقله
للغرب يضاف إلى كل هذا ترجمة الغرب لما أفرزته الحضارة الإسلامية، فكانت نواة
للنهضة الأوروبية الحديثة...كما لا يجب نسيان أساليب التلاقي بين الشرق والغرب مثل
الأندلس وما شهدته خلال فترة الحكم الإسلامي من رواج الترجمة، وكذلك الحروب الصليبية
كانت حلقة وصل هامة بين الشرق والغرب، وأيضاً أشير إلى التجارة بين المشرق والمغرب
وما كان لها من دور بارز في حركة الترجمة ونقل أفكار الشرق إلى الغرب.
في إطار هذا الحوار الذي أشرت
إليه سأخصص سلسلة من المقالات موضوعاً للحديث عن شخصيات أديبة وإسلامية جامعة
للمعرفة بشتى ضروبها تركت بصمات واضحة على الآداب العالمية..سنتحدث في هذه الحلقة
عن شخصية عظيمة تنتمي إلى الثقافة الإسلامية في شكلها الفارسي، والتي شغلت كثيراً
بال العلماء والمستشرقين في الشرق والغرب، وتتمثل في عمر الخيام الشاعر والفلكي
الشهير. وأفعل ذلك لسببين اثنين :
أولاً : لقد أصبحت رباعيات الخيام بفضل الترجمات المتعددة إلى اللغة
العربية مشهورة في العالم العربي المعاصر.
ثانياً : لقيام أحد مشاهير المستشرقين الأوروبيين "ادوارد فيتز
جرالد" بترجمته للرباعيات بعد اكتشافها، وكان ذلك في القرن التاسع عشر، حيث
أثبتت بذلك أن عمر الخيام لم يكن عالماً في الرياضيات فقط، بل كان أيضاً شاعراً
كبيراً جديراً بالمقارنة بكل من : حافظ الشيرازي والفردوسي ونظامي عروضي وجلال
الدين الرومي[3] والشعراء الفارسيين الآخرين.
عمر الخيام :
هو الحكيم والفلكي وعالم الرياضيات والشاعر والموسيقي غياث الدين أبو الفتح
عمر بن إبراهيم الخيام النيشابوري، ولد في نيشابور عاصمة خراسان في القرن الخامس
الهجري(436-517هـ / 1044 – 1123م ) وكان في صغره يشتغل في حرفة صنع
الخيام ولهذا لقب بالخيام، بدأ تعليمه الأولي في إحدى مدارس نيشابور بتعلم القراءة
والكتابة، انتقل كثيراً في طلب العلم إلى أن استقر عام 466 هـ / 1047 م ببغداد[4].
إسهاماته العلمية :
لما قوي و اشتد ساعده رحل إلى
سمرقند لدراسة الرياضيات ،فأنجز نظاماً للأرقام أكثر اتساعاً من نظام الإغريق
،فألف كتاباً بالعربية سماه "الجبر و المقابلة" تُرجم إلى الفرنسية عام
1851.كما أوجد طريقة لاستخراج جذور الأرقام و عالج لأول مرة مسائل التكعيب في
الجبر،و لما برزت موهبته في علم الفلك إلى جانب شهرته في الرياضيات استدعاه
السلطان السلجوقي ملكشاه لتعديل التقويم[5]،و كلفه ببناء برج فلكي في أصفهان.عُرف الخيام بصفاء ذهنه فكان
يحفظ الكتب لا يفرقها عن أصولها البتة.و كان قد تأمل كتاباً بأصفهان و عاد إلى نيشابور فحفظه سبع مرات.و لقد أتاحت
له حافظته القوية أن يلم باللغة و الفقه و التواريخ .
و قد كان الخيام مقرباً عند ملكشاه
و ينزله منزلة الأصحاب.كما كان الخاقان شمس الملوك يعظمه غاية التعظيم،و يجلسه معه
على سريره .و تعود شهرة الخيام إلى نبوغه بأعمال الرياضيات و الفلك.ففي أعمال
الجبر اشتغل الخيام بالمعادلات محتذياً حذو أستاذه و عالج المعادلات التكعيبية
معالجة منهجية منظمة،و استطاع الحصول على أحد جذورها بطرق هندسية باستخدام القطوع
المخروطية،على اعتبار أن الإحداثي الأفقي لنقطة تقاطع دائرة بقطاع مخروطي.كما كان
أول من حاول تصنيف المعادلات حسب درجاتها و حسب الحدود فيها و جعلها محصورة في
ثلاثة عشر نوعاً،و استخرج الجذور لكل درجة من هذه الدرجات،فوصل إلى درجة من النضج
الرياضي لم يسبقه إليها أحد.
و لم يتوقف بحث الخيام عند تطوير علم الجبر فقط باعتباره علماً مستقلاً، بل
و تمكن من وضع حلول للكثير من حساب المثلثات.و اهتم بإدخال الجبر على علم المسائل
الصعبة في علم حساب المثلثات باستعماله المعادلات الجبرية ذات الدرجة الثالثة و
الرابعة.
كما امتدت إسهامات الخيام إلى الهندسة، فعكف على دراسة هندسة اقليدس
المشروحة و المعلق عليها من قبل علماء الرياضيات المسلمين،فأولاها عناية شديدة، و
ابتكر في برهانه على المصادرة الخامسة من ابن الهيثم برهاناً جديداً بخلاف ذلك
الذي قدمته مصادرات اقليدس.و كان الخيام شغوفاً بأعمال الهندسة حتى إنه إذا سئل
فيها عن مسألة طول الشرح فيها...
اهتماماته الأدبية :
لم تقتصر أعمال الخيام على
الرياضيات فقط،بل تعدتها إلى أعمال أخرى أدبية و شعرية و اشتهرت منها رباعياته
التي قرنت باسمه. وإن إجادته للغة العربية و الكتابة بها كانت حافزاً له لقراءة
شعر أبي العلاء المعري،فكان له الأثر في شعر الرباعيات لغةً و أسلوباً و مضمونا[6]ً[7] فلقب بالحكيم في الثقافتين الفارسية و العربية و لقبه الأوروبيون
بملك الحكمة.
و قد وقف متأخرو الصوفية على شيء من ظواهر شعره فنقلوها إلى طريقتهم و
تحاضروا بها في مجالسهم و خلواتهم.فقدح أهل زمانه فيه و أظهروا ما أسره من مكنونه
، فخشي على دمه و أمسك من لسانه و قلمه وعكف على الدرس و البحث.
و في
آخر أيامه كان يتأمل الإلهيات من كتاب "الشفاء" لأبن سينا، فلما وصل إلى
فصل الواحد و الكثير وضع علامة بين الورقتين و قام و صلى و لم يأكل و لم يشرب ،
فلما صلى العشاء سجد و كان يقول في سجوده
: " اللهم إنك تعلم أني عرفتك على مبلغ إمكاني فاغفر لي فإن
معرفتي إياك وسيلتي إليك "[8] و مات عن عمر يناهز الواحد و الثمانين سنة.
مؤلفاته :
ترك عمر الخيام عدداً كبيراً من
المؤلفات في شتى فروع المعرفة التي كانت معروفة في عصره، و من أهم هذه المؤلفات
نذكر : " رسالة في شرح ما أشكل من مصادرة
كتاب اقليدس " " رسالة في النسب " " رسالة في حل
المسائل التكعيبية" " رسالة في
البحث عن فرضية المتوازيات الإقليدسي" "رسالة في ميزان الحكمة"
"و رسالة في الإحتيال لمعرفة مقدار الذهب و الفضة في جسم مركب" و كتاب "مشكلات الحساب" و
"رسالة في التقويم(التقويم الجلالي)" و "رسالة في البراهين على
مسائل الجبر و المقابلة" و "الرباعيات" و "مقدمة في
المساحة" و "رسالة في المصادرة الخامسة من مصادرات اقليدس" و
"رسالة في الكون و التكليف" و "رسالة في جواب الثلاث المسائل
ضرورية التعداد في علم الجبر" و "رسالة في الميزان الجبري" وكتاب
"المقنع في الحساب" و "رسالة في المعادلات ذات الدرجة
الثالثة و الرابعة" و كتاب " الموسيقى الكبير"[9]..
من أبرز حوادث التزوير في التاريخ
أن معظم الناس يقولون بأن الخيام لم يكن إلا شاعراً،و الصحيح أنه كان من أكبر
علماء الرياضيات في عصره،و اشتهر بالجبر و اشتغل في تحديد التقويم السنوي للسلطان
ملكشاه.و كما أشرت إلى ذلك فقد كان له السبق في اختراع طريقة حساب المثلثات و
المعادلات الجبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط.
و بسبب الفهم الخاطئ لفلسفته و لتصوفه اتهم بالإلحاد و الزندقة و أحرقت
كتبه،و لم يصلنا من الكتب التي أشرنا إليها سوى رباعياته لأنّ القلوب أحبتها و
حفظتها من الضياع.غير أن الخيام كان عبقرياً و ملماً و مبدعاً أكثر بكثير من كونه
شاعراً.و ضياع كتبه في الرياضيات و الفلسفة حرم البشرية من الاستفادة من الإطلاع
على ما وضعه في علوم الجبر و الرياضيات.
من جهة أخرى تم الكشف عن جزء بسيط فقط من عبقريته،من خلال ما تبقى لنا من
رباعياته.و لم لو تُحرق كتبه لساهمت في الكشف عمّا خفي عن العلماء.
رباعيات عمر الخيام :
لم يكن الخيام نفسه عندما نظم رباعياته و جمعها يحلم بما سيكون لها من
الشأن بعده،و خصوصاً عند أمم غريبة عنه وطناً و جنساً و لغة، خاصة وأن اهتمامه
العلمي كان يفوق اهتمامه الأدبي و الشعري بل إنه كان يلجأ إلى الشعر حينما تداهمه
موجة من الإرهاق و التعب- حسب ما يذكر لنا التاريخ[10]- من شدة الانهماك العلمي و يتخذ من الشعر الوجداني وسيلة للراحة
لما فيه من إيقاعات موسيقية و آفاق واسعة تثير البهجة و السرور في أعماق النفس
فيرتمي في أحضانها هرباً من الجدية العلمية ذات العناء الشديد.و الحق أن الخيام
برباعياته هذه كسى الأدب الفارسي مطارف لا تبلى على مرور الأيام،و حباه أحسن ما
يحبو شاعرٌ لغة من عبقرية ونبوغ،و قد كان موفقاً في انتقاء ألفاظه، فالانسجام و
السلاسة و التشبيهات و الاستعارات اللطيفة غير النكدة و عدم التكلف و السهولة، كل
ذلك من الصفات البارزة في شعره، و عباراته و إفاداته تقوم حق القيام بأداء ما
يحمّلها إيّاه من المعاني الدالة على مشربه و فلسفته... لقد لقيت هذه الرباعيات ما
لم يكن بحسبان الخيام و لا غيره من التهافت على دراستها و نقلها إلى لغات العالم
كالإنجليزية و العربية و الفرنسية و الألمانية و الدانمركية و الإيطالية و
اللاتينية و الأرمينية و التركية و...هذا مع العلم أنه لم يعرف في وطنه و بين بني
جلدته و لسانه بكونه شاعراً إلاّ في وقت متأخر، و لعل السبب في ذلك يرجع إلى كونه
كتب جميع مؤلفاته باستثناء البعض اليسير منها باللغة العربية التي كانت آنذاك لغة
الخاصة من أهل الفكر.أما أشعاره التي كان يطلقها من حين لآخر فكان ينظمها بلغته
الأم،أي اللغة الفارسية التي هي أقرب ما تكون إلى مشاعره..
يعزي الأستاذ العلاّمة
الفيلسوف التركي رضا توفيق بك في
كتابه "رباعيات خيام"[11] إقبال الأوروبيين على شعر الخيام إلى كونه منبعث عن فهم الخيام
لمعنى الحياة وفق عقيدة المدنية الحاضرة و ذوقها،و يقول أنه أفادته دساتير هذه
العقيدة الأساسية في رباعياته بأسلوب شعري بديع،و لم تلتفت أمم الغرب إلى الخيام
هذا الالتفات إلا لأنها نظرت إليه نظرها إلى أوروبي معاصر حكيم و عملت بما في تعاليمه من حكمة و مضت على
طريقته.
شيوع الرباعيات و ترجمتها إلى لغات أجنبية:
عندما دخل العرب بلاد الأندلس بدأ المؤلفون الأوروبيون يتصلون بهم،فنقل
"لان غا انطوان" من مختارات ألف و ليلة إلى اللغة الفرنسية، ثم تُرجمت
إلى اللغات الأوروبية حيث تركت آثارها على أعمال "فولتير" و
"جوته" و غيرهما،كما ظهرت
تأثيرات ترجمة أشعار حافظ الشيرازي و المعلقات السبع و حكايات شهر زاد في
الأعمال الإبداعية الغربية.
و قد ظلت رباعيات الخيام مخطوطة في الشرق و الغرب حتى منتصف القرن التاسع
عشر حيث اكتشفها الأوروبيون..و يعتبر ادوارد فيتز جرالد الشاعر الإنجليزي من أهم
الذين ترجموا رباعيات الخيام بأسلوبين مختلفين ،فكانت إحداهما الترجمة النثرية
الحرفية التي التزمت بالمضمون الدقيق للنص،و الأخرى الترجمة الشعرية التي وضعت
المضمون في قالب الشعر الإنجليزي.
و يرجع اهتمام فيتز جرالد بالأدب الفارسي منذ أن كان طالباً بجامعة كمبردج
و بعد تخرجه ترجم أعمال كبار شعراء الفرس إلى الإنجليزية سنة 1856م ثم اهتم
اهتماماً خاصاً برباعيات الخيام معتمداً في ذلك على نسختين خطيتين من الرباعيات
حيث أصدر الطبعة الأولى لترجمة الرباعيات سنة 1859م في 95 رباعية، ثم أضاف في
الطبعات التالية ترجمات لرباعيات أخرى حتى بلغ عدد الرباعيات التي ترجمها 141
رباعية،و بهذا تكون هذه الترجمة باكورة الترجمات الأخرى لهذه الرباعيات.
و قد نجحت ترجمة فيتز جرالد في أن تتغلغل في الثقافة الإنجليزية بفعل
جاذبيتها لدرجة أن عناصر منها أصبحت تعتبر اليوم من قبل البعض و كأنها إنجليزية
أصيلة.كما أصبحت أبيات الرباعيات الفارسية هذه و التي كتبت في القرن الثاني عشر من
أكثر القصائد الغنائية انتشاراً بترجمتها الإنجليزية بين الناطقين بها،و في هذا
الصدد يقول ارتور آربيري في مقدمة ترجمته لرباعيات الخيام : " لا يوجد بيت في
بريطانيا لا يعرف هذا الكتاب (الرباعيات) بشكل أو بآخر.حتى أن الجنود البريطانيين
كانوا يصطحبونه معهم خلال الحربين العالميتين الأولى و الثانية "[12]. و تحول الكثير من أبيات الرباعيات إلى تعابير شائعة في اللغة
الإنجليزية من مثل: "ما تفتحت وردة إلاّ ذبلت" و "من يبع نقداً
نجحت تجارته" و "يكفيني رغيف و ماء و أنت".و من بين كل أبيات
الرباعيات شهرة :
وقت سحر است خيز اى مايه ناز
نرمك نرمك باده خور و جنك نواز
كه آنها
كه بجايند نبايند
كسى و آنها كه شدند كس
نمى آيد باز
أي :
يا صاحبَ الدَّلِّ هذا الفجرُ لاحْ فقمْ و غنِّ و اشربْ و أطفئْ حُرقةَ الكبِدْ
فمن تراهُم
هنا لن يلبثوا
أمدا و لن
يعودَ من الماضين
أحدِ[13]
بعد ترجمة فيتز جرالد تُرجمت رباعيات الخيام إلى معظم اللغات الأوروبية،
وكان لها أثرها في تشكيل النظرة الأوروبية للآداب و الثقافة الفارسية و
الشرقية،رغم أنه تأثير غير واضح أحياناً،فقد تُرجمت إلى لغات أوروبية أخرى كالفرنسية و الألمانية،و نتج
عن هذه الترجمات أن أصبح عمر الخيام معروفاً كأشهر الفارسيين في الغرب،بالرغم من
وجود شعراء كبار.و من الجدير بالذكر أن كل رباعية من رباعيات الخيام كانت قد كتبت
مفردة و في مناسبتها الخاصة لتكون قطعة بحد ذاتها ، لكن فيتز جرالد في ترجمته لها
رأى أن يدمج رباعيات الخيام في قطعة واحدة و ذلك بإيجاد علاقة بين كل رباعية و
أخرى لإعطاء عمل متكامل مترابط مع بعضه.
أما اكتشاف الرباعيات عربياً فقد بدأ في العقد الثاني من القرن العشرين
حينما نقلها إلى العربية "وديع البستاني" و منذ ذلك الحين شهدت
الرباعيات ترجمات عديدة إلى اللغة العربية منقولة عن اللغتين الفارسية و
الإنجليزية، و أنجزها كلٌ من "محمد
السباعي" و "محمد الهاشمي" و "أحمد رامي" و "أحمد
الصافي النجفي" و "وهبي التل المعروف بعرار" و "محمد بن
تاويت" و غيرهم.و قد أجمع النقاد على أهمية الترجمة الشعرية لأحمد الصافي
النجفي و ترجمة أحمد رامي.و لما كانت رباعيات الخيام تبث الدعوة إلى اكتشاف
جماليات الحياة و الحب و تحرير العقل و الحواس من الهموم و المخاوف و الأوهام،فقد
لاقى الخيام هجوماً على رباعياته و اتهاماً بالزندقة من قبل المتعصبين أمثال
الرازي في كتابه "مرصاد العباد"[14] الذي وصفه بالدهري التائه في ميدان الضلال، أما الصوفيون فاعتبروا
شعره أفاعي سامة و ألبوا عليه العامة من الناس فخاف على دمه و أمسك من عنان لسانه
و قلمه، و ذهب إلى الحج. و قد اختلف الباحثون في وصف شخصية الخيام، فبعضهم يعتبره
رجل علم لا علاقة له بالرباعيات لما فيها من أفكار حرة و دعوة إلى الحياة كما ورد
في شعر من سبقوه أو عاصروه أو جاءوا بعده أمثال
"رودكي" و "عسجدي" و "أنوري" و
"حافظ" و "أبو نواس"، والبعض يرى أن العالِم يمكن أن يقول
شعراً في الغزليات و الخمريات و التأمل في حال الوجود و أسئلة الحياة و الموت.
و هناك تشابه بين شعر الخيام و المعري من حيث نقاط الالتقاء و الاختلاف
بينهما فيبرز الالتقاء في طرح الأسئلة الجريئة المتأملة الحائرة في الحياة و سر
الوجود، بينما يظهر الخلاف واضحاً في زهد أبي العلاء المعري و انصرافه عن الملذات
التي يدعو الخيام إلى استنزافها .و مع هذا الاختلاف فإن ما يجمع بينهما هو الحكمة و الذكاء[15].
و إننا لنتساءل عن علة و سر هذا
التأثير الشديد غير المتوقع لرباعيات الخيام في الغرب، ولعل الجواب على ذلك هو أن
الغرب رأى فيها ضياعه و حيرته، وكأنه يرى نفسه في مرآة ، تلك النفس الأوروبية التي
كانت تعيش حالة من المد و الجزر بين عالمي المادة و الروح. و من بين مشاهير
المختصين بعمر الخيام في الغرب إضافة إلى الشاعر الإنجليزي المذكور فيتز جرالد ،
الأستاذ الإنجليزي "آربيري" و الأستاذ التشيكي "ريبكا".أما
الفيلسوف "نوستراداموس" فإنه بدوره شغل الناس بفلسفته،و وجه التشابه
بينه و بين الخيام هو الرباعيات المعبرة عن لحظة تكثيف لمفهوم و رؤية محددة للوجود
و الذات، و لكن الاختلاف بينهما يكمن في ذهاب " نوستراداموس" بعيداً في
الماورائيات باحثاً عن تلمس ما سيأتي و غارقاً في الغموض،فيما تبحر الخيام في
تأصيل الذات و كنه الوجود متماهياً مع الحقيقة الكلية و العلة الأولى لهذا الوجود.إن
جملة المقارنات التي قام بها المؤلفان بين هذه الشخصيات،إنما على حد تعبيرهما تبيّن لنا إلى أي مدى يتناسخ الأقطاب و
العباقرة وأصحاب القلوب الكبيرة و العقول الواسعة،الشيء الذي يدلل في الوقت ذاته
على شمولية الهم الإنساني في الفكر و التأمل.
