مختارات من «شمس تبريز» لمولانا جلال الدين الرومي
ترجمة عاشور الطويبي
جلال
الدين الرومي، المشهور بـ«مولانا»، ولد في الطرف الشرقي للإمبراطورية الفارسية، في
ما يُعرف الآن بأفغانستان، في مدينة بلخ سنة 1207م. الرومي سليل فقهاء كبار. هرباً
من ظلم الاجتياح المغولي نزحت عائلته إلى أن وصلت مدينة قونيا بتركيا. ومن طرائف
ما يُروى أن الصوفي الكبير فريد الدين العطار صاحب «منطق الطير» شاهده في دمشق
يسير خلف أبيه، فقال: «محيط يسير خلف بحر».
تابع
مولانا جلال الدين الرومي عمل أبيه كفقيه ومُفتٍ إلى أن حدث الانقلاب الكبير في
تاريخه الشخصي وتاريخ التصوّف وتاريخ الشعر، وكان ذلك عام 1244م حين التقى بشمس
التبريزي، فترك وقار الفقيه الشيخ، وساح مع ألحان الناي، يرقص ويحضر في ذرات الكون
روحاً صافية وشعراً عظيماً. كتب مولانا في هذا الصحبة، وتشريفاً لها، آلاف القصائد
والرباعيات. وحين غُيِّب عنه حبيب قلبه شمس التبريزي (قيل قُتل) بحث عنه طويلاً.
كتب مولانا كتابه العظيم الآخر «المثنوي»، الذي ترجم الدكتور عبد السلام كفافي
المجلدَين الأولَين منه في سبعينيات القرن الماضي، وترجمه كاملاً تلميذه الدكتور
إبراهيم الدسوقي شتا في ستة مجلدات ضخمة. ثمة ترجمات عدّة إلى العربية لمختارات من
الديوان الكبير، «ديوان شمس تبريز». وهذه ترجمة أخرى أقدمها لمختارات من هذا الشعر
الكوني، عن الإنكليزية من ترجمة الأميركي كولمان باركس والتي هي من أحسن الترجمات
في اللغة الإنكليزية.
حان الوقت
حان الوقت لننضمَّ إلى مجانينك
المكبّلين معاً بالسلاسل.
حان الوقت لنكون أحراراً
تماماً، ومنبوذين.
حان الوقت لنهب أرواحنا،
لنشعل النار في الهياكل ونركض
في الشوارع.
حان الوقت لنتخمَّر.
كيف نتركُ حوض العالم
ونذهب إلى الشفة؟
علينا أن نموت لنصير بشراً
حقيقيين.
علينا أن نتغيّر رأساً على عقب
كمشط في قمّة شعر امرأة جميلة.
انشرْ جناحَيك كشجرة ترتفع في
الحديقة.
بذرة ملقاة على الطريق،
حجر يذوب إلى شمع، شمعة تصير
عثّاً.
على رقعة الشطرنج يبارك الملك
ثانية بملكته.
حين تقترب كثيراً وجوهنا من
مرآة العشق،
علينا ألا نتنفَّس،
أن ننتقل إلى مكان نقي حيث كان
المبنى
ونتحسّس الكنز المخبَّأ فينا.
بلا بداية أو نهاية،
نحيا في العاشقين كما الحكاية
التي يعرفونها.
لو أنتَ المفتاح،
سنكون أوتاد القفل.
عاشقٌ أنتَ، والعشق خمّارة
كلّ لحظة يصل العشق من كل جانب
لا مزيد من الفرجة.
نرحل من أجل فراغ نقيّ،
السفر مع الأصحاب الذين
عاشرناهم ذات مرّة،
ما بعد الملائكة، ما بعد
الروحانية، إلى مدينة العظمة مدينتا.
حمِّل. قلْ وداعاً لهذا المكان
المغبر،
حظّ فتيّ يسافر أمامنا.
التنازل عن الروح أساس عمل هذه
القافلة،
بوجود المختار دليلاً،
الذي جاء القمر يستجديه.
صبيّة متواضعة، رقيقة تتبع عطر
شعره.
ينشقُّ القمر. نمرُّ عبره،
طيور الماء ترتفع عالياً لتبحث
عن بحيرة أخرى.
أو قل إننا نعيش في بحر العشق،
حيث تعمل الثقة لسدّ قارب
الجسد،
لتجعله يدوم لبرهة،
إلى تحطم السفينة المحتوم،
الزواج الكلّي، الموت -
الاتحاد.
ذُبْ في الصحبة كسكرانَين
يختصمان.
لا تبحث عن العدالة هنا
في الغابة تمنحك روحك الحيوانية
نصيحةً خبيثةً.
اشربْ ما يكفي من الخمر حتى
تتوقف عن الكلام.
عاشق أنت، والعشق خمّارة
حيث لا أحد يقوم بعمل ذي معنى.
حتى لو أن الذي تقوله شِعراً
سميكاً كسماكة أكياس سليمان
المليئة بالذهب،
لا مغزى له.
لللإطلاع على المزيد يمكن مراجعة موقع شيرازيات على الرابط التالي :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق