تعريب شعر "آزادى" للشاعر المعاصر فريدون مشيري


شعر "آزادى
"الحرية"
الشاعر : فريدون مشيري
المترجم : أحمد موسى
قراءة وتحليل : مصطفى المكاوي

پشه ای در استکان آمد فرود             حَطَّ دَاخِلَ الفِنْجَانِ بَعُوض
تا بنوشد آنچه وا پس مانده بود
           لِيَرْتَشِفَ ما فَضَلَ مِنْ شَراب   
کودکی از شیطنت بازی کنان             إِذْ بِوَلَدٍ شَقِيٍّ لاهِياً
بست با دستش دهان استکان!
             أَغْلَقَ 
بِيَدَيْهِ الفِنْجَانِ مُحْكِماً
پشه دیگر طعمه اش را لب نزد           لَمْ يَكَدْ يَذُقِ البَعُوضُ طَعْمَ الشَّرَاب
جست تا از دام کودک وا رهد
           حَتَّى هَبَّ مِنْ شَرَكِ الفَتَى يُرِيدُ الذَّهَاب
خشک لب، میگشت، حیران، راه جو
       بِشِفَاهٍ جَافَّةٍ، حَائِراً، يَبْتَغِي مَخْرَجاً
زیر و بالا ، بسته هر سو راه او
          دُونَهُ أُغْلِقَتِ الطُّرُقُ، لم يَلْف مَخْلَصاً
روزنی می جست در دیوار و در
           بَاحِثاً عَنْ شَقٍّ في حَائِطٍ أَوْ بَاب
تا به آزادی رسد بار دگر
                سَعَى للتَّحَرُّرِ كَمَا الأَصْحَاب
هر چه بر جهد و تکاپو می فزود
          مَهْمَا طَارَ وَجَدَّ في الطَّلَب
راه بیرون رفتن از چاهش نبود
           لم يَظْفَرْ بِسَبِيلٍ للِنَّجَاةِ مِنَ الكَرَب
آنقدر کوبید بر دیوار سر
                ظَلَّ يَدُقُّ بِرَأْسِهِ الجِدارَ وَالبَاب
تا فرو افتاد خونین بال و پر
             إِلَى أَنْ غَرِقَ في دِمَاءٍ مَنَ العَذَاب
جان گرامی بود و آن نعمت لذیذ
           فَالرُّوحُ عَزِيزَةٌ وَهْيَ نِعْمَةٌ عَظِيمَة
لیک آزادی گرامی تر ، عزیز
           لَكِنَّ الحُرِّيَّةَ مِنْها أَعَزُّ وهْيَ كَريمَة



لم يمهل الولد البعوض كي يحتسي ما لذ من شراب، حتى فاجأه بشرك، أفسد عليه لذة الشراب. بل لذة الحياة.
هاهو البعوض يصارع من أجل الخلاص، البقاء، الحياة، من أجل الحرية, وهاهو الولد/الإنسان يتلذذ بتعذيب مخلوق ضعيف. ربما يتلمس كينونته، ويستشعر وجوده بالتجائه إلى هذا الفعل السادي !
فكم من سلوك من هذا القبيل القابيلي يُشعر صاحبه بالتفرد والتميز والزعامة !
طبعاً هذا يتوقف على موقف وقابلية هابيل –لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك-

هذا الشعور بامتلاك هؤلاء الساديين القدرة على انتزاع الحياة وحرمان الآخرين حريتهم، يؤهلهم أن يكونوا منبوذين بامتياز، وغير مؤهلين أن يعرفوا معنى الأشياء، فالأحرى معنى الحب والحياة والحرية.

حكايات من المثنوي المعنوي لجلال الدين الرومي

حكاية النحوي المغرور مع ربان السفينة المتواضع

شعر : جلال الدين الرومي

تعريب : د. نور القضاة



آن يکی نحوی  به کشتی در نشست
                                        رو بـه کشتیبان نهاد آن خـود پـرست
گفت هيـچ از نحـو خوانـدی گفـت لا
                                        گفــت نيــم عمــر تـو شـد در فنــا
دل شکسته گشـت کشتیبـان ز تــاب
                                        ليــک آن دم کــرد خامـش از جواب
بــاد کشتـی را بــه گردابـی فکنـــد
                                       گفت کشتی بـان بــدان نحــوی بلند
هيـچ دانــی آشـــنا کـــردن بگـــو
                                        گفت نی  ای خوش جواب خوب رو
گفـت کـل عمـرت ای نحوی فناست
                                        زانـک کشتی غـرق این گردابهــاست
محـو می بايـد نـه نحـو اينجا بــدان
                                         گـر تـو محــوی بی خطـر در آب ران
آب دریــا مــرده را بــر ســـر نــهد
                                        ور بــود زنــده ز دریــا کـــی رهــد
چـون بمـردی تـــو ز اوصــاف بشـر
                                         بحـر اسـرارت نهــد بـــر فــرق سـر



جلس أحد النحاة في السفينة،


ونظر ذلك المغرور إلى صاحبها


وقال هل تعرف شيئا في النحو؟ فقال : لا.


قال: نصف عمرك ذهب هدراً


إنكسر خاطر صاحب السفينة


ولكنه سكت ولم يجب


ألقت الريح السفينة في دوامة


فصاح صاحبها للنحوي بصوت عال :


هل تستطيع السباحة ؟


قال: لا يا فصيح اللسان وحسن الوجه


فقال له: كلّ عمرك ذهب هدراً


لأن هذه السفينة ستغرق في البحر


ما يلزمك في هذه الدنيا هو (المحو) لا (النحو)


فإن محوت (النفس) فخض البحر بلا خوف


ماء البحر يرفع الجسد الميت ويجعله يطفو


والجسد الحيّ لا يفارق البحر ويغرق


إذا ما ماتت فيك الصفات البشرية ( تخلصت من صفاتك الدنيوية)


فإن بحر الأسرار سيرفعك عالياً.



من ديوان (المثنوي)

اللغة الفارسية في القرآن الكريم (د/ أحمد موسى)

    الدخيل الفارسي في اللغة العربية من القضايا المهمة التي تناولها القدماء بالدرس والتبيين، خاصة أصحاب المعاجم منهم، ويحظى هذا الدرس بالأهمية القصوى حينما يتعلق الأمر بالنص القرآني الكريم، لما لذلك من تأثير على الدراسات اللغوية والدينية. وقد تبايت آراء العلماء المسلمين حول وجود المعرب الفارسي في القرآن الكريم بين مجوّز ورافض وواقف موقفاً وسطاً. ونحن في هذه المقالة، أشرنا لماماً إلى هذه المواقف، وركّزنا البحث في استنباط المفردات الفارسية أو ذات الأصل الفارسي الموجودة في القرآن الكريم، وقمنا بعرضها على طاولة الدرس، مستأنسين ومستشهدين بكتب المعاجم والمعرّبات القديمة والحديثة..وقدمنا للقارئ والباحث ثبتاً بجميع المفردات الفارسية الواردة في كتاب الله العزيز مع توثيقها، وتقديم الشروحات اللازمة...
     وقد نشرت هذه المقالة مؤخراً في مجلة كلية الآداب والعلوم الانسانية بالجديدة، في عدد رقم 14 من سنة 2013.
     مما جاء في المقالة :
ملخص المقالة :
    كان أخذ العرب من اللغات الأجنبية قليلاً، لأن صلتهم بغيرهم كانت محدودة. ولعل الصلة الطويلة والقديمة بالفرس هي الأبرز والأدعى إلى اقتباس الألفاظ الفارسية قبل غيرها وأكثر من غيرها، فقد استمرت تلك الصلة ما يزيد على عشرة قرون، بل إن علاقات الجوار والحدود لم تنقطع أو تغلق، بصرف النظر عن طبيعتها السلمية أو الحربية أو التجارية. لكننا من بين سائر الكلام العربي سنركز الحديث في هذه المقالة على القرآن الكريم باعتباره تضمَّن مفردات فارسية ليست بالقليلة، ولأن المعرَّب فيه من المواضيع المهمة لما له من تأثير على الدراسات العربية والدينية واللغوية. وقد تباينت وجهة نظر العلماء في وقوع المعرب في القرآن الكريم، وتضاربت حوله الآراء قديماً وحديثاً. وقد تناولت هذه المقالة بالشرح والتحليل أمثلة عن المعجم الفارسي الوارد في القرآن الكريم (.............................)
   المعجم الفارسي في القرآن الكريم :
    إذن بعد هذه الإشارات الوافية حول موضوع الدخيل الفارسي في اللغة العربية، نصل إلى صلب موضوع هذه المقالة، ونسرد في هذا المبحث واستناداً إلى رأي علماء اللغة والتفسير الذاهبين إلى إمكانية وجود الدخيل في القرآن الكريم، نماذج وأمثلة من المعجم الفارسي الذي توصلنا إلى فارسيته بالرجوع إلى أغلب كتب اللغة والمعاجم الثنائية، وكذا معاجم المعربات المشهورة في هذا الباب والدواوين الشعرية وغيرها، وتأتي هذه المفردات مرتبة على حروف المعجم متبوعة بشرح وافٍ عن أصلها ومعناها والاختلاف القائم بشأنها في بعض الأحيان :
أباريق :
يقول تعالى في كتابه العزيز : (يَطُوفُ عَلَيهِم وِلْدانٌ مُخَلَّدونَ بِأَكْوابٍ وَأَباريق وَكَأْسٍ مِنْ مَعين) (سورة الواقعة، الآية 18).
أباريق جمع (إبريق) وحسب ما صرَّح به أرباب اللغة أنها مشتقة من الكلمة الفارسية (أبريز)، وهي مركبة من آب : ماء وريز : مشتق من ريختن بمعنى سكب، وهو القدح الذي له عروة وخرطوم يُستعمل لسكب السوائل.
يقول الجواليقي في "المعرب من الكلام الأعجمي" : إن هذه الكلمة تعني في الفارسية إما طريق العبور من الماء، أو سكب الماء، وقال الراغب الاصفهاني أن هذه الكلمة مأخوذة من مادة "برق"، والتي هي كلمة عربية. وخالفه ابن دريد في كتابه "جمهرة اللغة" فقال : "وأما هذا الإبريق المعروف ففارسي معرب".