الاتجاهات النظرية و مضامين الرباعيات :
لا مجال للشك في أن عمر الخيام شاعر كبير،و لكن لماذا لم يكن معروفاً كشاعر
في الشرق ؟ هل كان الشرق ناسياً شاعريته ؟
نعلم أن الخيام كان يرى نفسه عالماً، أما رباعياته فكانت بنت اللحظة، و هو
لم يجمعها أبداً في ديوان واحد،و إنما اهتم بذلك تلامذته و مريدوه و الأجيال التي
أتت من بعده .و قد تسللت إليها بعض الرباعيات الغريبة التي يُشكّ في نسبتها إلى الخيام،إما عن جهل أو عن
قصد.كما أن بعض المقاطع منها كان يُنسخ
حسب اتجاه الناسخ أو طالب النسخة.
و إننا لنتساءل عن أصالة كلّ ما لدينا من الرباعيات،ذلك أنه كان يُعتبر
بالنسبة للطبقة الشعبية فيلسوفاً، أما بالنسبة لأصدقائه المقرّبين فقد كان يُعتبر
متصوفاً.
بقراءة متأنية لكل رباعية من
رباعيات الخيام،يمكن للدارس أن يستخلص صورة عن عقلية هذا الشاعر و توجهاته النظرية
و الفلسفية.فعمر الخيام كما يبدو من شعره لا بد
أنه كان إنساناَ شغل تفكيره بالطبيعة الفانية للحياة و غياب الشعور بالأمان
فيها و تعمّق جدّاً في محاولة فهمها مثلما يتبين من الأبيات التالية :
از آمدنم نبود كردون
را سود و ز رفتن من جاه و جلالش نفزود
و ز هيج كس نيز دو كوشم نشنيد ز اين آمدن و رفتن ما سود جه بود
أي :
ما نفعَ الدّهرَ مجيئي و لا يزيدُه
شأناً رحيلي غدا
ما سمعَتْ أذنايَ من قائلٍ ما نفعُ ذا العيش و جدوى الرّدى[16]
***
دادم باميد
زندكانى بر باد
نابوده ز عمر خويشتن روزى شاد
ز آن مى ترسم كه عمر
امانم ندهد جندانكه ز
روزكار بستانم داد
أي :
بجميلِ الآمال
أَفنيْتُ عمري دون
أن أبلغنّ يوماً مرادا
أنا أخشى أن
لا يساعدني العمرُ لأُشفي من
الزمان الفؤادا[17]
و يبدو أنه لم يتوصل إلى حلول مرضية تخفف حيرته،و هذا ما دفعه إلى محاولة
النأي بنفسه عن هذه الجوانب من الحياة و التركيز على الجوانب المادية الإيجابية و
المبهجة فيها.غير أن الأشياء المتواضعة
التي وجد المتعة فيها تشب بعدم عمق وحدة هاجسه بالمسائل الفلسفية الجوهرية :
الحياة و الموت و السعادة و الإيمان و غيرها.
لقد كان سلوك الخيام في ما كتبه مسلك الريب و الشك ، وهزؤه بأهل زمانه و
طباع معاصريه،و جرأته في القول على تعدي حدود الدين و الآداب،و استعماله الكنايات
المرة في الطعن و التشنيع على المرائين من
أدعياء الزهد و الورع كل ذلك مما حمل أهل زمانه على أن ينظروا إليه شزرا..
و قد يكون من دواعي خمول ذكره في إيران و ذيوعه في الغرب و احترام الغربيين
و تقديرهم له، أنه سبق زمانه بعصور من الوجهة الفكرية،حتى إنه لم يوجد في إيران من
يبحث عن آثاره و يهتم بطبعها،و كم نجد من العيب و القبح و الخطأ في نسخ الرباعيات الفارسية المطبوعة في إيران و
الهند ‘ذا قيست بنسخ الرباعيات المترجمة في أوروبا و أمريكا من جهة الإتقان و
التزيين و التصوير و التذهيب.
قال "تيوفيل غوتيه" أحد الأدباء الفرنسيين المتوفى سنة 1872م
صاحب المؤلفات الكثيرة عند ذكره الخيام ما يأتي :
"أن رباعيات الخيام تحتوي جميع مقاطع هملت قطعة قطعة"
وقال الحكيم المؤرخ "أرنست رنان" في بعض كتبه في صدد موازنته بين
أحد الشعراء و الخيام : "و ليس له قوة الخيام و لا تهكمه و مزاحه الحر ،و هو
الذي لم يُشاهد في عصر من العصور شاعر إباحي مثله"
و قال "باربيه دومنياد" من أعاظم المستشرقين الفرنسيين عند ذكره
الخيام : "أليس يُعد حادثة غريبة ظهور شاعر في إيران في القرن الحدي عشر
للميلاد يكون كما قال رينان نظيراً لغوته و هانري هاينه".
إن أكثر الكلمات المترددة على السمع عند قراءة شعر
الخيام هي : الخمرة ، و الحانة و الساقي و الكوز و العود و الناي و المغني و أمثال
ذلك.و جل المعاني التي ينطوي عليها : العمر سريع الزوال فيجب أن ننتهز الفرص قبل فوات أوانها.نحن لا ندري من أين أتينا و لا ندري إلى أين نذهب
فلنحسن الاستمتاع بهذه الأيام القليلة التي نعيشها.ليس في طوق البشر الوصول إلى
المعرفة فينبغي أن نقبل بكل شيء كما
وجدناه و لا نفسد على أنفسنا ملذاتها.ليس وراء هذا الثرى ثواب و لا عقاب.ليست
الأيام التي تنقضي إلا أياماً قصيرة يجب
أن نسارع إلى انتهازها و لو كانت مؤقتة.ليست الحقيقة المجردة لأيام هذه الحياة
التي تتقلص و تفيء كالحلم إلا الشراب و عشق الجمال و الشباب و نور القمر يقع على
أفاريز و نغمات الناي تهتز لها جنبات
الفلوات و الكروم :
جون عهده نمى شود كسى فردا را
حالى خوش كن تو اين دل شيدا را
مى نوش بنور ماه اى ماه
كه ماه بسيار بتابد
و نيابد ما
را
أي :
لئنْ جالسْتَ من تهواهُ عمراً
و ذُقتَ جميع لذاتِ الوجود
فسوف تُفارقُ
الدنيا كأنّ الذي شاهدْتَ حلمٌ في هجود[18]
جون مى كذرد عمر جه شيرين و جه تلخ بيمانه جه بر شود جه بغداد و جه بلخ
مى نوش كه
بعد از من و تو
ماه بسى از سلخ
بغره آيد از
غره بسلخ
أي :
إذا العمرُ يمضي فليَرق لي أو يسؤ و سيّان إن أهلكْ ببغدادَ أو بلخ
فقمْ واحسُها فالشهرُ كم بعد سلخِه إلى غُرّةٍ يمضي و منها إلى سلخ[19]
درياب كه از روح جدا
خواهى شد در برده
اسرار فنا خواهى شد
مى خور كه ندانى ز كجا
آمده اى خوش باش ندانى بكجا
خواهى شد
أي :
بادِرْ فسوفَ تعودُ
أدراجَ الفنى و ستترُك الجثمانَ منك الروحُ
و اشربْ و عِشْ جذِلاً فلسْتَ بعالمٍ من أين جئت و أين بعدُ تروحُ[20]
اى دوست
بيا تا غم فردا
نخوريم و اين يكدم عمر را
غنيمت شمريم
فردا كه از اين روى زمين در كذريم
با هفت هزار
سالكان هم سفريم
أي :
هَلُمَّ حبيبي
نتركِ الهَمَّ في
غدٍ و نَغْنَمْ قصيرَ العُمرٍ
قبل فواتِ
سنُزْمعُ عن ذي الدارِ
رحلَتَنا غداً بسبعةِ آلافٍ
من السنوات[21]
افسوس كه نامه
جوانى طى شد و آن تازه بهار شادمانى دى شد
آن مرغ طرب كه نام او بود شباب فرياد
ندانم كه كى آمد كى شد
أي :
قد انطوى سفر الشباب و
اغتدى ربيعُ أفراحي
شتاءً مُجْدِبا
لَهَفي لطيرٍ
كان يُدعى بالصّبا
متى أنّى و
أَيّ وقت ذهبا[22]
و غير ذلك و بعبارة مختصرة يمكن أن يقال أن جميع ما تحوم حوله معاني الخيام
في شعره تنحصر في هذا البيت الشعري :
ما فات مضى و ما لم
يأت أين قم فاغتنم الفرصة
بين العدمين
من هنا نرى أن رباعيات الخيام تتراوح بين الإيمان و الإلحاد و بين الدعوة
للمجون و الدعوة للهو و بين طلب العفو من
الله سبحانه و الإعلان التوبة :
نا كرده كناه در جهان كيست بكو و ان كس كه كنه نكرده جون زيست بكو
من بد كنم و تو بد مكافات دهى بس
فرق ميان من
و تو جيست بكو
أي :
إلهي قل لي من خلا من خطيئة و
كيف تُرى عاش البريء من الذنب
إذا كنتَ تجزي الذنبَ
منّي بمثله فما الفرقُ ما
بيني و بينك يا ربّي[23]
در سر هوس بتان جون خورم باد
بر دست هميشه آب انكورم باد
كويند كسان
خدا ترا توبه
دهاد او خود ندهد من نكنم دورم
باد
أي :
لا عشتُ إلاّ بالغواني مُغرَما و على يدي تبرُ المُدامِ الذائبُ
قالوا سيقبلُ
منك ربك
توبةً لا الله قابلُها و لا
أنا تائبُ[24]
هر روز بر
آنم كه
كنم شب توبه
از جام بيابي
و لبالب توبه
اكنون كه رسيد وقت كل هر غم نيست در موسم كل ز توبه يا رب توبه
أي :
كل يومٍ أنوي المتابَ إذا ما
جاءني الليلُ عن كؤوس الشراب
فأتاني فصلُ
الزهور و إنّي فيه يا
رب تائبٌ من
متابي[25]
لقد كان لعمر الخيام تصور معين للحياة و الارتباطات فيها بين
الإنسان و الكون.و من هذا التصور انبعثت كل إيقاعاته،و تلونت قيم الحياة في نفسه.