ملحوظة :
هناك بحث مختصر أنجزه الصديق الدكتور محمد عجم في نفس الموضوع باللغة الفارسية ونشره في الموقع الانترنتي : آفتاب، وتعميماً للفائدة هذا هو الرابط لمن أراد الاستزادة والاستفادة :
http://www.aftabir.com/articles/view/religion/religion/c7c1181807328_quran_p1.php/%D8%A2%DB%8C%D8%A7-%D8%AF%D8%B1-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D9%86-%DA%A9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%BA%DB%8C%D8%B1-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%DB%8C-%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF-%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%AF


تعريب مختارات من شعر جلال الدين الرومي (نقلاً عن موقع "شيرازيات")

مختارات من «شمس تبريز» لمولانا جلال الدين الرومي 

ترجمة عاشور الطويبي

جلال الدين الرومي، المشهور بـ«مولانا»، ولد في الطرف الشرقي للإمبراطورية الفارسية، في ما يُعرف الآن بأفغانستان، في مدينة بلخ سنة 1207م. الرومي سليل فقهاء كبار. هرباً من ظلم الاجتياح المغولي نزحت عائلته إلى أن وصلت مدينة قونيا بتركيا. ومن طرائف ما يُروى أن الصوفي الكبير فريد الدين العطار صاحب «منطق الطير» شاهده في دمشق يسير خلف أبيه، فقال: «محيط يسير خلف بحر».
تابع مولانا جلال الدين الرومي عمل أبيه كفقيه ومُفتٍ إلى أن حدث الانقلاب الكبير في تاريخه الشخصي وتاريخ التصوّف وتاريخ الشعر، وكان ذلك عام 1244م حين التقى بشمس التبريزي، فترك وقار الفقيه الشيخ، وساح مع ألحان الناي، يرقص ويحضر في ذرات الكون روحاً صافية وشعراً عظيماً. كتب مولانا في هذا الصحبة، وتشريفاً لها، آلاف القصائد والرباعيات. وحين غُيِّب عنه حبيب قلبه شمس التبريزي (قيل قُتل) بحث عنه طويلاً. كتب مولانا كتابه العظيم الآخر «المثنوي»، الذي ترجم الدكتور عبد السلام كفافي المجلدَين الأولَين منه في سبعينيات القرن الماضي، وترجمه كاملاً تلميذه الدكتور إبراهيم الدسوقي شتا في ستة مجلدات ضخمة. ثمة ترجمات عدّة إلى العربية لمختارات من الديوان الكبير، «ديوان شمس تبريز». وهذه ترجمة أخرى أقدمها لمختارات من هذا الشعر الكوني، عن الإنكليزية من ترجمة الأميركي كولمان باركس والتي هي من أحسن الترجمات في اللغة الإنكليزية.

حان الوقت

حان الوقت لننضمَّ إلى مجانينك
المكبّلين معاً بالسلاسل.
حان الوقت لنكون أحراراً تماماً، ومنبوذين.
حان الوقت لنهب أرواحنا،
لنشعل النار في الهياكل ونركض في الشوارع.
حان الوقت لنتخمَّر.
 كيف نتركُ حوض العالم ونذهب إلى الشفة؟
علينا أن نموت لنصير بشراً حقيقيين.
علينا أن نتغيّر رأساً على عقب
كمشط في قمّة شعر امرأة جميلة.
انشرْ جناحَيك كشجرة ترتفع في الحديقة.
بذرة ملقاة على الطريق،
حجر يذوب إلى شمع، شمعة تصير عثّاً.
على رقعة الشطرنج يبارك الملك ثانية بملكته.
حين تقترب كثيراً وجوهنا من مرآة العشق،
علينا ألا نتنفَّس،
أن ننتقل إلى مكان نقي حيث كان المبنى
ونتحسّس الكنز المخبَّأ فينا. 
بلا بداية أو نهاية،
نحيا في العاشقين كما الحكاية التي يعرفونها.
لو أنتَ المفتاح،
سنكون أوتاد القفل. 
عاشقٌ أنتَ، والعشق خمّارة 
كلّ لحظة يصل العشق من كل جانب
لا مزيد من الفرجة. 
نرحل من أجل فراغ نقيّ،
السفر مع الأصحاب الذين عاشرناهم ذات مرّة،
ما بعد الملائكة، ما بعد الروحانية، إلى مدينة العظمة مدينتا. 
حمِّل. قلْ وداعاً لهذا المكان المغبر،
حظّ فتيّ يسافر أمامنا. 
التنازل عن الروح أساس عمل هذه القافلة،
بوجود المختار دليلاً،
الذي جاء القمر يستجديه.
صبيّة متواضعة، رقيقة تتبع عطر شعره.
ينشقُّ القمر. نمرُّ عبره،
طيور الماء ترتفع عالياً لتبحث عن بحيرة أخرى. 
أو قل إننا نعيش في بحر العشق،
حيث تعمل الثقة لسدّ قارب الجسد،
لتجعله يدوم لبرهة،
إلى تحطم السفينة المحتوم،
الزواج الكلّي، الموت - الاتحاد. 
ذُبْ في الصحبة كسكرانَين يختصمان. 
لا تبحث عن العدالة هنا
في الغابة تمنحك روحك الحيوانية
نصيحةً خبيثةً. 
اشربْ ما يكفي من الخمر حتى تتوقف عن الكلام.
عاشق أنت، والعشق خمّارة
حيث لا أحد يقوم بعمل ذي معنى. 
حتى لو أن الذي تقوله شِعراً
سميكاً كسماكة أكياس سليمان المليئة بالذهب،

لا مغزى له.

لللإطلاع على المزيد يمكن مراجعة موقع شيرازيات على الرابط التالي :

تعريب قصيدة "آخرين جرعۀ این جام" لفريدون مشيري

        
               آخرين جرعه اين جام            
آخر جرعة في هذا القدح
 تعريب : أحمد موسى

فريدون مشيري (1926-2000م):
هو شاعر إيراني معاصر. ولد بطهران ودرس في جامعتها، وفي شبابه قرأ آثار حافظ وسعدي والفردوسي والنظامي، وغيرهم. من دواوينه : (عطش العاصفة) [1955]، (الغيم والزقاق) [1966]، (جوهرة الحب) [1986]، (الجميل الأبدي) [1998]، (إلى صبح إلهي مضيء) [2000].

همه می پرسند :
چیست در زمزمه مبهم آب؟
چیست در همهمه دلکش برگ؟
چیست در بازی آن ابر سپید، روی این آبی آرام بلند
که ترا می برد این گونه به ژرفای خیال؟
چیست در خلوت خاموش کبوترها؟
چیست در کوشش بی حاصل موج؟
چیست در خنده جام
که تو چندین ساعت، مات و مبهوت به آن می نگری؟
نه به ابر، نه به آب، نه به برگ،
نه به این آبی آرام بلند،
نه به این آتش سوزنده که لغزیده به جام،
نه به این خلوت خاموش کبوترها،
من به این جمله نمی اندیشم.
من مناجات درختان را هنگام سحر،
رقص عطر گل یخ را با باد،
نفس پاک شقایق را در سینه کوه،
صحبت چلچله ها را با صبح،
نبض پاینده هستی را در گندم زار،
گردش رنگ و طراوت را در گونه گل،
همه را می شنوم؛ می بینم.
من به این جمله نمی اندیشم.
به تو می اندیشم.
ای سرپا همه خوبی!
تک و تنها به تو می اندیشم.
همه وقت، همه جا،
من به هر حال که باشم به تو می اندیشم.
تو بدان این را، تنها تو بدان.
تو بیا؛
تو بمان با من، تنها تو بمان.
جای مهتاب به تاریکی شبها تو بتاب.
من فدای تو، به جای همه گلها تو بخند.
اینک این من که به پای تو در افتادم باز؛
ریسمانی کن از آن موی دراز؛
تو بگیر؛ تو ببند؛ تو بخواه.
پاسخ چلچله ها را تو بگو.
قصه ابر هوا را تو بخوان.
تو بمان با من، تنها تو بمان.
در دل ساغر هستی تو بجوش.
من همین یک نفس از جرعه جانم باقیست؛
آخرین جرعه این جام تهی را تو بنوش.

آخِرُ جُرْعَةٍ في هَذَا القَدَح
الكًلُّ يَتَسَاءَل :
مَا الشَّيءُ الكَامِنُ في هَمْسِ المَاءِ المُبْهَم ؟
مَا الشَّيءُ الكَامِنُ في هَمْهَمَةِ الأَوْرَاقِ المُبْهِجَة ؟
مَا الشَّيءُ الكَامِنُ في لَهْوِ ذَاكَ الغَيْمِ الأَبْيَض،
فَوْقَ هُدُوءِ هَذِهِ الزَّرْقَاءِ العَلْيَاء،       
يَأْخُذُكَ هَكَذَا إِلى عُمْقِ الخَيَال ؟

مَا الشَّيءُ الكَامِنُ في خَلْوَةِ الحَمَامِ الصَّامِتَة ؟
مَا الشَّيءُ الكَامِنُ في سَعْيِ المَوْجِ العَقِيم ؟
مَا الشَّيءُ الكَامِنُ في تَبَسُّمِ القَدَح ؟
الَّذِي تُحَدِّق إِلَيْهِ حَائِراً مَبْهُوتاً،
لِسَاعَاتٍ طِوَال !؟

لاَ في السَّحَاب،
لاَ في المَـــــــاء،
لاَ في الـــــوَرَق،
لاَ في هَذِهِ الزَّرْقَاءِ العَلْيَاءِ السَّاكِنَة،
لاَ في هَذِهِ النَّارِ المُحْرِقَةِ التِي انْزَلَقَتْ في القَدَح،
أَنَا لاَ أُفَكِّر في هَذَا كُلِّه.

مُناجاةَ الشَّجَرِ وَقْتَ السَّحَر،
مُراقَصَةَ الرِّيحِ لرَحيقِ الوَرْدِ البَارِد،
تَنَفُّسَ الشَّقَائِقِ في سَفْحِ الجَبَل،
حَدِيثَ السُّنُونُوَاتِ مَعَ الصَّبَاح،
نَبْضَ الوُجودِ الخَالدِ في حُقُولِ الزَّرْع،
تَنَزُّهَ اللَّوْنِ واللَّطافَةِ فِي خُدودِ الوَرْد،
أَسْمَعُ كُلَّ هَذَا،
أَرَى.
أَنَا لاَ أُفَكِّر في هَذَا كُلِّه !          

أُفَكِّرُ فِيكِ
يَا مَنْ كُلُّ ما فِيهَا جَمِيلٌ،
أَنْتِ وَحْدَكِ، أُفَكِّرُ فِيكِ.
في كُلِّ زَمَـان
في كُلِّ مَكَان
في كُلِّ حَالٍ أَكُونُ عَلَيْه أُفَكِّرُ فِيكِ
افْهَمِي هَذا أَنْتِ، وَحْدَكِ افْهَمِي !
أَنْتِ تَـعَالَيْ
أَنْتِ ابْقَيْ مَعِي، أَنْتِ وَحْدَكِ ابْقَيْ !

عِوَضَ القَمَرِ، أَنْتِ أَنِيرِي ظُلْمَةَ الَّليَالِي       
فِدَاكِ رُوحِي، عِوَضَ كُلِّ الوُرُودِ، أَنْتِ تَبَسَّمِي
الآن، أَنَا مَنْ تَوَسَّلْتُ إِلَيْكِ ثَانِيَةً،
اصْنَعِي حَبْلاً مِنْ ذَاكَ الشَّعْرِ الطَّوِيل،
أَنْتِ خُـذِي،
أَنْتِ اعِقِدِي !

أَنْتِ تَمَنَّيْ
أَنْتِ أَجِيبِِي السُّنُونُوَات !
أَنْتِ اقْرَئِي حِكايَةَ غَيْمِ السَّمَاء !
أَنْتِ ابْقَيْ مَعِي، أَنْتِ وَحْدَكِ ابْقَيْ !

أَنْتِ اغْلِي وَسَطَ قَدَحِ الوُجُود،
لمْ يَتَبَقَّ سِوَى نَفَسٌ وَاحِدٌ مِنْ جُرْعَةِ رُوحِي،
أَنْتِ احْتَسِي آخِرَ جُرْعَةٍ في هَذَا القَدَحِ الفَارِغ