لقد تصور الكون كتاباً مغلقاً لا ينفذ العلم البشري إلى سطر واحد من سطوره،
و غيباً مجهولاً يقف الإنسان أمام بابه
الموصد يدقه بلا جدوى.و في هذا التيه لا يعلم الإنسان من أين جاء، و لماذا جاء ؟ و
لا يدري أين يذهب و لا يستشار في الذهاب :
در دايره
كه آمدن و رفتن ماست آن
را نه بدايت
نه نهايت بيداست
كس مى نزند دمى در اين
معنى راست كه اين آمدن از كجا و
رفتن به كجاست
معنى الرباعية :
ليس لذا العالم
ابتداء يبدو و لا غاية
و حدّ
و لم أجد من يقول
حقاً من أين جئنا و أين نغدو[26]
در كاركه
كوزكرى رفتم دوش ديدم دو هزار
كوزه كويا و خموش
ناكاه يكى كوزه بر آورد خروش
كو كوزه كر و كوزه خر و كوزه فروش
معنى
الرباعية :
شاهدت ألفي جرة في معملٍ
تدعو و لم تفتح
بنطق فاها
فإذا بإحداها تنادي
أين من صنع الجرار و
باعها و شراها[27]
جون آمدنم بمن
نبد روز نخست و اين
رفتن بيمراد غزميست درست
برخيز و ميان ببند اى ساقى جست كه اندوه جهان بمى فرو خواهم شست
معنى الرباعية :
إن كنتُ قبلُ أتيتُ الدنيا بدون اختيار و سوف أرحلُ حتماً عنها غداً باضطرار
فقمْ نديمي سريعاً و اعقدْ
نطاق الإزار فسوفَ أغسلُ
همّ الدنيا بصافي العُقار[28]
من هذا التصور الخاص للعلاقة بين الإنسان و الكون استمد الخيام كل تصوراته
لقيم الحياة التي تأثر بها فنه.فهذه الحياة المجهولة المصدر و المصير،في هذا
العماء الذي يعيش فيها الإنسان لا تستحق أن يحفلها و يعني نفسه بها.و إذن فلا
ضرورة للوعي الذي لا يؤدي إلى شيء..و لو
اختلف تصور الخيام للحياة و الارتباطات فيها بين الإنسان و الكون، لاختلفت قيمها
في حسه،و اختلف اتجاهه الفني بكل تأكيد،لو تصور مثلاً أنه قطرة في نهر الحياة،و
لكنها قطرة تحس بأهداف النهر،من المضي و التدفق و الإرواء و الإحياء،لكان للحياة
في نظره قيم أخرى.و لو تصور أنه نفخة من روح الله تلبست بجسد،ليكون خليفة الله في
هذه الأرض،ينشئ فيها و يبدع لكان للحياة في نظره قيم أخرى..كذلك لو تصور أنه فرد
في طبقة،و أن هناك صراعاً بين طبقته و الطبقات
الأخرى على نحو ما يتصور بعض الناس لاختلف الأمر...
الهوامش :
1 الرباعية قطعة مستقلة فيها وحدة الشكل و
المضمون،و تتكون من أربعة أشطر،و تعد أعلى أنواع الشعر الفارسي إذا حاكت برودها يد
شاعر له مقدرة و جدارة،و فحول الشعراء يمهدون للغرض الشعري الذي يرمون إليه في
الشطور الثلاثة الأولى،و الشطر الرابع يفرغون النتيجة التي مهدوا لها،و قد نظم
أشهر الشعراء الإيرانيين طيلة قرون عديدة أشعاراً جيدة في هذا النمط أو القالب
الشعري،و على رأس أولئك يتربع عمر الخيام.
2 في هذا الصدد يمكن مراجعة : حسين مجيب المصري ،
"صلات العرب و الفرس و الترك" ، و طه ندا ، "الأدب المقارن" و
محمد غنيمي هلال ، "الأدب المقارن" و صلاح الصاوي ، "قطاع في تيار
التفاعل بين الأدبين الفارسي و العربي" و أحمد الحوفي ، "تيارات ثقافية
بين الفرس و العرب" و غيرها من الكتب.
3 هؤلاء الشعراء من أعمدة الأدب الفارسي،تربعوا على عرش الآداب
الشرقية و العالمية و خلفوا روائع لا تبلى..سنعرض للتعريف بهم و بآثارهم في مقالة
مستقلة بحول الله.
4 للمزيد من المعلومات حول هذه الشخصية العلمية و الأدبية الفذة
راجع : القفطي ، "إخبار العلماء بأخبار الحكماء" ص
163 – الشهروزي ،
"كنز الحكمة" 1/75 – شبلي نعماني ، "شعر العجم" 1/172 – نظامى
عروضى ، "جهار مقاله" [المقالات الأربع] ص : 293 – محمد على تبريزي ،
"ريحانة الأدب" 1/436 – ذبيح الله صفا ، "تاريخ ادبيات در
ايران" [تاريخ الأدب في إيران] 2/523.
5 صادق هدايت ، "مقدمه اى بر رباعيات
خيام" [مقدمة حول رباعيات الخيام] ص : 13.
6 لا شك في
تأثر عمر الخيام بفلسفة أبي العلاء المعري ،فقد لوحظ الكثير من معاني الخيام مأخوذ
عن المعري في "لزومياته" أو في "سقط الزند" ، و بعضها مأخوذة
من شعراء آخرين ، و على سبيل المثال يقول المعري :
تَمنيتُ أنّ لبخمر حلت لنشوة
تجهلني كيف استقرتْ بي الحال
و قال أيضاً :
أيأتي نبيٌّ يجعل الخمر حلة
متحمل شيئاً من همومي وأحزاني
أخذ الخيام هذا
المعنى فقال :
اى رب بكشاى بر من از رزق درى
بى منّت مخلوق رسان ما حضرى
از باده
جنان مست نكهدار مرا
كز بيخبرى نباشدم درد سرى
أي :
ربّ افتح لي باب رزق و أرسل
لي قوتي من دون منِّ الأنام
و أَدم نشوة
الطّلا لي حتى
تُذْهلْني ما عشتُ عن آلامي
رباعيات الخيام ، تعريب : أحمد الصافي النجفي
8 شبلي نعماني ، "شعر العجم" 1/172.
9 ذبيح الله صفا ، "تاريخ ادبيات در ايران" [تاريخ الأدب
في إيران] 2/523 – سعيد نفيسي ، "تاريخ نظم و نثر" [تاريخ النظم و
النثر] ص : 60.
10 ذبيح الله
صفا ، "تاريخ ادبيات در ايران" [تاريخ الأدب في إيران] 2/523 – سعيد
نفيسي ، "تاريخ نظم و نثر" [تاريخ النظم و النثر] ص : 60.
11 نقلاً عن "رباعيات عمر الخيام" تعريب : السيد أحمد
الصافي النجفي.
12 Arberry Athur , Omar Khayyam ,
A New Version..London , 1952 , P 7
13 تعريب
السيد أحمد الصافي النجفي ، ص : 70.
14 نجم الدين
رازي ، "مرصاد العباد من المبدأ إلى المعاد" ، ص : 54.
15 سأفرد هذا الموضوع ببحث مستقل بحول الله.
16 تعريب السيد أحمد الصافي
النجفي ، ص : 102.
17 نفسه ، ص : 35.
18 تعريب
أحمد الصافي النجفي ، ص : 32.
19 تعريب
أحمد الصافي النجفي ، ص : 29.
20 نفسه ، ص
: 28.
21 نفسه ، ص
: 20.
22 نفسه ، ص : 7.
23 تعريب
أحمد الصافي النجفي ، ص : 19.
24 نفسه ، ص : 31.
25 نفسه ، ص
: 37.
26 تعريب
أحمد الصافي النجفي ، ص : 81.
27 نفسه ، ص : 127.
28 نفسه ، ص : 127.
المصادر و المراجع :
1/ إخبار العلماء
بأخبار الحكماء ، أبو الحسن القفطي ، مطبعة السعادة ، مصر 1326هـ.
2/ از سعدى تا
اراكون [ من سعدي إلى أراكون ] جواد حديدي ، دار النشر الجامعية ، طهران ، الطبعة
الأولى 1373هش.
3/ الأعلام ، خير
الدين الزركلي ، الطبعة الثانية.
4/ تاريخ ادبيات در
ايران [ تاريخ الأدب في إيران ] ذبيح الله صفا ، دار النشر ققنوس 1994م.
5/ تاريخ نظم و نثر [ تاريخ النظم و النثر ] سعيد
نفيسي ، دار النشر فروغي 1363هش.
6/ تتمة صوان الحكمة
، علي بن زيد البيهقي، لاهور 1351 هـ.
7/ جهار مقاله [
المقالات الأربع ] نظامي عروضي ، طهران ، الطبعة الثالثة.
8/ رباعيات الخيام ،
تعريب : أحمد الصافي النجفي ، منشورات الأرومية ، قم ، إيران 1405هـ.
9/ ريحانة الأدب ،
محمد علي تبريزي مدرس ، مطبعة سعدي 1326هش.
10/ شعر العجم أو
تاريخ الشعراء و الأدباء في إيران ، المطبعة العلمية.
11/ كنز الحكمة ،
الشهروزي ، ترجمة : ضياء الدين دري ، مطبعة العلم 1316هش.
12/ مرصاد العباد من
المبدأ إلى المعاد ، نجم الدين رازي ، المنشورات العلمية ، طهران 1373هش.
13/ مقدمه اى بر
رباعيات خيام [ مقدمة حول رباعيات الخيام ] صادق هدايت ، دار النشر
"تاخ" ، الطبعة الثانية 1377هش.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق